فُجع آل الديراني وآل فرحات من بلدتي قصرنبا وبيت شاما المجاورتين في غرب بعلبك خلال الأيام الثلاثة الماضية برحيل ثلاثة افراد من العائلتين على التوالي جراء لعنة حوادث السير المتشابهة لجهة الصدم والمكان والتوقيت، فأدّت الى فقدان الضحايا، وهم الطفل حسين الديراني ابن الثلاث سنوات والثمانيني ابراهيم عباس الديراني والمربية وصال محمد فرحات في العقد السادس من العمر. 

الحادثة الاولى كانت في الرابع من الشهر الجاري، قرابة السابعة مساء، حين صدم جيب من نوع غراند شيروكي يقوده شاب من آل السيد المواطنة وصال محمد فرحات (مديرة مدرسة الزهراء) على طريق عام بيت شاما، مما أدى الى وفاتها على الفور قبل أن يفرّ السائق إلى جهة مجهولة ليتمّ نقلها من احد المارة الى مستشفى تمنين العام.

الحادثة الثانية في الوقت عينه عند السابعة مساء، وفي الطريق عينه، لكن ضمن بلدة قصرنبا على بُعد كيلومتر من الحادث الأول، حيث صدم مجهولٌ الثمانيني ابرهيم عباس الديراني (تاجر ألبسة)، ما أدّى الى اصابته بجروح خطرة، نُقل على إثرها الى مستشفى تمنين العام للمعالجة، ثم ما لبث أن فارق الحياة.

حادثتان متتاليتان لشخصين عزيزين يعرفهما الكبير والصغير في بلدتي قصرنبا وبيت شاما، قضيا بمشهد أراد القدر أن يجمعهما فيه الى جانب الطفل حسين الديراني الذي لم يُكمل ربيعه الثالث، حيث لم تمضِ ساعات قليلة حتى حلّت الفاجعة الصادمة، فسُجّلت الحادثة المأسوية الثالثة بوفاة الطفل على بعد امتار قليلة من المكان الذي قضى فيه الثمانيني ابرهيم على طريق قصرنيا العام، فصدمت سيارة من نوع مرسيدس بيضاء اللون، سائقُها مجهول الهوية، الطفل حسين عندما كان في منزل جدّه الواقع على مقربة من مكان الحادثة على الطريق، وحين فقده الاهل كان القدر أقوى ووُجد حسين بجسده الطريّ مضرّجاً بالدماء على جانب الطريق حيث كان هرع، لينقل الى مستشفى تمنين، وهي عينها التي استقبلت الضحايا الثلاث، وادخل العناية الفائقة من دون أن تفلح الجهود الطبيّة في إنقاذه الى حين فارق الحياة.

لفّ الحزن والاسى بلدة قصرنبا على مصاب العائلة التي خسرت وحيد والديه، وانتشرت صورته الاخيرة التي كان التقطها له والداه قبل الحادث بوقت قليل داخل محلّ تجاري، وهو يبتسم بوجه الأبيض الطفولي والعينين السوداوين، مرتدياً قبعة صفراء داخل عربته، وهم يجهلون المصير المظلم الذي ينتظرهم مع خسارة فلذة كبدهم بلحظة خاطفة.

في برهة، تحوّلت السيارات المتّجهة نحو طريق بلدة قصرنبا، الى صفحة أخيرة في رواية حياة مَن شاء القدر أن يوجدوا فيها بالرغم من أنّ الطريق العام الذي يربط كلّ بلدات غرب بعلبك ببعضها البعض، أعيد تأهيله، غير أنّ انقطاع الإنارة فيه معظم أوقات الليل، غدت عاملاً أساسياً في حصد المزيد من ضحايا حوادث السير.