تنظّم دار سائر المشرق ندوة مهمة حول كتاب "الطريق إلى الثورة العربية الكبرى 1906-1916" للكاتب الفرنسي أوجين يونغ، في قاعة المحاضرات في المعرض الدولي للكتاب العربي في بيال عند الساعة السادسة مساء، ويشارك فيها القاضي الدكتور بيتر جرمانوس والأمين العام للمنتدى القومي العربي الدكتور زياد الحافظ، ويديرها الدكتور أمين الياس.
الكتاب مكتوب باللغة الفرنسية سنة 1925 وقد قامت دار سائر المشرق بنقله إلى اللغة العربية بمناسبة المئوية الأولى للثورة التي لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه رغم أنها ساهمت في تغيير صورة الشرق العربي. وكاتبه، أوجين يونغ، مسؤول في الخارجية الفرنسية لعب أدوارًا مهمة في التنسيق مع النخب العربية الساعية إلى التحرّر وفي طليعتها "صديقه" اللبناني نجيب العازوري كاتب "يقظة الأمة العربية" سنة 1905، والتي كانت ناشطة في سبيل تحرير الوطن العربي من السيطرة العثمانية.
أهمية هذا الكتاب أنه مكتوب قبل السجالات الحالية القائمة التي تتبنى وجهة النظر المُتهمة للعرب بالخيانة لمطالبتهم بالحرية، وهو يبيّن بما لا يقبل اللبس أن الثورة العربية لم تكن وليدة لحظة استغلال سياسية إنكليزية كما يزعم البعض، بل تتويج لمساعي نضال أكثر من عشر سنوات قامت بها نخب عربية مستقلّة لم تبغِ سوى حريتها تحت الشمس.
يكشف أسرارًا كثيرة عن مخططات بريطانيا الأساسية لتولية الخديوي عباس حلمي خلافة الدولة الإسلامية بعد سقوط السلطنة والممانعة العربية لهذا الخيار. وكذلك عن دور نجيب العازوري ليس فقط في التنظير لفكرة الأمة العربية، بل أيضًا في تسليح القبائل العربية بمئة ألف بندقية فيترلي الإيطالية المعدّلة، وفي المشاركة في إنزال بريطاني على الساحل اللبناني ألغي في اللحظة الأخيرة سنة 1912، وفي الإعداد لعملية انشقاق للضباط العرب من الجيش التركي، وفي تأسيس مجلة في باريس وأخرى في مصر، وفي تقديم مشاريع سياسية للمرحلة التالية لسقوط السلطنة.
إنه بالفعل كتاب مشوّق يحتاج اللبنانيون إلى قراءته في زمن يتساءلون فيه عن الدور الواجب القيام به في مرحلة مشابهة لمرحلة الربع الأول من القرن العشرين، وفي ظل مشاكل تكاد تكون نفسها على مستوى الأزمات الإثنية والطائفية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وبخاصة أيضًا عن دور الدين في الدولة.