يبدو ان مصرف لبنان عدل عن قراره السابق، بيع جزء من سندات اليوروبوند التي قايضها مؤخرا مع الحكومة اللبنانية، الى الاسواق الدولية، وفضّل بيع ما قيمته 3 مليارات دولار من تلك السندات الى المصارف المحلية، بفوائد وُصفت بغير «المرتفعة» وغير «الرخيصة».
 

بعدما تراجعت قيمة سندات لبنان الاجنبية (اليوروبوند) الى أدنى مستويات لها بسبب المناخ الجيوسياسي القائم وما أثاره الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي الايراني، من مخاوف حول منطقة الشرق الاوسط، قد يكون مصرف لبنان أجّل خطوة بيع سندات يوروبوند بقيمة 2 مليار دولار الى الاسواق الدولية وفضّل إبقاء الدين السيادي في أيادٍ محلية في الوقت الحالي.


فقد اعلن مصرف لبنان أمس عن بيع سندات يوروبوند من محفظته تبلغ 3,022 مليار دولار وتُدفع بتاريخ 30 أيار 2018 على الشكل الآتي:


• 1,224,600,000 دولار أميركي بـ7% تستحق في 20 آذار 2028، بالقيمة الإسمية.
• 1,045,000,000 دولار أميركي بـ8.2% تستحق في 17 أيار 2033، بالقيمة الإسمية.
• 752,500,000 دولار أميركي بـ8.25% تستحق في 17 أيار 2034، بالقيمة الإسمية.


ووفق بيان له، «فقد زاد مصرف لبنان قيمة اليوروبوند التي ينوي بيعها، بسبب الطلب المحلي القوي، من مليار دولار إلى 3,022 مليار دولار، ولا ينوي المركزي بيع المزيد من سندات اليوروبوند من محفظته خلال سنة 2018.


الى ذلك، قامت المصارف بحسم شهادات الإيداع بالدولار بالقيمة الإسمية من محافظها وذلك لتغطية كلفة اليوروبوند المشتراة.


نتيجة لذلك، وبعد عملية المقايضة المنفذة مع وزارة المالية بقيمة 5,5 مليار دولار، خفّض المركزي مطلوباته بالدولار بقيمة 3 مليار دولار، فيما زاد موجوداته بالدولار بـ2,5 مليار دولار.


أما سندات اليوروبوند المتبقية في محفظة المركزي والبالغة نحو 4,7 مليار دولار نتيجة المقايضة السابقة المنفذة في تشرين الثاني 2017 والمقايضة الحالية، فتمثّل تقريبا 8,18% من مجموع موجوداته بالدولار.


وبناء لتعليمات وزارة المالية، سيسدد مصرف لبنان نقدا جميع اليوروبوند المستحقة وخدمة الدين المتصلة بها لعام 2018».

 

سروع


تعليقاً على الهندسة المالية الجديدة، اعتبر الخبير المصرفي جو سروع ان وزارة المالية في اطار ادارة الدين العام قامت بعميلة مقايضة مع مصرف لبنان أسفرت عن حيازته لمزيد من الدين العام بالعملة الاجنبية، وبالتالي قام بخفض محفظته من السندات الاجنبية عبر توزيعها على المصارف المحلية. واشار سروع لـ«الجمهورية» الى ان عملية المقايضة هي وسيلة في الوقت الحالي لادارة جزء من الدين العام، «قد لا تكون الطريقة المثالية لكنّها مقبولة»، لافتا الى ان عملية بيع السندات تمّت من دون أي ضغوط على المصارف.


اما عن اسباب عدم بيع السندات في الاسواق الخارجية، أبدى سروع شكوكاً حول امكانية اقبال الاسواق الخارجية على سندات لبنان الاجنبية، وفقا لاسعار الفوائد التي جرت على اساسها عملية البيع، خصوصاً في ظل التوقعات برفع اسعار الفوائد عالمياً، بالاضافة الى المناخ الجيوسياسي المتأزم المفتوح على احتمالات كثيرة ضاغطة والعقوبات الاميركية المرتقبة على حزب الله، والتي تعتبر جميعها عوامل تحول دون التخطيط للاستثمارعلى المدى البعيد.


كما رأى «ان المناخ ليس مؤاتياً بالمطلق كما انه ليس الوقت المناسب اليوم لاشراك المستثمرين العالميين في شراء سندات لبنان الاجنبية، بل يجب الترقب والتريث في المرحلة الحاضرة». وشدد على انه ليس من مصلحة لبنان زيادة عدد الاجانب من حاملي السندات اللبنانية، لأن اي مخاطر مستجدّة، قد تدفع هؤلاء الى بيع السندات والتسبّب بخفض اسعارها.


وحول أسعار الفوائد التي تمّ على اساسها بيع سندات اليوروبوند، قال سروع انها ليست مرتفعة كما انها لا تعتبر منخفضة، نظراً للمخاطر السياسية والاقتصادية التي يتعرّض لها لبنان جراء الوضع الجيوسياسي في المرحلة الحالية.


وردّا على سؤال حول رغبة المصارف في تكبير حجم محفظتها من الدين العام، قال سروع ان المصارف لا تملك حلولا أخرى، «فهي أصبحت ومصرف لبنان والدولة والوضع المالي والاقتصادي، في سلّة واحدة. وأصبح وضعها مترابطا حتى التشابك».