لم تستعد العاصمة السورية دمشق حياتها اليومية بعد الضربات الغربية العابرة دون أن تعدل من مسار الصراع الدائر، كون هذه الضربات أتت أقل بكثير من المتوقع، لكن في المقابل من الصعب نفي أن اﻻندفاعة الثلاثية (أميركا، فرنسا وبريطانيا) التي حصلت مجانية ولم تحقق أهدافاً واضحة أو تعيد خلط الأوراق في المشهد السوري
 

وتضج أروقة مبنى اﻻمم المتحدة في نيويورك بمعطيات عن تفاهم بين القطبين الروسي واﻻميركي حصل عشية الضربات الجوية، حيث كشفت مصادر ديبلوماسية لـ"لبنان 24" بأن الجانبين عقدا سلسلة اجتماعات حصلت في الأردن على مستوى القيادات العسكرية من بينها واحد ضم أطرافاً أخرى، وخلصت الاجتماعات الى ضرورة عدم استعمال السلاح الكيماوي على اﻻراضي السورية كونها قادرة على قلب الموازين على اﻻرض. 


هذا ما أدى تلقائياً لانسحاب شامل من كل المواقع التي جرى تحديدها كأهداف للضربات العسكرية، اﻻمر الذي أدى الى عملية نظيفة لم تسفر سوى عن تسجيل سقوط ثلاثة مواطنين فقط، فضلا عن تثبيت صورة واضحة لإدارة النزاع قائمة على أولوية القضاء "داعش"، اﻻمر الذي أدى لانطلاق عملية عسكرية على مقربة من مخيم اليرموك في أحياء التضامن والقدم والحجر اﻻسود. 


في نفس اﻻطار، سجلت المصادر بأن اﻻقتناع اﻻميركي بضرورة التفاهم مع روسيا رغم كل تهويل الرئيس اﻻميركي دونالد ترامب أتت بعد إنتصار وجهة نظر داخل الدائرة بأن زعزعة النظام السوري من خلال مواجهة عسكرية في سوريا تفتقر للعمق اﻻستراتيجي على مستوى إيجاد بدائل عن النظام السوري، اﻻمر الذي سيؤدي الى فوضى شاملة ستصيب المنطقة في لحظة إقليمية دقيقة ستسفر حكما عن إطلاق أذرع إيران من سوريا حتى عمق الخليج العربي.


المصادر نفسها، دحضت التحليلات التي راجت في المرحلة اﻻخيرة حيال الحضور اﻻميركي المباشر حيث أكدت بأن حوض البحر اﻻبيض المتوسط طالما كان مجالا واسعا للأسطول السادس فيما كل اﻻطراف اﻻخرى من روسيا حتى فرنسا وبريطانيا تؤمن مرور بوارجها وحاملات طائراتها عند الضرورة.


في ضوء ذلك، المشهد في سوريا أفضى إلى واقع جديد قائم على تقاسم سوريا وفق مناطق نفوذ دولية على الشكل التالي: أميركا تثبت قواعد ثابتة في الشرق والجنوب، مقابل إنتشار تركيا في مناطق محدودة في الشمال، فيما تجهد روسيا لاحكام السيطرة  التامة على اﻻجزاء التي يحررها الجيش السوري، ما يفتح الطريق مستقبلا على مخاطر تقسيم سوريا بعد استنزاف كل الحلول المطروحة والتي وصلت لطريق مسدود.