"إنّك لا تعي حقًا معنى الموت إلاّ حينما تعرف الحب"، كاثرين هاثاواي (ممثلة أميركية) 

مثل الموت، الحب له سكرات، يغوص المحب في بحر الآلام، يتنقل ببن الصحوة والسّكرة، حتى يصل إلى مرحلة بين العقل واللاعقل، عندها يؤمن الإنسان بأنّ الحب آت لا مفر منه. 

الحب والألم خطان متوازيان لا ينفصلان، عندما نقدم شيئاً (يكذب من يقول أننا لا ننتظر المقابل)، بالطبع ليس شرطاً أن يكون ماديّاً لكن نظرة معينة، عناق بطريقة محددة أو حتى ابتسامة، وعندما لا يأتينا الرد المناسب نحزن.

وحده الحب يجعلنا نجذف عكس التيار، يتربّص بنا مثل مرض عضال لا يسعك التفلّت منه. هذه الحالة من الهذيان تجعلك تغوص في بحر من الآلام لا تقوى على العودة منه. فلا نصل إلى السعادة في الحب إذا لم يكلل بالآلام من كل جهة وصوب... يصعب عليك إدراك الفرح إذا لم تذق طعم الحزن يوماً، وكذلك الحب.

هل نقع في الحب من النظرة الأولى؟

قطعاً لا! فالنظرة الأولى تقتصر على المظهر الخارجي. من الممكن أن نقع في مرحلة الإعجاب، بيد أنها لا تتحوّل إلى حب إذا لم تعزّز بالوقت والإهتمام والكثير من التفاهم، وفي بعض الأحيان لا تتخطى مرحلة الإعجاب الآنية بعد الإتصال المباشر مع الشخص المنشود.

حب أحادي الطرف

لا يوجد حب من طرف واحد، فمفهوم الحب لا يحدث إلا بين طرفين، وغير ذلك فهو حالة من النقص يسعى المرء الى إشباعها، وتندرج في إطارالحب وفق إعتقاد الواهم.

أما نظرية الحب فهي إنصهار بين شخصين ليصبحا كائنًا واحدًا، فحتى وإن لم يتصلا جسديًا، يكفي أن تكون الأفكار متقاربة والهواجس واحدة: تحب ما يحب، تبغض ما يمقت (حتى تصبح تعشق لونه المفضل أو أكلته المفضلة).

وفي بعض الأحيان يجمَع الحب شخصين مختلفين، كأن يحب واحد العزلة ويعشق الآخر السهر والصخب.

تجدر الاشارة الى أن الحب لا يولد عند الفرد من فراغ ، فالطرف الآخر يُقحم بهذه المعضلة وأنا على يقين بأن الحب لا يخلق في قلب فرد ما تجاه شخص آخر، الا ويكون هناك ذرّة حب داخل هذا الأخير.

قد يتساءل البعض... هل يتبدل الحب مع الظروف؟ نعم الحب يتبدل مع الظروف، فاما ينضج او يخمد، او يحترق ويحرق كل ما يعترض طريقه.

السطحية

في ظروف أخرى يكون الفراغ العامل الأساسي والمحرك الأول للدخول في علاقة ما. الحب الذي يتكون من فراغ ليس حباً بل هو حالة من حالات التراتبية يسعى المرء من خلالها الى كسر روتين أو الى تغيير رتابة إجتماعية. فالحاجة الى الدخول بعلاقة تجعل المشاعر تنمو وتنضج لتصل إلى الذروة على أسس غير صحيحة، لكن هذه العلاقة تتلاشى عند أول حائط ترتطم به أو عند دخول طرف ثالث على الخط... فيقلب هذا الأخير الموازين برمتها ويكون الحل هنا الانسحاب من هذه العلاقة الثلاثية البعد.

في الختام، الحب هو نوع من الولع يجعل المرء عاشقاً للتفاصيل، وفي تجدّد دائم. فالحب يجعلنا مثل الأطفال لا نكبر مهما ازدادت سنوات عمرنا، ويبقى المعضلة الوحيدة التي لا تفسر ظروفها ولا أسبابها ولا نتائجها.