على مرمى ساعات قليلة من جلسة مجلس الوزراء ظهر اليوم في السراي الكبير، جاهر الرئيس ميشال عون بأكثر من موقف يتعلق بأزمة مرسوم الاقدمية وجدوى الاحتكام إلى القضاء، والامتثال إلى قراراته، فيما طرأ موقف مستجد على أداء حزب الله، إذ سرَّب عبر مصادر إعلامية ان «المعطيات تُشير إلى ان مساعي حل المرسوم الأزمة متواصلة»، وصولاً إلى طاولة الجلسة الوزارية «الساخنة بملفاتها».
وعشية الأيام القليلة الفاصلة عن آخر مهلة قانونية لصدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب مجلس نواب جديد على أساس قانون النسبية، سادت أجواء من الضبابية والتشكيك بإمكان تمرير بند تمديد مهلة تسجيل المغتربين في الانتخابات النيابية، وهو مشروع القانون الذي سيتقدم به اليوم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل للجلسة.
ولم تقتصر أجواء الحذر على المجادلات التي يمكن ان تحصل اليوم بين وزراء تكتل الإصلاح والتغيير ونظرائه وزراء «أمل»، وربما ينضم إليهم وزراء اللقاء الديمقراطي، في ضوء ما نقل عن لسان وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة: «نقول لباسيل وغيره، وقفولنا لعبة سحب الارانب من البرنيطة، ووضع طرح بين الفترة والأخرى قد يؤثر على صدقية الانتخابات ونقل القانون إلى مكان آخر».. بل قد يتطرق إلى مطالب وزير الزراعة غازي زعيتر، على الرغم من ادراج بعضها على جدول الأعمال.
والذين التقوا وزير المال علي حسن خليل، نقلوا عنه ان إصرار باسيل على مشروع قانون معجل لإدخال تعديلات على قانون الانتخاب لتمديد مهلة تسجيل المغتربين إلى 15 شباط المقبل سيفتح الباب امام مجموعة كبيرة من التعديلات، محذراً من نيات لتأجيل الانتخابات، فالوقت أصبح ضيقاً، وهو أعلن، وفقاً للذين التقوه، انه سيبلغ مجلس الوزراء هذا الموقف، مستبعداً اللجوء إلى التصويت، ومؤكداً ان تعديلات باسيل لن تمر.
وقال النائب إبراهيم كنعان رداً على ما قاله عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي: ان القانون النسبي جاء نتيجة رفض التمديد، مشيراً إلى ان التمديد عدّة أشهر كان بسبب الإصلاحات التي دخلت عليه.. معتبراً ان عدم إدخال الإصلاحات هو مخالفة للقانون، داعياً إلى التصويت في مجلس الوزراء على البند الذي سيتقدم به الوزير باسيل.
ومساءً، استقبل الرئيس سعد الحريري النائب وائل أبو فاعور، موفداً من النائب وليد جنبلاط، حيث جرى التطرُّق إلى المرحلة التي بلغتها الاتصالات في ما خص مرسوم الاقدمية..
وإذ امتنع النائب أبو فاعور عن الخوض في ما جرى بحثه مع الرئيس الحريري، علمت «اللواء» ان المساعي جارية، وأن كل طرف سيعرض وجهة نظر ممّا سيطرح خلال الجلسة اليوم، لا سيما في ما خص بند تعديل قانون الانتخاب، حيث ستبدي كل جهة وزارية وجهة نظر مما هو مطروح.
واستبعدت مصادر معنية حصول تصويت، وقالت ان الوضع الحكومي هو تحت السيطرة، بعدما تمّ فصل مرسوم الاقدمية عن العمل الحكومي.
«كباش» داخل الحكومة
وعليه، يمكن القول ان كل الأنظار ستكون مشدودة اليوم إلى ما يمكن ان تخرج به جلسة مجلس الوزراء من نتائج على صعيد البند 24 المطروح امامها، والمتعلق بتعديل مهلة تسجيل المغتربين للانتخابات إلى 15 شباط المقبل، باعتباره بنداً خلافياً ومن متفرعات الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية على مرسوم اقدمية ضباط دورة العام 1994.
وإذا كان لا أحد من الوزراء يعرف ماذا يمكن ان يحصل في الجلسة اليوم، بحسب استقصاء سريع لـ«اللواء»، فإن الثابت ان «الكباش» الدائر بين الرئاستين مرجح ان ينتقل إلى داخل الحكومة رغم الجهود المضنية التي بذلها ويبذلها الرئيس الحريري لتحييد الحكومة عن الصراع الرئاسي، خصوصاً إذا ما أصرّ رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل على طرح مشروع التعديل على التصويت، ورد عليه وزراء الثنائي الشيعي والثنائي الدرزي بالانسحاب من الجلسة، مما قد يُهدّد بانفجار الحكومة من الداخل.
