من منّا لا يحلم بوظيفة دائمة تنسيه الشقاء للحصول على لقمة العيش؟ من منّا لا يحلم بوظيفة تليق بشهادته العلمية وتنصفه في بلد لا ينصف؟ ومن منّا لا يحلم بحياة كريمة سعى لعيشها لكنّ الفرصة لم تتح له لأنّه ببساطة لا يوجد من يدعمه؟! 

 ها هي الانتخابات ستشرع أبوابها قريباً، فالنائب كما تعلّمنا في مادة التربية الوطنية هو من ينوب عنّا في الدولة، لكننا نعتبره اليوم من يسعى لتلبية مطالبنا كشعب يحتاج للمساعدة والدّعم في الطبابة، والتّعليم، والعمل، والمسكن وغيرها من الحاجات الأساسية التي يحتاجها الإنسان ليعيش حياة كريمة! وغفلنا عن دوره الأساسي المتمثّل في إصدار التشريعات والقوانين، مع العلم أن ليس هناك من تعارض بين توفير الخدمات وبين التشريعات التي غالباً ما تمسّ حياة المواطن. هل فكّرتم يا من تنتخبون أن تطلبوا مساعدة نوابكم؟ ليس كما جرت العادة في تلبية حاجاتكم، إنما مساعدته في اختيار من سيلبي لكم مطالبكم، ومن سيبذل قصارى جهده لضمان مستقبلكم المتمثل في تغيير أوضاعكم الاجتماعية والاقتصادية.

 فمهمة النائب الأساسية هي تمثيل الشعب في البرلمان الذي ينتخب أفراده لخدمة مصالح هذا الشعب، وليس لخدمة مصالحهم الخاصة. ولو أنّ الحكومة وفّرت جميع حقوق المواطنين الآنفة الذكر وعملت بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة، لما وُضع النائب في موقع "نائب الخدمات"، ولما ذهب المواطن إليه ليشكو همومه وحاجاته. من هنا يجب أن يكون الهدف من شغل المنصب النيابي هو خدمة الشعب وليس كسب النفوذ أو الإثراء سواء باستغلال المنصب أو العلاقات الشخصية! ومتى أحسنتم اختيار نوابكم، ستنالون ما تريدون شريطة أن تختاروا من يستطيع تحمّل المسؤولية، ومن لديه القدرة على الاهتمام بشؤونكم، لذلك يجب أن يكون المواطن واعياً في اختيار النائب الأمثل الذي لا يحرمه كي يكسبه مرة أخرى وأخيرة بل من يدعمه ويساعده لكسبه مرات!

متى سيكون لبنان مزدهراً في جميع المجالات؟ ليس من العدل أن يشقى إنسان للحصول على فرصة عمل بينما الآخر تُقدّم له على طبق من فضة! وليس من العدل أن يدفع المواطن نصف راتبه بدل اشتراك المياه والكهرباء والنصف الآخر بدل إيجار منزل! وليس من العدل أن يموت طفل على باب مستشفى لأنه غير مضمون ولا يوجد مال ليُسمح له بالدخول! وليس من العدل أن يموت إنسان بسبب الحُفر التي ملأت بطون الطرقات! أليس كل ذلك من حق اللبناني ومن واجب النائب إصلاحه؟

أيّها الناخب لا تخجل من الذين يمثّلونك في وطنك، ربما ستكون يوماً مكان أحدهم، لا تجعلهم يغيّرونك لتكون مثلهم غير مبالٍ، بل اسعَ أنت لتغييرهم، لجعهلم ينسون المناصب ويتذكَرون بالدرجة الأولى أنّهم مثلك... تماماً مثلك "مواطنون لبنانيون" .

لعلّ الحل يكون في قلب المعادلة! فيقوم المرشحون بتنفيذ خططهم ومشاريعهم "قبل بسلف" كما يقولون، وما أجمل أن يبدأ كل مرشح بتحسين البنى التحتية في منطقته، ويقدّم المساعدة لكلّ من يحتاجها، وبذلك يحصل على ثقة ناخبيه الذين يجبرهم أحياناً على اختياره لأنه "زعيم"! فينتخبهم عن طيب خاطر، بدل أن يتنافسوا على مشاريعهم الفاشلة التي حفظها الصغير قبل الكبير لتكرارها والوعد بتنفيذها لكن "ع الوعد يا كمّون". متى سنخرج من هذه الفوّهة التي ستحيلنا رماداً إذا ما استيقظنا من هذا السّبات الذي ما زلنا فيه منذ سنوات؟ ألم يحن الوقت للتغيير والحرية؟ إن من الصعب تذكّر المهاجرين اللبنانيين وبخاصة الشبيبة الذين لم يجدوا من يحتضنهم ويدعم أفكارهم، فتاهوا في بلاد الاغتراب سعياً وراء تأمين حياتهم، أبدعوا هناك وليتهم لم يبدعوا! لأنهم نالوا الموت جزاء! إنّه لمن المضحك أن يكون لدى أحدهم كنز ويقدّمه لغيره...

لبناننا، أيّها البلد الجميل بكلّ ما فيك! نتمنّاك أّمّاً تعيد احتضان جميع أبنائها الذين فرّقتهم المصالح وأنستهم المناصب أنّهم إخوة من دم واحد ورحم واحد.

(زهراء السيد)