قمة بكركي الروحية تجابه ترامب.. لا للتهويد وندعم الموقف الرسمي اللبناني
 

ناشد البيان الختامي للقمة الاسلامية - المسيحية الذي عُقد في بكركي من أجل القدس المرجعيات السياسية العربية والدولية للعمل معاً والضغط على الادارة الاميركية للتراجع عن قرار نقل السفارة الاميركية الى القدس بوصفها عاصمة "اسرائيل"، معتبراً أن قرار ترامب مبني على حسابات سياسية ويشكل تحدياً لأكثر من 3 مليار شخص". وشدد البيان على دعمه موقف لبنان الرسمي الرافض لقرار ترامب الجائر.

وجاء في نصّ البيان: "أعرب اصحاب القداسة والغبطة والسماحة والسيادة والفضيلة عن شعورهم بالصدمة بسبب إعلان الرئيس الأميركي السيد دونالد ترامب قراره الجائر باعتبار القدس التي هي عاصمة للدولة الفلسطينية عاصمة للاحتلال الاسرائيلي ونقل مقر سفارة بلاده إليها.

ونظراً لخطورة القرار وتداعياته، تنادوا لعقد قمّة روحية مسيحيّة - إسلاميّة لإعلان موقفهم الموحّد من هذه القضيّة التي تهمّهم جميعاً، وأصدروا البيان التالي:

أولاً : انّ القدس التي تزخر بمواقع تاريخيّة مقدّسة لدى الديانات التوحيدية ككنيسة القيامة والمسجد الأقصى، ليست مجرّد مدينة عادية كغيرها من مدن العالم. انّ لها موقعاً مميّزاً في ضمائر مؤمني هذه الديانات. وبالتالي فإنّ قرار الرئيس الأميركي المبني على حسابات سياسيّة خاصة، يشكّل تحدّياً واستفزازاً لأكثر من ثلاثة مليارات من البشر، ويمسّ عمق إيمانهم.

ثانياً : إدراكاً من المجتمع الدولي لهذه الحقيقة واحتراماً لها، فقد التزمت دول العالم كلّها بقرارات الأمم المتّحدة التي تعتبر القدس وسائر الضفة الغربيّة أرضاً محتلّة. وإعراباً عن هذا الإلتزام القانوني والأخلاقي فقد امتنعت هذه الدول عن إقامة سفارات لها في القدس المحتلة. وشاركت الولايات المتّحدة المجتمع الدولي بهذا الالتزام الى أن خرقه الرئيس السيّد ترامب بالقرار المشؤوم الذي أعلنه يوم السادس من كانون الأول 2017.

ثالثاً : إنّ أصحاب القداسة والغبطة والسماحة يرفضون هذا القرار ويطالبون بالرجوع عنه ويعتبرون أنّه، فضلًا عن مخالفته القوانين والمواثيق الدولية، فإنه يسيء الى ما ترمز اليه مدينة القدس كمدينة روحيّة جامعة يذكر فيها اسم الله عالياً في أماكنها المقدسة، وهي تشكّل بذلك موقع التقاء للرسالات التوحيدية كافة.

رابعاً : انّ تغيير هذه الصورة النبيلة للقدس، وتشويه رسالتها الروحيّة من خلال هذا القرار والتعامل معه كأمر واقع، يسيء الى المؤمنين، ويشكّل تحدياً لمشاعرهم الدينية وحقوقهم الوطنية، ويعمّق جراحاتهم التي تنزف حزناً ودماً بدلاً من العمل على معالجتها بالعدل والحكمة، تحقيقاً لسلام يستجيب لحقوق الأطراف جميعاً، وخاصة الشعب الفلسطيني المشرّد منذ أكثر من سبعة عقود.

خامساً: يتوجه المجتمعون بالتقدير الكبير للشعب الفلسطيني وخاصة أهل القدس لصمودهم وتصدّيهم ومقاومتهم الاحتلال ومحاولات تغيير الهوية الدينية والوطنية لمدينة القدس.

سادسًا: من أجل ذلك يناشد أصحاب القداسة والغبطة والسماحة المرجعيات السياسية العربية والدولية للعمل معاً بغية الضغط على الإدارة الأميركية للتراجع عن هذا القرار الذي يفتقد الى الحكمة التي يحتاج اليها صانعو السلام الحقيقيون.

كما يناشدون الرأي العام الأميركي بمنظماته الأهلية والدينية أن يرفع الصوت عالياً لتنبيه الرئيس ترامب وادارته الى مخاطر القرار الجائر الذي يزجّ الشرق الأوسط في دورة جديدة من دورات العنف التي عانى منها كثيراً.