الا ان مصادر وزارية تنتسب لـ«القوات اللبنانية» استبعدت لـ«اللواء» احتمال وصول الحكومة إلى هذا السيناريو، مشيرة إلى ان أكثر من ثلث أعضاء الحكومة (13 وزيرا على الاقل) سيقفون ضد مشروع التعديل وهم وزراء الشيعة الستة والدروز الثلاثة مع وزراء «القوات اللبنانية» الأربعة، بمن فيهم ميشال فرعون، وهؤلاء يُمكن ان يشكلوا الثلث المعطل للقرار الحكومي في حال طرح الموضوع على التصويت، وهو ما ليس واردا لدى الرئيس الحريري، رغم انه يميل إلى تأييد مشروع باسيل.
وتضيف المصادر الوزارية، وعلى فرض حصل توافق في مجلس الوزراء على تعديل المهل، فلا بدّ ان يذهب كمشروع قانون إلى المجلس النيابي وهناك سيكون الرئيس نبيه برّي له بالمرصاد، وهو سبق ان أعلن ان المجلس سيكون مقفلا امام أي احتمال لتعديل قانون الانتخاب، عدا عن ان المجلس سيحتاج إلى دورة استثنائية، والمشروع ليس امرا طارئا لفتحه بدوره استثنائية.
وختمت متسائلة عن الفائدة التي يُمكن ان نجنيها من تمديد مهلة تسجيل اقتراع المغتربين، وكم سيزيد عدد الذين سجلوا أنفسهم طالما ان الحملة الإعلامية التي استنفرت هؤلاء لم تحقق سوى تسجيل 90 ألف مغترب، فهل كل هذا الأمر يحرز هذه «الطوشة» لمجرد تمديد المهلة 20 يوماً.
وليس بعيدا عن هذا السيناريو المتفائل بإمكان تجاوز مجلس الوزراء قطوع تعديل قانون الانتخاب. لفتت مصادر وزارية أخرى لـ «اللواء» ان المشهد غير واضح داخل مجلس الوزراء اليوم، الا إذا تدخل الرئيس الحريري لمنع الانفجار المتوقع على خلفية البند المطروح.
وأوضحت أن كل الاحتمالات واردة بما في ذلك التصويت أو حتى سحب الموضوع أو أي نتيجة سلبية كانفجار أو غيره.
 وأفادت أن سلسلة اجتماعات عقدت قبيل اجتماع المجلس حول مسار الجلسة، وبات واضحا بالنسبة للمصادر أن الانقسام كبير حول هذا البند.
 وإذا كان وزراء «أمل» و«حزب الله» و«المردة» والقومي والاشتراكي يعارضونه فإن وزراء «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» يؤيدونه ، ما يرجح كفة السير به إلا إذا حصلت مفاجأة ما.
 وقال وزير الاقتصاد رائد خوري لـ«اللواء»: لا أفهم سبب المشكلة من بند من شأنه أن يعزز نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية، موضحا أنه ليس بالضرورة حصول اشتباك، داعيا إلى مقاربته بشكل إيجابي.
 وكان الوزير مروان حمادة كرر عبر «اللواء» تأكيد عدم مشاركته في جلسة اليوم اعتراضا على عدم تخصيص جلسة للملف التربوي وإدراج مشاريع مراسيم وزارته، وقال إنه ضد تعديل المهل. 
وعما اذا كانت الجلسة حامية أجاب: «يصطفلو».
 وعلم أن وزير حزب الطشناق أواديس كيدانيان موجود خارج لبنان. في حين أكدت مصادر الحزب الديمقراطي اللبناني لـ«اللواء» أن الوزير طلال إرسلان لم يحسم موقفه بانتظار ما سيكون عليه النقاش في المجلس. مع انه يميل إلى تأييد وجهة نظر الرئيس برّي.
وعلم أيضاً ان وزراء «التيار الحر» سيعقدون اجتماعاً قبيل الجلسة الحكومية لتقرير الموقف الذي سيتخذونه داخلها.
وكان وزير المال علي حسن خليل أكّد أن «بند تعديل قانون الانتخاب لن يمر وهناك اتفاق بين القوى السياسية على عدم تعديله خوفا من فتح بازار التعديلات»، مشيرا إلى ان «وزراء حركة أمل وحزب الله وتيار المردة ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين طلال أرسلان سيصوتون ضد التعديل في مجلس الوزراء الذي وإن مرّ في الحكومة لن يمر في مجلس النواب.
وفي إشارة لافتة لفت خليل إلى انني «اعد ردا على هذا المشروع والذي سيكون عنيفا ومبنيا على الاتفاقات المسبقة بين الجهات السياسية»، مشيرا إلى انه «في حال أرادوا تأجيل الانتخابات أو تطييرها، فليصارحوا اللبنانيين ولكن نحن لن نقبل بذلك. في إشارة إلى ما يتردد في الكواليس عن رغبة لدى بعض الافرقاء بتأجيل الانتخابات فترة قصيرة انطلاقا من الاشتباك على الإصلاحات الانتخابية.
