عون يتوقع أن تسهّل روسيا عودة 890 ألفاً
 

اجتاز ملف إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم خطوته الأولى التي تمثلت في الاتفاق على تشكيل لجنة ثلاثية متخصصة من لبنان وسوريا وروسيا، للتنسيق بشأن خطة العودة، وهو ما ينظر إليه اللبنانيون بعين الارتياح، بالنظر إلى أن الطرف الروسي أخذ على عاتقه هذه المهمة، وقدم اقتراحاته إلى لبنان، في وقت أمل الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أن تلقى المبادرة الروسية في إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، دعم الأمم المتحدة.


وباستثناء الإعراب عن ارتياحه، لم يكشف الطرف اللبناني أي تفاصيل مرتبطة بالخطة الروسية، إذ أكدت مصادر مواكبة لزيارة الموفد الروسي أول من أمس إلى بيروت، أن لبنان لم يبدأ بعد أي ترتيبات، بانتظار ما ترشح عنه جولة الطرف الروسي، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة «هي الأولى في ملف إعادة النازحين»، لكنها شددت على أن الارتياح «ينطلق من كون الروس أخذوا على عاتقهم هذه المهمة»، فيما ستلي المرحلة الأولى «خطوات عملية تحصل لاحقاً»، وفي مقدمها تشكيلة اللجنة الروسية – اللبنانية - السورية المشتركة.


وقالت المصادر: «لا يمكن التنبؤ بالفترة الزمنية التي سيبدأ التنفيذ خلالها، فما زلنا في الخطوة الأولى، أو حتى السابقة لها»، من غير أن تنفي أن المهمة ستواجهها تعقيدات ستعمل الأطراف على حلها، بينها تصديق أوراق الولادات السورية في لبنان، أو تصديق الشهادات الجامعية، وغيرها من التفاصيل التقنية المرتبطة بعودة النازحين.


وعكست زيارة الموفد الروسي أول من أمس ارتياحاً لدى المسؤولين اللبنانيين، إذ أعرب الرئيس عون عن أمله في أن تلقى المبادرة الروسية في إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، دعم الأمم المتحدة، لوضع حد لمعاناة هؤلاء النازحين، لا سيما أولئك المنتشرون في المناطق اللبنانية. وأبلغ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان بيرنيل كارديل خلال استقبالها في قصر بعبدا أمس، أن لبنان رحّب بالمبادرة الروسية التي تم التطرق إليها خلال قمة هلسنكي بين الرئيسين الروسي والأميركي وهي تؤمّن عودة نحو 890 ألف سوري من لبنان إلى بلادهم، وأن لبنان سوف يشكّل من جانبه لجنة للتنسيق مع المسؤولين الروس المكلفين لهذه الغاية، وذلك لدرس التفاصيل التقنية المتعلقة بآلية العودة.


وفيما أعرب عون عن أمله في أن تحقق المبادرة الروسية عودة النازحين السوريين الموجودين في لبنان، لفت إلى أن الفقرة التي وردت في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن حول النازحين السوريين والذي قدّمه قبل أيام في نيويورك، لم تعكس بدقة الموقف اللبناني الذي نادى دائما بعودة طوعية وآمنة للنازحين. أما بالنسبة إلى بقية النقاط التي وردت في التقرير، فإن لبنان يعتبرها نقاطاً إيجابية. وطلب عون من كارديل إبلاغ الأمانة العامة للأمم المتحدة رغبة لبنان في التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب لولاية جديدة، من دون تغيير في مهامها أو في عددها.


الارتياح نفسه، عكسه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي رأى أن زيارة الوفد الروسي إلى لبنان تشكل منعطفاً مهماً في مصير الأزمة السورية الدامية، وما رشح عن مؤتمر هلسنكي بين الرئيسين بوتين وترمب، وقال: «إلا أن ذلك لا بد أن يفتح القنوات مع الدولة السورية لاستعادة العافية إلى العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين».


وقدم الوفد الروسي اقتراحاته إلى لبنان أول من أمس، في إطار جولته التفاوضية في المنطقة والتي شملت الأردن وسوريا، وبعد استطلاع الآراء والاقتراحات كافة، «سيعود باقتراح متكامل، يحظى بغطاء من الأمم المتحدة وبتمويل أميركي - أوروبي لتأمين العودة مع كل ما تتطلبه من مصاريف ومستلزمات عملية إعادة الإعمار»، بحسب ما قال مستشار الرئيس المكلف سعد الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان.


ونقلت وكالة الأنباء «المركزية» عن شعبان قوله: «بانتظار أن يتبلور هذا الطرح، سيتفق الرئيسان عون والحريري على تشكيل اللجنة المكلفة التفاوض. وكما بات معلوما، سيكون للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم دور أساسي فيها نظرا لدوره الأمني الذي يتناسب مع شكل اللجنة الروسية ذات الطابع الأمني، والمؤلفة بشكل عام من عسكريين من وزارة الدفاع الروسية»، مضيفا أن «الخطة تقضي بنقل النازحين بشكل أولي إلى مراكز إيواء داخل سوريا، مرورا بمراكز العبور على الحدود، إلى أن تتأمن البنى التحتية اللازمة لنقلهم إلى قراهم».


وإذ أكد أن «اللقاء طمأن المسؤولين اللبنانيين الذين لمسوا استعجالا من المجتمع الدولي لحل أزمة النزوح»، لفت إلى أن «مشهد الرؤساء الثلاثة، عكس وحدة الموقف اللبناني إزاء المبادرة الروسية، ونسف كل الكلام عن خلاف بهذا الخصوص».


من جهة ثانية، وحول التنسيق مع الحكومة السورية، أشار وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي إلى أن «اللجنة ستضع الخطة اللوجيستية لتأمين العودة، ما يوجب وضع آليات بالتنسيق مع الجهات السورية، مع ما يتطلب ذلك من تواصل بالحد الأدنى مع النظام السوري، على مستوى أمنيين أو لوجيستيين».


وشدد على أن «فتح قنوات اتصال مباشرة بين الحكومتين اللبنانية والسورية غير وارد بأي شكل من الأشكال، وهذا الموقف كرره الرئيس الحريري في الاجتماع أكثر من 6 مرات أمام مسمع الوفد الروسي، الذي تفهّمه».