رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد: تقاطع المصالح بين شبكات الفساد والسياسيين وراء تأجيج الاحتجاجات
 

لا تختلف الحكومة عن أي من الأحزاب في الاعتراف بأن الاحتجاجات التي تشهدها عدة محافظات وأحياء شعبية داخل العاصمة تونس مشروعة، لكنها تعتقد بأن تقاطعا للمصالح بين شبكات الفساد وبعض السياسيين أدى إلى تأجيج تلك الاحتجاجات ودفعها إلى التخريب واستهداف الممتلكات العامة والخاصة.

يأتي هذا في وضع ينبئ بأن الاحتجاجات ستتوسع، وأن جهات فاعلة فيها تريد لفت الاهتمام السياسي والإعلامي الخارجي من خلال هجوم رمزي على مدرسة يهودية في مدينة جربة الساحلية (جنوب شرق).

واتهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد الأربعاء شبكات الفساد بالتحريض على أعمال العنف والتخريب التي طالت عددا من المؤسسات الخاصة والعامة عبر تجنيد الشباب، مشيرا إلى أن لهذه الشبكات مصالح متقاطعة مع بعض السياسيين ولها علاقة بالجبهة الشعبية.

وتسود الساحة السياسية ومواقع التواصل الاجتماعي اتهامات متبادلة بين مختلف الأطراف حول الجهات التي تقف وراء الفوضى.

وتقول الجبهة الشعبية إن أطرافا من تحالف النهضة والنداء تسعى للربط بين الاحتجاجات المشروعة والعنف بهدف تجريمها. بالمقابل توجّه اتهامات صريحة للجبهة من التحالف الحاكم بأنها تدفع نحو الفوضى العارمة.

وقال الشاهد في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية إن موقف الجبهة الشعبية غير مسؤول، حيث أن نواب كتلتها في البرلمان يصوتون لصالح قانون المالية ويتظاهرون ضده.

وأضاف أنه يحترم الاحتجاجات والمسيرات السلمية ضد غلاء المعيشة، قائلا إن الإصلاحات الاقتصادية والمالية إن كانت صعبة فهي تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي.

وقالت وزارة الداخلية التونسية الأربعاء إنها اعتقلت 237 محتجا بينهم متشددون إسلاميون بعد مهاجمة مقرات حكومية ومراكز شرطة وسرقة متاجر أثناء احتجاجات عنيفة الليلة قبل الماضية في حين تعرضت مدرسة دينية يهودية لهجوم بالزجاجات الحارقة.

واعتبر المتحدث باسم وزارة الدّاخلية، خليفة الشيباني، في تصريحات صحافية له، الثلاثاء، أن “الأحداث التي تشهدها تونس تحمل بُعدا إجراميا لا علاقة له بالديمقراطية والمطالب الاجتماعية”.

وتفجرت الليلة قبل الماضية مواجهات عنيفة في نحو 20 مدينة تونسية احتجاجا على رفع الأسعار وفرض ضرائب جديدة وذلك لليوم الثاني على التوالي عقب مقتل محتج الاثنين.


فريد العليبي: الحكومة في ورطة، إما الإصغاء إلى صندوق النقد وإما إلى مطالب الشعب
وذكر شهود عيان ووسائل إعلام محلية الأربعاء أن مجهولين ألقوا زجاجات مولوتوف على مدرسة دينية يهودية في جزيرة جربة التونسية الليلة قبل الماضية. وتسبب الهجوم في أضرار مادية بسيطة دون وقوع أي إصابات.

وقال بيريز الطرابلسي رئيس الجالية اليهودية في جربة “مجهولون استغلوا انشغال الشرطة بالاحتجاجات وألقوا زجاجات حارقة داخل بهو مدرسة يهودية في الحارة الكبيرة بجربة. لكن لم تقع أي إصابات والأضرار كانت خفيفة”.

ويعتقد متابعون ومحللون سياسيون أن الهجوم هدفه لفت الأنظار الخارجية إلى ما يجري حاليا في محاولة لتوظيف التركيز الإعلامي والسياسي الدولي لإحداث شروط جديدة للثورة مثلما جرى في 2011.

ويرى المحلل السياسي فريد العليبي، أن ما حدث في جربة هو محاولة للتشويش على الاحتجاجات الاجتماعية في تونس وجرها إلى مربع الفوضى من خلال استهداف التنوع الديني الوحيد بالبلاد الذي يمثله يهود جربة.

وقال العليبي في تصريح لـ”العرب”، “الحكومة في ورطة؛ إما الإصغاء إلى مطالب صندوق النقد الدولي وإما الإصغاء إلى مطالب الشعب”.

وجزيرة جربة تُعدّ معقلا لأغلب اليهود الذين يعيشون في تونس والذين لا يتجاوز عددهم 1800 شخص في كامل البلاد.

وحث حزب التيار الديمقراطي (معارض)، الأربعاء، الحكومة على التصدي للمخربين الذين يتواجدون في الاحتجاجات، مشددا على رفضه لتخريب الأملاك الخاصة أو العامة.

وقال محمد الحامدي الأمين العام المساعد للحزب (3 نواب من أصل إجمالي 217)، في مؤتمر صحافي عقده بتونس العاصمة، إن حزبه “سينخرط مع أحزاب المعارضة ومنها حركة الشعب (3 نواب)، والحزب الجمهوري (نائب واحد)، والجبهة الشعبية (15 نائبا)، ويدعم النزول إلى الشارع والتعبير عن الغضب وتأطير الاحتجاجات الحالية ضد غلاء الأسعار”.

وتوسّع نطاق التظاهرات وتطورت إلى أعمال شغب في البلاد مع صدامات ليلية إثر وفاة رجل خلال تظاهرة في طبربة غرب العاصمة التونسية.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية خليفة الشيباني إن 49 شرطيا أصيبوا بجروح خلال صدامات في مختلف أنحاء البلاد.

وأعلن شاهد عيان أن الشرطة التونسية أطلقت الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين في العاصمة بعد اقتحامهم متجرا لكارفور خلال احتجاجات مناهضة للحكومة.

وتعرض مساء الثلاثاء متجر في الضواحي الجنوبية للعاصمة للنهب. وبحسب شاهد فإن شبانا، معظمهم قاصرون، رشقوا بالحجارة الواجهات مساء مستفيدين من الفوضى بدافع السرقة خصوصا الأدوات الكهربائية. وتدخلت الشرطة وأطلقت الغاز المسيل للدموع.

ونشرت وحدات الشرطة والجيش في عدة مدن في تونس بينها سيدي بوزيد التي انطلقت منها حركة الاحتجاج في ديسمبر 2010 وشكلت شرارة الربيع العربي. وقام شبان بقطع طرقات ورشق الحجارة وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع خلال الليل.

ووقعت حوادث أيضا في القصرين (وسط) وقفصة (جنوب) والجديدة (غرب) والجبل الأحمر والزهروني وهما حيان شعبيان في العاصمة التونسية. لكن الهدوء عاد صباح الأربعاء.