تعاني المصارف من ضغوطات كبيرة في ظلّ تردّي الاوضاع الاقتصادية بموازة اعباء ضريبية اضافية بدأت بتحمّلها في العام 2018، مما أثر سلباً على مستوى أرباحها، في وقت هي بحاجة لزيادة رأسمالها من اجل مواكبة المتطلبات الدولية.
 

أعربت جمعية المصارف خلال لقائها الشهري الاخير مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عن امتعاضها من الضرائب الاضافية التي فرضها الحكومة عليها.


واشارت الى ان الضريبة المفروضة على عمليات الانتربنك وعلى ودائع المصارف لدى مصرف لبنان، تستنزف أرباح المصارف بنسب غير مسبوقة، في قت تحتاج فيه المصارف الى تعزيز رأسمالها.


ولفتت جمعية المصارف الى انه نتج عن تلك الضرائب، تراجعاً حاداً في أرباح بعض المصارف وصل الى أكثر من 50 في المئة.


من جهته أشار سلامة الى ان المسؤولين المعنييّن سبق وتعهدوا باضافة بند في موازنة 2018، تُلغى بموجبه تلك الضرائب، إلا ان المسؤولين نكسوا بوعدهم، مؤكداً انه سيتابع هذا الموضوع بعد تشكيل الحكومة.


تجدر الاشارة الى ان المطالبة بالغاء هذه الضرائب أمر مخالف للقانون رقم 497 الصادر في عام 2003 حيث تنص المادة 51 منه على إخضاع فوائد وعائدات الودائع وسائر الالتزامات المصرفية بأيّ عملة كانت، بما فيها تلك العائدة لغير المقيمين، الى ضريبة بنسبة 5%، ولم تستثن الا ودائع الدول الاجنبية والمؤسسات التابعة لها والمؤسسات الدولية المودعة لدى مصرف لبنان او الموظّفة لدى الحكومة.


إلا ان وزير المال السابق فؤاد السنيورة أصدر قرارا في العام 2003 يستثني الودائع بين المصارف (Interbank deposits) والودائع والحسابات المفتوحة باسم المصارف لدى مصرف لبنان من ضريبة الـ5%.


وبالتالي جرت العادة منذ ذلك الحين على اصدار وزراء المالية المتعاقبين قرارات مماثلة، الى ان اقرّ مجلس النواب القانون رقم 64 بتاريخ 20/10/2017 الذي تم بموجبه استحداث وتعديل بعض الضرائب والرسوم، والذي تضمن رفع معدل الضريبة المذكورة آنفاً من 5% إلى 7%. في المقابل لم يتضمن قرار وزير المال علي حسن خليل التطبيقي الاعفاءات التي ادرجها قرار السنيورة، مما بات يحمّل المصارف مع بداية العام 2018 أعباء ضريبية اضافية تقُدّر بـ480 مليون دولار في العام الحالي.


صرّوع
في هذا الاطار، اعتبر الخبير المصرفي الدكتور جو صرّوع ان عوامل عدّة مجتمعة أدت الى تراجع أرباح المصارف، وليس فقط بسبب الضرائب الاضافية على ودائع المصارف لدى مصرف لبنان او على فوائد الانتربنك.


واوضح لـ»الجمهورية» ان تلك الضرائب أتت في وقت تعاني أرباح المصارف من ضغوطات عدّة، أهمّها:


1 - رفع الضرائب على الفوائد المصرفية بنسبة 2 في المئة، «وهو ما كان له الاثر المباشر على ارباح المصارف، حيث زادت كلفة الودائع
2 - مناخ اقتصادي غير مؤاتي أدى الى تراجع نمو أعمال المصارف.
3 - فرض ضرائب على ودائع المصارف لدى مصرف لبنان وعلى فوائد الانتربنك.
4 - ارتفاع الكلفة التشغيلية للمصارف.
5 - تخصيص نسبة أكبر من المؤونات على القروض والتسليفات، نظرا الى تردّي الاوضاع الاقتصادية.


ولفت صرّوع الى ان الضغوطات على كافة المصارف كبيرة اليوم، «والمستغرب انه في ظلّ وعي كافة الاطراف حول الوضع الحرِج للبلد، لا نرى جهوداً تُبذل من اجل تسريع عملية تأليف الحكومة، رغم تكاثر الإشاعات حول وضع البلد المالي والاقتصادي».


ورأى انه من المهمّ اليوم عدم إضافة أي ضغوطات على الوضع الحالي والذي وصفه بـ»غير المُريح»، معتبرا «ان تشكيل الحكومة يؤشر الى امكانية استئناف الاصلاحات الاقتصادية المنشودة ويبعث باشارات ايجابية للداخل قبل الخارج، باننا نحاول وضع اقتصادنا على سكّة النمو».


وفيما شدد صرّوع على ان تأليف الحكومة لا يحلّ المشكلة الاساسية وهي المالية العامة، اكد ان أي خطوة يتم اتخاذها نحو اعادة جزء من التوازن للمالية العامة، تنعكس ايجابا على مجمل الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي. واعتبر في هذا الاطار، ان الاصلاح الذي وعد به لبنان خلال مؤتمر «سيدر» لناحية خفض عجز الموازنة 5 % خلال 5 سنوات، ليس كافيا لاعادة التوازن الى المالية العامة في حال بقيت الوتيرة نفسها لنمو العجز ونمو الدين العام.