يتردّد صدى الإشتباك القواتي- العوني في كلّ مكان، وكأنّ الزمن عاد الى ما قبل «تفاهم معراب» الذي يحرص كلّ فريق على التأكيد على استمراريّته رغم كل المناوشات التي تحصل.
 

يعيش المسيحيون حالاً من المراقبة لمعرفة كيف سينتهي مسلسلُ الصدام الجديد بين الفريقين المسيحيّين، في حين أنّ منسوب لغة المواجهة ارتفعت وأنزلت كل الأسلحة الثقيلة من على «الرف».


شبع المسيحيون كل أنواع حروب الإلغاء والتدمير، ويريدون العيشَ بسلامٍ للحفاظ على ما تبقّى من وجودهم، ولا تهمّهم المراكز والمناصب والوزارات بقدر ما يهمّهم الوفاق الداخلي وحماية لبنان من أخطار المنطقة.


وبغضّ النظر عن رغبة «التيار الوطني الحرّ» بالإستئثار بالمقاعد المسيحية وعدم السماح للشركاء المسيحيين الآخرين سواءٌ كانوا «قوات» أو «كتائب» أو «مردة» أو مستقلّين بنيل حقّهم، إلّا أنّ ما وصلوا إليه يحتاج الى إعادة مراجعة والتفكير بالملفات الأهم التي تشغل بال المسيحيين واللبنانيين.


وتدعو مصادر بكركي عبر «الجمهورية» كلّاً من «التيار» و«القوات» الى ممارسة السياسة بأخلاقية وديموقراطية، لأنّ ما يحصل من سجالات نارية غير مقبول».


وتأسف لأنّ الوضع وصل الى هذه المرحلة من «الشجار»، «فالساحة المسيحية تتّسع للجميع، والتجارب أثبتت أنّ أحداً لا يستطيع إلغاءَ الآخر».


وتشير المصادر الى أنّ «التنافسَ طبيعيّ بين القوى والأحزاب السياسية، لكن ضمن إطار اللعبة الديموقراطية والأخلاق السياسية، وذلك من أجل خدمة المصلحة العامة والوطن، لا في إطار المحاصصة وتقاسم الوزارات وتوزيع المغانم».


وترفض بكركي الكشفَ عمّا إذا كانت ستتدخّل لجمع «القوات» و«التيار» مجدّداً، وتعتبر أنّه في الأساس يجب أن لا يكون الحوارُ مقطوعاً بينهما، وكذلك بين أيٍّ من القوى السياسية الأخرى، لأنّ هذا البلد لا يُحكم إلّا بالتوافق والتفاهم بين جميع مكوّناته السياسية والطائفية.


من جهة ثانية، تراقب بكركي الوضعَ الإقتصادي والإجتماعي للبنانيين، وتؤكّد كل التقارير أنّ الوضع وصل الى حافة الإنهيار.


وقد تعزّزت هذه النظرة بعد تحذيراتٍ عدّة تلقّاها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وذلك إستناداً الى دراساتٍ وأرقامٍ اقتصادية.


وتؤكّد مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الوقت ليس وقت دلع سياسي أو تصفية حسابات داخلية، بل إنّ القضية تتطلّب شعور الجميع بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم وأن يكونوا على قدر المسؤولية لطرح خطّة إنقاذية».


وفي السياق، ترى بكركي أنّ «البيت ينهار من الداخل» وبعض المسؤولين يتصرّف وكأنّ لا شيء يحصل، فيما إنكار حقيقة الوضع يعمّق الأزمة ويبقي المشكلات من دون معالجات أو حلول جذرية».


لا يملك سيّدُ الصرح معطياتٍ أو وقائعَ تكشف توقيت ولادة الحكومة الجديدة، لأنّ الأمورَ عادت وتأزّمت مسيحياً وسنّياً ودرزياً، ولا تحبّذ بكركي الطريقة التي تؤلّف فيها الحكومة، خصوصاً أنّ القاعدة المعتمَدة هي توزيع الحصص وتقاسم الوزارات الدسمة، بينما الأساس يجب أن يكون اختيار وزراء من أصحاب الكفاءات تطبيقاً لشعار «الرجل المناسب في المكان المناسب».


وبغضّ النظر عن الأسماء المطروحة للوزارات، يبقى الأساسُ بالنسبة الى بكركي هو خطة العمل المستقبلية، وتحقيق الإصلاحات المطلوبة التي يطالب بها المجتمع الدولي، حيث تعتبر بكركي أنّ هذا الأمر هو واجبٌ داخلي، ولا يجب أن ننتظرَ الدول لتقول لنا إنه يجب أن نتخلّص من الفساد المستشري الذي يضرب بنيان الدولة والذي أوصل الدين العام الى ما يزيد عن 80 مليار دولار أميركي.


وتدعو بكركي الى إتمام الوفاق الداخلي ووقف السجال المسيحي- المسيحي، والانصراف الى معالجة الأزمات الكبرى وليس أكبرها أزمة النازحين السوريين التي تهدّد الكيان اللبناني في وجوده، خصوصاً أنّ الراعي لم يسمع كلاماً مشجّعاً من رؤساءِ ومسؤولي الدول الكبرى في هذا الخصوص.