الواقع انه سيكون من الصعوبة الحكم مسبقا على الاتجاهات التي ستسلكها جهود الرئيس المكلف سعد الحريري لاحتواء العاصفة الاخيرة
 

بعد عاصفة سياسية اعلامية طبعت عطلة عيد الفطر بفعل انفجار سجال واسع وعنيف بين نواب “تكتل لبنان القوي “ “واللقاءالديموقراطي “ ومع انحسار نسبي لهذه العاصفة في الساعات الاخيرة ستتجه الأنظار من غد الاثنين الى ما سيحمله المشهد الداخلي من ترجمة للتعقيدات الاضافية التي رتبتها الحرب الكلامية بين الفريقين على استحقاق تأليف الحكومة .

والواقع انه سيكون من الصعوبة الحكم مسبقا على الاتجاهات التي ستسلكها جهود الرئيس المكلف سعد الحريري لاحتواء العاصفة الاخيرة قبل اتضاح مجموعة معطيات كان يجري تداولها في الكواليس السياسية في عطلة الفطر . ومن ابرز هذه المعطيات ان الرئيس الحريري فوجئ بانفجار العاصفة الكلامية وبادر بعدما اتسع نطاقها كثيراً لتشمل عددا كبيرا من النواب لدى الفريقين المتساجلين بعنف تصاعدي الى اجراء اتصالات ببعض المعنيين في الحزب التقدمي الاشتراكي و” التيار الوطني الحر “ مستوضحا خلفيات ما جرى وما اذا كان التصعيد متصلا بعملية تشكيل الحكومة او بعوامل إخرى ودافعا نحو التهدئة والمهادنة ، ويبدو ان شيئا من هذا تحقق امس سواء كان لاتصالات الحريري دور في ذلك ام نتيجة تراجع العاصفة بعدما بلغت ذروتها . اما الجانب الاخر من المعطيات التي جرى تداولها امس فهو يتصل بالخلفية الحقيقية للعاصفة وما اذا كانت اندلعت فعلا على اثر تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط التي اصابت العهد مباشرة باسباغ نعت الفشل عليه . وليس من الواضح تماما بعد إيضاح هذه النقطة لان الالتباس احاط بما اذا كانت العاصفة هبت بسبب عملية تأليف الحكومة وما يتردد عن اتجاهات عن العقدة الدرزية كإحدى العقد الاساسية الى جانب المسيحية والسنية ام انها كانت حقيقة بسبب الموقف الجنبلاطي من قضية النازحين السوريين بمعنى انه كان وجه رسالته الى الوزير جبران باسيل في الدرجة الاولى فأصاب معه العهد . وفي ظل ذلك سيصعب الحكم مسبقا على اتجاهات التوترات السياسية قبل اتضاح المسار الذي سيسلكه الحريري شخصيا لاستكمال مهمته الصعبة اساسا والتي ستغدو اكثر صعوبة الا في حال تبينت معطيات مختلفة ومغايرة لهذا المنحى المتشائم . ولذا فان الاسبوع الطالع سيتميز بكونه الاسبوع الاختباري الاساسي للرئيس المكلف اولا لجهة استطلاع الوسائل السريعة التي سيلجأ اليها لجعل القوى السياسية تعيد صياغة مواقفها الهادئة من عملية تشكيل الحكومة ومحاولة تثبيت الهدنة النسبية بين العونيين والجنبلاطيين للانطلاق مجددا في مسار تذليل العقبات امام مشروع التشكيلة الحكومية الذي يسعى الحريري الى بنائه بمراحل متعاقبة وسريعة بدأت مع وضع تصوره لحصص القوى الاكثر تمثيلا . اما الجانب الاختباري الاخر فهو رهن مواقف الحكم نفسه الذي يجري رصد موقفه من العاصفة الكلامية الاخيرة التي طاولته بسهامها من جانب الفريق الاشتراكي وما اذا كانت تداعيات العاصفة ستدفعه الى التصلب بقوة اكبر الى جانب تياره وتكتله ام سيلتزم أخذ مسافة قصيرة عن موقف التكتل العوني كلا .

ويبقى الجانب الثالث من الاختبار الحكومي الحساس والدقيق رهنا باتجاهات القوى السياسية المختلفة امام تعقيدات التأليف وما ترتبه من احتمالات تأخير ولادة الحكومة وكذلك اتجاهات هذه القوى من التوتر الذي انفجر بين الفريقين العوني والجنبلاطي اذ ان الكثير من ملامح الاحتقانات السياسية الأبعد من تراشق الفريقين قد لاحت من خلال هذه العاصفة .