تحت عنوان: "آفات زراعية تضرب موسم التفاح في جبيل ومناشدات لتسريع الحلول"، كتبت ندى قزح في "الوكالة الوطنية للإعلام": مثمرة هي أراضي لبنان وغنية بتنوعها وجودتها المصقولة بتعب أيدي أجدادنا ومثابرتهم الدؤوبة على العناية بأراضيهم، إذ شكلت لهم ولعائلاتهم مصدر الرزق الأول لاستمرارية الحياة وجوهرها.

شجرة التفاح التي رافقت المزارع اللّبناني منذ خمسينيات القرن الماضي، مهدَّدة اليوم بالإنقراض. فزراعة التفاح في لبنان من حيث الإنتاج، تعتبر الزراعة الثانية بعد زراعة الحمضيات، حيث تبلغ المساحة المزروعة بأشجار التفاح حوالي 9410 هكتار، أي ما يعادل 4.16 من المساحة المخصصة لزراعة الأشجار المثمرة.

إنطلاقاً من هذا الواقع، تعلو صرخة المزارع اليوم الذي يناشد المعنيِّين حلَّ الأزمة التي تتوالى فصلاً بعد فصل، ممَّا يجعله عاجزاً عن الاستمرار ويشعر أن تعبه يذهب سدى من دون أن يلقى الدعم والمساعدة لبيع الإنتاج بسعر يؤمن له الربح، وتأمين الأسواق البديلة بعد الاضطرابات الحاصلة في الساحة العربية، وبخاصة أن السوق الإماراتي والروسي وأسواق أوروبا الشرقية أقفلت أبوابها أمام انتاجنا.

لذلك ناشد المزارعون الدَّولة التدخل والحد من هذه الخسارة، ليحافظوا على هذه الزراعة ويستمروا في حراثة أرضهم. من جهتها، صرفت الحكومة اللبنانية 40 مليار ليرة لبنانية لدعم هذا القطاع والتعويض عن الخسارة التي حصلت في العام الفائت، وحتى اليوم لم يقبض المزارعون إلا نصف المبلغ.

وهنا يسأل المزارع هل هناك ضرب للزراعة في لبنان وتحديدا مزارع التفاح؟ أين هي الدولة من التخطيط الحقيقي والجدي للمحافظة على هذه الثروة؟ وماذا عن موسم التفاح في بلاد قضاء جبيل؟

الانتاج

يبلغ الانتاج السنوي للتفاح في لبنان نحو 6 إلى 7 ملايين صندوق، ويبلغ انتاج جرود قضاء جبيل الممتد من قرطبا والعاقورة والمجدل وجرودها نحو مليون صندوق سنويا. لكن التراجع الحاصل منذ أربع سنوات حتى اليوم، يؤثر على كمية الإنتاج، وإذا لم تتحرك الجهات المعنية ستصبح هذه الزراعة متدنية، بخاصة أنه لا وجود لسياسة زراعية واضحة في لبنان من أجل تحسين الإنتاج وضرب الأوبئة المنتشرة اليوم على الأراضي الزراعية اللبنانية وتأمين الأسواق البديلة.

أوبئة..

حملت أشجار التفاح هذه السنة نصف الكمية المعتادة للموسم، فبلاد جبيل أصبحت أراضيها الزراعية موبوءة، بسبب التلوث والآفات الزراعية التي دخلت الى لبنان منذ حوالي 8 سنوات عبر فاكهة المانغا غير المعقمة، وهي "دودة الشرق الأوسط"، فانتقلت الآفة الجديدة إلى الأراضي البقاعية إذ ضربت معها قسما كبيرا من الفواكه، وما لبثت أن إنتقلت إلى كل الأراضي اللبنانية، فباتت الأرض بأكملها موبوءة.

آفات زراعية جديدة تحتاج إلى مكافحة زراعية دخلت أرضنا لتضرب المواسم، فلجأ المزارع إلى الإستعمال العشوائي في رش المبيدات والسم من دون رقابة جدية من المعنيين، للقضاء على آفة الفطريات ودودة الشرق الأوسط التي بدأت تصيب التفاحة الحمراء لا البيضاء فقط.

التوجيه إذا غائب وأدوية الرش المستوردة من الصين غير صحية والأرض موبوءة، مما إضطر المزارع إلى رش الأرض تقريبا كل أسبوع، مما يعني اضعاف الرش الطبيعي بوجود السم الصحي السليم. وما تبقى للمزارع هذه السنة بعد كل هذه المعاناة 30% من الإنتاج المحلي، و20% مما تبقى غزته الفطريات ودودة الشرق الأوسط.

وقد تم تصدير موسم التفاح هذه السنة، إلى السوق المصري الذي إستورد نسبة 70% من الإنتاج المحلي، وتراوح سعر الصندوق بين 6 آلاف ليرة لبنانية و13 ألف ليرة لبنانية حسب الجودة والنوعية.

ضاهر

وبالنسبة إلى الحلول المرجوة لإنقاذ المزارعين ولقمة عيشهم، ناشد رئيس التعاونية الزراعية في العاقورة داود ضاهر في حديث إلى "الوكالة الوطنية للاعلام" الدولة وتحديداً وزارة الزراعة والإقتصاد من أجل تأمين الموارد لشراء الأدوية الصحية والأسمدة وغيرها لمكافحة الوباء الذي ضرب الأراضي الزراعية. وتمنى أن يتم العمل على دراسة زراعة أشجار جديدة للتفاح، بخاصة أن هناك بعض الأشجار بلغ عمرها أكثر من سبعين سنة، مما يستدعي تلف بعضها وزرع أخرى جديدة.

زيدان

وفي حديث للوكالة مع الخبير الإقتصادي الزراعي وائل زيدان، أوضح أن مشروع "الإنتاج المتكامل للتفاح" هو مشروع أوروبي مدعوم من جهة خارجية أجنبية يهدف إلى مساعدة المزارع من ناحية التوجيه والتدريب والتسويق والبيع. طبق هذا البرنامج للمرة الأولى منذ خمس سنوات في تعاونية صنين بمسعى شخصي من مدير شركة زراعية لبنانية، وهو يتابع اليوم بجهود المجتمع المدني والبلديات".

ولفت إلى أنّ "نتيجة نجاح هذه التجربة، تم نقلها إلى بلدة شاتين، وهي اليوم قيد الإنشاء في بلاد جبيل من أجل الحفاظ على بيئة سليمة وصحة المزارع والمستهلك أيضا"، موضحا أن "مشروع الإنتاج المتكامل للتفاح" يهدف إلى توعية المزارعين وتدريبهم على كيفية رش الأدوية والأسمدة الصحية السليمة وتوقيتها وتعريب التفاح وكيفية توضيبه، ودعم التعاونيات الزراعية من أجل المتابعة والمراقبة الدائمة. كما يهدف إلى تأمين الأسواق البديلة وبيعها مما يزيد من ربح المزارع إلى 50 % بكلفة أقل ب 30%.فالسوق الروسي وحده قادر على استقبال إنتاج لبنان سنويا، شرط أن يكون التفاح خاضع للممارسات الزراعية الطبيعية والصحية".

فما هي الإجراءات التي إتخذتها الدولة لمحاربة الفساد البيئي والزراعي؟ هل يكافح المزارع ويثبت في أرضه وهو يتكبد الخسائر سنة بعد سنة؟ وماذا يبقى غدا من لبنان الأخضر؟