سابعًا: يعرب المجتمعون عن قلقهم الشديد من أن يؤدي التفرد الأميركي بالانقلاب على قرار هام من قرارات الشرعية الدولية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، الى الانقلاب على قرارات أخرى بما في ذلك القرار الذي يتعلق باللاجئين الفلسطينيين لمحاولة فرض تقرير مصيرهم خارج إطار العودة الى بلادهم المحتلة، وهو أمر يشكل اعتداء على أمن وسلامة ووحدة لبنان الذي يستضيف حوالي نصف مليون لاجئ فلسطيني منذ عام 1948، والذي أكد في ميثاقه الوطني وفي دستوره على رفض التوطين شكلًا ومضمونًا.

ثامنًا: إن المجتمعين إذ يؤكدون تمسكهم بصيغة العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وعلى تمسكهم بالمبادئ الوطنية التي أقرها الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، يعربون عن دعمهم الموقف اللبناني الرسمي الرافض لقرار الرئيس الاميركي الجائر، كما يعربون عن تأييدهم للمشروع الذي طرحه رئيس الجمهورية اللبنانية أمام الأمم المتحدة باعتبار لبنان مركزاً دولياً للحوار بين أهل الأديان والثقافات المختلفة. وذلك تكاملاً مع صيغة عيشه المشترك ورسالته باحترام التعدد الديني والثقافي.

خاتمة: بمناسبة عيد الميلاد المجيد، بادر أصحاب السماحة والفضيلة إلى تقديم التهاني لأصحاب القداسة والغبطة والسيادة وتوجّهوا معًا إلى أهلهم وأحبائهم في لبنان وفي العالم العربي والعالم، وبخاصة الى الصامدين في القدس المحتلّة، داعين الله أن يجعل من هذا العيد المبارك بداية لمرحلة جديدة من العمل المشترك من أجل توطيد أواصر الأخوّة والمحبة والسلام بين جميع الناس".

وكانت القمة افتتحت قبل ظهر اليوم الخميس في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقد شارك في القمة: مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف الزين، رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، شيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، كاثوليكوس بيت كيليكيا للارمن الاورثوذكس ارام الاول كيشيشيان، بطريرك انطاكية وسائر المشرق والاسكندرية واورشليم للروم الملكيين الكاثوليك مار يوسف عبسي، بطريرك انطاكية والرئيس الاعلى للسريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك كاثوليكوس كيليكيا للارمن الكاثوليك مار غريغوار بطرس العشرين غبرويان، ممثل بطريرك انطاكيا للروم الاورثوذكس يوحنا العاشر المتروبوليت انطونيوس الصوري، النائب الرسولي للاتين المطران سيزار اسيان، رئيس المجمع الاعلى للطائفة الانجيلية في لبنان وسوريا القس سليم صهيوني، القائم بأعمال المجلس الاسلامي العلوي محمد عصفور، ممثل الكنيسة القبطية الارثوذكسية الارشمندريت رويس الاورشليمي، ممثل رئيس الكنيسة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي المونسنيور يوسف ميخا، ممثل الكنيسة القبطية الكاثوليكية الاب انطونيوس ابراهيم وأعضاء اللجنة الوطنية للحوار.

وأكد البطريرك الراعي في افتتاح القمة أنّ "قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل جائر بحقّ الفلسطينيّين والعرب والمسلمين والمسيحيين وقرار مخالف لقرارات الشرعية الدولية ولمقررات الأمم المتحدة، وللقانون الدولي".

وشدّد على "أنّنا نرفض رفضاً قاطعاً تهويد المدينة المقدّسة"، لافتاً إلى أنّ "ما نطالب به هو تطبيق القرارات الشرعية الدولية الصادرة تباعاً منذ العام 1947".

من جهته، أعلن المفتي دريان ان "القدس ليست قطعة أرض بل هي قضية العرب التي يجب أن تكون القضية الأولى والمركزية والمحورية في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي".

أما الشيخ عبد الأمير قبلان فقال "إننا أمة واحدة نستمد القوة من الله ونعمل في سبيله وننصر المظلوم ونضع حدا للظالم". أضاف: "أنا مثلني ميشال عون وجبران باسيل في موضوع القدس وعلى القمة ان تعمل بما يمليه الواجب".

من جانبه، أكد الشيخ نعيم حسن أن "المكان الذي تستقر فيه القدس هو ضمائر وقلوب المؤمنين"، مؤكدا أن "القوة الغاشمة مهما طغت فليس لها من سلطان على قلب اي مؤمن صادق". ولفت إلى أن "فلسطين أرض عربية والقدس روحها بكل ما تعنيها في الذاكرة والتاريخ والمستقبل".