تتوالى فضائح المخالفات في المؤسسات العامة عموماً وفي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خصوصاً، وغالباً ما تتلازم مع أسماء سياسيين أو حزبيين أو حتى إداريين في صندوق الضمان. لكن، هذه المرة البطل هو وزير الوصاية على الضمان الاجتماعي نفسه، أي وزير العمل محمد كبارة.

فالوزير كبارة أرسل بتاريخ 26 تشرين الأول 2017 كتاباً إلى مجلس إدارة الضمان الاجتماعي يطلب منه وبصيغة الأمر الموافقة على تعيين 80 مياوماً في الصندوق تفادياً للشغور الواقع في الملاك. وتأتي خطوة كبارة بعد تعيين 13 مياوماً في صندوق الضمان فرع طرابلس ووقوع المتعاقدين لاحقاً في أزمة رواتب. إذ لم يصادق مجلس الإدارة على عقودهم المخالفة للقانون، كما هي الحال بالنسبة إلى المياومين الـ80 الذين يرفض مجلس الإدارة تمرير تعاقدهم راهناً. فما هي أسباب الرفض؟ وهل التعاقد معهم مخالف حقاً للقانون؟

يعود رفض مجلس الإدارة الموافقة على التعاقد مع مياومين جدد إلى أن التعاقد يعدّ مخالفة واضحة للمادة 54 من قانون الموازنة العامة للعام 2004، التي تمنع منعاً باتاً كل أشكال التعاقد في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة (باستثناء مصرف لبنان). إذ يستلزم التعاقد والتثبيت موافقة مسبقة من مجلس الوزراء يليها خضوع لامتحانات في مجلس الخدمة المدنية.

ولا شك أن وزير العمل يعلم بأن طلبه مخالف للقانون، رغم ذلك يصر على فرض التعاقد مع 80 شخصاً. والسبب "تقاسم حصص بين فريقين سياسيين يختلفان في السياسة ويلتقيان على تقاسم الحصص"، يقول فضل الله شريف عضو مجلس إدارة الضمان، في حديث إلى "المدن"، فـ"لقاء المصالح أقوى من الخصومات السياسية".

"طفح الكيل من التجاوزات في الضمان الاجتماعي. ولم يعد ممكناً الإصلاح إلا في حال وُضع حدٌ لكل المخالفين وعلى رأسهم المدير العام محمد كركي ورئيس اللجنة الفنية سمير عون ومعهم الوزير كبارة"، يضيف شريف، الذي أعد كتاباً وزعه على أعضاء مجلس الإدارة فنّد فيه المخالفات القانونية التي يجري تمريرها في الضمان أمام أعين الإدارة ووزارة الوصاية.

ولا تقتصر المخالفات على إصرار الوزير كبارة بالتنسيق مع كركي على التعاقد مع 80 مياوماً، وفق شريف، إنما تتجاوز ذلك إلى العديد من الممارسات الإدارية الداخلية المخالفة للقانون. ومنها إقدام المدير العام بتاريخ 21 تشرين الأول 2017 على إصدار أربعة قرارات تحمل الأرقام 656 و657 و658 و659 وموضوعها تكليف مستخدمين من الفئتين الثانية والثالثة في ملاكات الصندوق بتأمين أعمال مديرين فئة أولى، ورغم علمه أنه لا يحق له ذلك. فالقانون صريح بأن "تعيين مستخدمي الفئة الأولى يتم بقرار من مجلس الإدارة فقط. أما تعيين مستخدمي الفئة الثانية والثالثة فيستلزم قراراً من هيئة المكتب، ولا يحق للمدير العام التدخل بأي من التعيينات المذكورة".

ويذكّر شريف بمخالفات مضى عليها الوقت، ومنها أن شروط التعيين العامة المعتمدة في الصندوق تنص "على أن طالب العمل في الصندوق يجب أن لا يتجاوز الرابعة والأربعين من عمره، والمدير العام الحالي في الصندوق يعلم أن رئيس اللجنة الفنية سمير عون كان يتجاوز عمره السادسة والأربعين عندما صدر مرسوم تعيينه. وكركي هو من أعطاه إفادة غير صحيحة جعلته يتجاوز شرط السن"، وفق شريف.

ويسأل شريف عن مصير التحقيق الإداري الذي أجرته إدارة الضمان الاجتماعي مع عون والموظفين المتهمين بقضية الفساد والاختلاس السابقة. فـ"إدارة الضمان عيّنت موظفاً من الفئة الثانية لإجراء تحقيق إداري وتحديد المسؤوليات. وهو ما حصل فعلاً"، يقول شريف، "إلا أن المدير العام رفض وضع التقرير أمام مجلس الادارة. بالتالي، لم تُحدد المسؤولية الإدارية ولم يتم تسمية الموظفين المتورطين وكل من سهّل عملية الاختلاس وساهم فيها".