رغم مضي نحو 3 أشهر على أزمة الاسكان المتمثلة بتوقف المؤسسة العامة للاسكان عن اعطاء القروض المدعومة من مصرف لبنان، لم تطرح الحكومة بعد اي سياسة اسكانية بديلة، انما اكتفت امس باقتراح خفض رسوم التسجيل. إلى أي مدى يمكن لهذا التدبير أن يكون ناجعا وأن يساهم في تحريك القطاع؟
 

لم تقدم موازنة العام 2018 التي اقرت امس في لجنة المال واحيلت الى المجلس النيابي جديدا، فالعجز على حاله، لا خطة اقتصادية طويلة الامد تمهّد لاعادة انعاش الاقتصاد، ولا تحفيزات تشجّع على الاستثمار وتحرك عجلة النمو، انما تكتفي الحكومة بتقديم بعض المسكنات لمواجهة أزمات مالية تكاد تودي بالدولة الى الافلاس.

وفي ظل عجز الحكومة عن تقديم اي حلول لأزمة الاسكان، أدرج امس بند في الموازنة يقضي بخفض رسوم التسجيل العقارية للمباني والشقق السكنية، الى النصف تقريباً.

ووفق ما ورد في الموازنة تستفيد من هذه التخفيضات الوحدات غير السكنية التي لم تسجّل بعد لمدة ستة أشهر فقط، فيما ستخفّض رسوم تسجيل الشقق السكنية التي لا يتعدى سعرها الـ 250 الف دولار اميركي الى نسبة الـ3% بدلاً من 6% من دون أي أفق زمني محدد، على ان تتدرّج الرسوم صعوداً بالنسبة الى الشقق ذات الأسعار المرتفعة فوق هذا الحد.

طورسركيسيان

في هذا السياق، اعتبر عضو لجنة المال والموازنة النائب سيرج طورسركيسيان ان هذا التدبير لا يعتبر بديلا او حلا للأزمة الاسكانية، انما هو لتشجيع اللبناني على التملك عبر تسهيلات تطال التسجيل. وقال لـ»الجمهورية» ان التقسيط على المدى الطويل بفوائد متدنية هو الحل الامثل لأزمة الاسكان، وخفض التسجيل هو نوع من شراء الوقت لا أكثر ولا أقل.

واعتبر ان حل أزمة الاسكان يكون عبر قرارات او خطوات تتخذها الحكومة الامر الذي لم يحدث بعد وللاسف، تلجأ الحكومة تلجأ في غالبية قراراتها الى التسويات والاعفاءات الضريبية. وشدد على ان هناك فارقا شاسعا ما بين التقسيط على مدى 30 عاما بفوائد مخفضة ومدعومة بنحو 3% وبين التقسيط على مدى 15 او 20 عاما بفوائد تصل الى 7%.

وأوضح طورسركيسيان انه وفق الموازنة فإن كل شقة يصل سعرها الى 375 مليون ليرة يتراجع سعر تسجيلها من 6 الى 3%، بينما في حال تخطى سعر الشقة الـ 375 مليون ليرة فتنخفض رسوم التسجيل من 6 الى 5 في المئة.

واعتبر ان موازنة 2018 هي تكرار لموازنة العام 2017 من ناحية الاسس المالية او التقنية بينما على صعيد القوانين فهي في غالبيتها اعفاءات وتسويات من دون رؤية مستقبلية لحل موضوع الكهرباء الذي يكلف الدولة نحو ملياري دولار، وللاسف ان كل ما تقدمه الموازنة هو مجرد «فيتامينات» رغم كل الصعوبات التي تواجهها.

فارس

من جهته، رحّب نقيب المطورين العقاريين مسعد فارس عبر «الجمهورية» بخفض رسوم التسجيل على الشقق انما لفت الى ان النقابة كانت تطالب بالغاء رسوم التسجيل كليا او اقله على مدى سنتين من اجل التشجيع على الاقبال على الشراء.

وأكد ان هذه التدابير تساعد على تحريك القطاع العقاري انما هي غير كافية، فالخطة الاسكانية تحتاج الى دراسة معمقة وموسعة والطبقة الوسطى والاقل من وسطى تحتاج الى تمويل مستدام ولا يمكن لمصرف لبنان ان يقوم بهذا الدور وحده انما هو يحتاج الى مساعدة الحكومة والقطاعين العام والخاص، بحيث يحب اعداد خطة شاملة تركز على أهمية امتلاك منزل مع تقديم كل التسهيلات لذلك.

واعتبر فارس ان ما يرهق القطاع اليوم، الرسوم الباهظة المفروضة عليه والتي تصل الى نحو 40 في المئة من ثمن الشقة، وللاسف هذه الرسوم يتكبدها المواطن، لذا نحن طالبنا بخفضها، وبما انها لم تخفض فنحن نعتبر ان قرار خفض رسوم التسجيل وحده هو قرار ناقص ولن يكون كفيلا بتحريك القطاع العقاري الذي يعاني منذ مطلع العام من الجمود.

تابع: في السابق كنا نقول ان الشقق الكبيرة الباهظة الثمن تعاني من الجمود، اما اليوم فالشقق الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم لا تباع.

الوسطاء العقاريون

بدوره، دعا نقيب الوسطاء والإستشاريين العقاريين (Real) وليد موسى مجلس النواب إلى «تحرّك عاجل قبل فوات الأوان» و«اتخاذ الخطوات اللازمة قبل انتهاء ولايته، لإنقاذ القروض الإسكانية المدعومة وتأمين استمراريتها»، مؤيداً في هذا الإطار آليتين جديدتين مطروحتين على المجلس وعلى الجهات الحكومية المعنية «تتيحان للمصارف الإستمرار في توفير هذه القروض من دون تكبيد خزينة الدولة أية أعباء مالية إضافية، مما يجنّب لبنان أزمة اجتماعية كبيرة، ويساهم في تنشيط القطاع العقاري والقطاعات الكثيرة المرتبطة به».

وإذ وصف هذا البند بأنه «مبادرة إيجابية ممتازة ومطلوبة»، رأى أن «في الإمكان تقليص هذا الخفض نصف نقطة، بحيث يصبح رسم التسجيل 3.5 في المئة، على أن يتم تخصيص الإيرادات المتأتية من نصف النقطة هذه لدعم القروض الإسكانية، وتبقى حصّة الدولة 3 في المئة».

وشدّد على أهمية «الإبقاء على القروض الإسكانية المدعومة بأية طريقة، كونها تجعل امتلاك الوحدات السكنية في متناول ذوي الدخل المحدود والمتوسط الذين يخصّصون جنى العمر لتحقيق حلم امتلاك مسكن».