وفي تقدير مصادر سياسية ان تصاعد الخلاف على مرسوم الاقدمية، ولا سيما بعد رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، والذي أكّد عدم جواز توقيع وزير المال على المرسوم إلى جانب تواقيع رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الدفاع، سيؤدي إلى توسع الاشتباك السياسي ليرقي إلى تبادل الاتهامات حول رغبه دفينة بتأجيل الانتخابات وهو ما عبر عنه الرئيس برّي لمشروع باسيل اصفا اياه في خانة السعي للتأجيل وفتح شهية الكثيرين - كما قال- على تعديلات أخرى تؤدي إلى تطيير الاستحقاق الانتخابي.
وكشفت هذه المصادر عن أحد العارفين في الكواليس الانتخابية، عن اتجاه لا يزال «ابطاله» مجهولين يقضي بتأجيل الانتخابات مُـدّة ستة أشهر حدا أقصى، لكي يكون المجلس النيابي الجديد هو من ينتخب رئيس الجمهورية المقبل في العام 2022، بعد انقضاء مُـدّة ولاية الرئيس عون.
رسائل عون
ومهما كان من أمر الاشتباك المستحدث، فإن الرئيس عون استعاد أمس الحديث عن أزمة مرسوم الضباط، في مناسبة استقباله أعضاء السلك الديبلوماسي، وامام الرهبنة الأنطونية لتوجيه رسائل متعددة الىمن يعنيهم الأمر، وفي مقدمهم الرئاسة الثانية، احداها ان تفسير الدستور والقانون يعود للقضاء وليس لمجلس النواب، الأمر الذي يدخل الصراع بين الرئاستين في «متاهات» جديدة، حيث يكون من الصعوبة بمكان الخروج من الأزمة الأساس، خاصة وان إحدى الرسائل اوحت بأن رئاسة الجمهورية ليست في وارد القبول باقتراح الرئيس برّي الذي ارسله إلى الرئيس الحريري عبر النائب وائل أبو فاعور، بدمج مرسومي اقدمية الضباط والترقيات، وهو ما يفسر إحجام الرئيس الحريري عن التحرّك في هذا المجال.
وكان الرئيس عون قد أكّد ان «الكلمة الفصل في سوء التفاهم حول تفسير القوانين تبقى للقضاء، مستغربا اتخاذ الخلاف على مرسوم منح اقدمية لضباط دورة 1994 الطابع السلبي.
واذ رأى خلال استقباله في قصر بعبدا اعضاء السلك القنصلي في لبنان ان «من يتابع الاعلام اليوم يظن ان الامور مشتعلة وهي ليست كذلك»، اوضح «اجرينا التشكيلات القضائية والامنية للتأكيد على ان الامن والقضاء هما الاساس الذي عليه يبنى كل شيء، والاستقرار الذي ننعم به هو نتيجة اصرارنا على ذلك».
وخلال كلمة القاها خلال مأدبة غداء اقامتها الرهبنة الانطونية بعد القداس الاحتفالي بعيد القديس انطونيوس في دير مار انطونيوس في بعبدا، اكد عون اننا «نحترم كل السلطات كما ينص عليها الدستور والقوانين، ولا نريد ان نخاصم احدا، بل على العكس، اننا نريد ان يبقى البلد مستقرا وآمنا. معروف عنا ارادتنا ببناء وطن. فالمؤسسات من دون دستور وقوانين لا قيمة لها، لانها تكون غير خاضعة لمراجع بل للفوضى، وعلى الجميع ان يفهم ذلك. بالامس كان هناك عدم تفاهم على قانون معين فطلبنا الاحتكام الى القضاء لان لبنان لديه مؤسسات، من مجلس شورى الى المجلس الدستوري، لا سيما واننا نعتبر ان للقضاء ان يفسر القوانين والمراسيم التنظيمية عندما يقع اي اشكال. وامام القضاء لا غالب ولا مغلوب، لان القضاء ينطق بالحق. لكن ان يتم رفض دور مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة والدستور، فهذا ليس اسلوبنا ولن نقبل به لاننا نبني وطنا».
اضرابات
وعلى وقع الخلافات السياسية المتصاعدة، يشهد الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، ومطلع الأسبوع الأوّل من شباط سلسلة من الاضرابات والتحركات النقابية المهنية والقطاعين.
ففي هذا الإطار أعلنت نقابة المعلمين في المدارس الخاصة الإضراب العام لجميع معلمي المدارس الخاصة الأربعاء في 24 الجاري والاعتصام امام وزارة التربية في 30 الجاري.
وحذر نقيب المعلمين في المداس الخاصة رودولف عبود من إضراب مفتوح سيكون موجعاً للجميع.