أزمة الأموال اللبنانية العالقة في العراق مستمرة، إلا أن بوادر حلول تلوح في الافق، بعد سلسلة مساع بدأت من زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى العراق، وتلتها لقاءات بين الجانبين قام بها وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا التويني، واستُتبعت بزيارة لالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي تربطه علاقات وثيقة مع السلطات العراقية. ومن المتوقع أن يصل الملف إلى خواتيمه في وقت قريب، وفق أحد متابعي القضية.
 

 

الأموال اللبنانية في العراق تتوزع على مرحلتين، الأولى تعود إلى السنوات 2003 وما بعد، والثانية تعود إلى السنوات التي سبقت العام 2003، وهي أساس الأزمة. فأموال المصارف اللبنانية والأفراد والمؤسسات الموجودة في العراق والتي تعود إلى الأعوام 2003 وما بعد، اعترفت بها وبأحقيتها السلطات العراقية، وفق الوزير تويني في حديثه إلى "المدن"، ووافقت على سدادها بالشروط التعاقدية نفسها المتعلّقة بالأموال.

غير أن الأزمة تتعلّق بأموال أشخاص اعتباريين لبنانيين، وهم تجار وصناعيون وشركات، وتعود إلى الأعوام التي سبقت العام 2003، وتبلغ قيمتها نحو 953 مليون دولار (وفق أسعار العام 1993)، وتتعلق بأعمالٍ أنجزها لبنانيون في العراق في فترة ثمانينيات القرن الماضي.

وتتمثل الأزمة، وفق التويني، في أن السلطات العراقية لا تنكر وجود هذه الأموال وأحقيتها، إنما هناك إصرار على سدادها بموجب شروط نادي باريس، فيما لبنان، وفق التويني، يرفض الدخول بهذه الشروط لما فيه من اجحاف بحق الأشخاص.

ويعود رفض لبنان طريقة سداد الأموال اللبنانية العالقة في العراق بموجب شروط نادي باريس لكون هذا الأخير يتعلّق بالديون العالقة بين دولة ودولة، وهو ما لا ينطبق على الحالة اللبنانية، إذ أن الدّين المقصود ليس ديناً سيادياً إنما دين يعود إلى أشخاص اعتباريين وليس لديهم قدرة وامكانية الدول على التحمل.

ولعل أبرز شرط من شروط نادي باريس هو أن السداد يتم بعد شطب 90 في المئة من الدين، بمعنى أن يتم سداد 10 في المئة فقط من أموال اللبنانيين العالقة في العراق. وهو الأمر الذي ترفضه الدولة اللبنانية بشكل قاطع.

شروط نادي باريس لا تنطبق على حالة الأموال اللبنانية، والمطلوب وفق تويني هو أن يتم التعامل من جانب السلطات العراقية مع الأموال اللبنانية العائدة لسنوات ما قبل 2003 على غرار الأموال اللبنانية العائدة لسنوات ما بعد 2003.

يُذكر أن نادي باريس هو مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين مموّليين من 19 دولة تعد من أكبر الاقتصادات في العالم، تقدم خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون للدول المديونة بدلاً من إعلان افلاسها أو تخفيف عبء الديون بتخفيض الفائدة عليها، والغاء الديون بين الدول المثقلة بالديون ودائنيها. وقد قرر نادي باريس شطب ديون العراق عام 2004 على أن يتم سداد قيمة 10% فقط منها. ولكن هذه الشروط لا تنطبق سوى على الدول المديونة والدائنة.