بعد اللغط الذي أثاره التصريح الأخير للرئيس الإيراني حسن روحاني والذي تعرّض فيه لسيادة لبنان واستقلال قراره الوطني بشكل خارج عن المألوف والمتعارف عليه في العلاقات والأصول الديبلوماسية بين الدول، وما أعقبه حينها من ردّ رسمي رافض لهذا التصريح على لسان رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مشدداً على كون «لبنان دولة عربية مستقلة» لا تقبل الوصاية من أحد، استرعت الانتباه أمس زيارة مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي على رأس وفد إلى السراي الحكومي حيث أكد بعد لقائه رئيس مجلس الوزراء أنّ بلاده «تدعم استقلال لبنان وقوته وحكومته وتحفز وترحب بذلك»، وهو ما قرأ فيه محللون على دراية بخلفيات هذا الموقف «رسالة واضحة من طهران أرادت تظهيرها من السراي على لسان ولايتي تصويباً وتوضيحاً للموقف الإيراني الرسمي إزاء سيادة واستقلال لبنان تبديداً للّبس الذي حصل جراء تصريح روحاني». في وقت كشفت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ الحريري، ومن ضمن المواضيع الوطنية التي أثارها مع ضيفه الإيراني، طلب من مستشار المرشد بذل الجهود لوضع حد لمعاناة المواطن اللبناني المسجون في إيران نزار زكا والمساعدة على إطلاق سراحه. 

وكانت لرئيس الحكومة سلسلة مواقف لافتة أمس خلال رعايته مؤتمر «حماية الإبداع الإعلامي من القرصنة» في السراي، برز في شقها السياسي تصدّيه لكل أنواع ومحاولات القرصنة التي تتعرض لها إنجازات الحكومة سواءً على مستوى الأمن والاستقرار أو لناحية ما حققته في أقل من 10 أشهر، وصولاً إلى تشويه حقيقة سياسة «ربط النزاع» والتسويات الوطنية المُبرمة لحماية البلد تحت سقف التمسك بالثوابت والسيادة والاستقلال والمحكمة الدولية والقرارات الدولية، مصوّباً في السياق نفسه على «محاولات قرصنة» عروبة لبنان من خلال بعض الأصوات التي تهدف إلى «ضرب علاقاته بإخوانه العرب وتزوير نوايا اللبنانيين تجاههم وتزوير نوايا إخواننا العرب تجاهنا وتزوير هوية لبنان العربية وتزوير انتمائنا للعروبة ووقوفنا الدائم مع الإجماع العربي والمصلحة العربية»، ليختم متوجهاً إلى اللبنانيين بالقول: «ثقتي كبيرة بأنكم أقوى بكثير من محاولات التزوير، وأذكى بكثير من أن تنطلي عليكم محاولات القرصنة».

لجنة الانتخابات

وقبيل مغادرته إلى المملكة العربية السعودية في زيارة عمل، علماً أنه سيتوجه نهاية الأسبوع الجاري إلى مصر تليها زيارة أخرى إلى اليونان، ترأس الحريري في «بيت الوسط» اجتماعاً أمس للجنة تطبيق قانون الانتخابات، وأفادت مصادر وزارية «المستقبل» أنّ المراوحة لا تزال هي الطاغية على أجواء هذا الملف تحت وطأة تمسك كل من الأفرقاء بموقفه حيال مسألتي البطاقة البيومترية والتسجيل المُسبق لتصويت الناخبين خارج دوائر نفوسهم. 

وإذ أشارت إلى أنّ اتفاقاً مبدئياً حصل على تلزيم طباعة البطاقة البيومترية عبر إجراء مناقصة شفافة لهذه الغاية، كشفت المصادر أنّ رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عبّر بشكل واضح وصريح أمام اللجنة أمس عن معارضته الشديدة لذلك انطلاقاً من خشيته من «تطيير المهل» في حال الشروع في موضوع المناقصات، مقترحاً في المقابل تلزيم البطاقة البيومترية بالتراضي لتلك التي ستُستخدم في الـ»ميغا سنتر» فقط على أن يتم لاحقاً اعتماد المناقصة للهوية البيومترية المنوي إعدادها لعموم المواطنين بعد الانتخابات.

أما بخصوص مسألة التسجيل المُسبق، فلا تزال المواقف على حالها بين رفض «التيار الوطني الحر» هذه المسألة وتمسك «حزب الله» و»حركة أمل» بها، في حين طرأ تعديل طفيف في موقف باسيل من الموضوع تمثل بإبداء استعداده القبول بالتسجيل المسبق للناخبين «في حال كانت المهلة الأخيرة لذلك تمتد إلى ما قبل موعد الاستحقاق الانتخابي بأيام قليلة، أما إذا وجب إقفال باب التسجيل أمام الناخبين قبل شهر من هذا الموعد فأكد أنه لن يقبل بإقراره»، وعليه انتهى النقاش بحسب المصادر إلى التوافق على أن يعمد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى درس وتحديد المهلة القصوى الواجب اعتمادها قبل الانتخابات للتسجيل المسبق لكي يُبنى على الشيء مقتضاه خلال اجتماع اللجنة المقبل.