أورد موقع "الأناضول" التركي تقريراً حول صناعة القشّ في لبنان متحدثاً عن أنّ هذه الصناعة تتلاشى.

وجاء في التقرير: "يخشى أصحاب مهنة "تقشيش" الكراسي والمصنوعات الخشبية في لبنان، من اندثارها، خلال سنوات قليلة، بعد أن تقلص أعداد العاملين فيها إلى 10 أشخاص فقط.

"والتقشيش" من المهن التراثية التي دخلت لبنان خلال الحقبة العثمانية، وتميزت بها البلاد على مدى عقود.

وظلت المهنة، حتى ثمانينات القرن الماضي، حرفة مرغوبة ومنتشرة، وتحظى منتجاتها بإقبال سكان القرى وأصحاب القصور في المدن، نظراً لجمال مصنوعات القش.

غير أن الحال تبدل الآن، فأصبح عدد العاملين في تلك الصناعة، لا يتجاوز 10 أشخاص، بعد تراجع الطلب عليها لصالح المصنوعات البلاستيكية المستوردة من الصين.

لكن خلال السنتين الأخيرتين، عاد الطلب مجدداً على استحياء، من قبل الجيل الجديد خاصة الشباب، الذين يسكنون بمفردهم، بحسب صاحب أقدم محال "التقشيش" في صيدا، مصطفى دندشي.

السياح الأجانب تحديداً هم الفئة الأولى الباحثة عن مصنوعات "القش" وأملها في الانتعاش، بحسب دندش 74 عاماً، الذي توارث المهنة عن جده.

ولا تقتصر مصنوعات القش اليوم على الكراسي أو الطاولات، التي يتم شراؤها بهدف الزينة، وإنما دخل "القش" في صناعة الحقائب النسائية وحقائب البحر، وذلك القبعات والمحفظات الصغيرة وقطع أخرى لتزيين الجدران.

المشكلة، التي تواجهها هذه الصناعة التي باتت في أيامها الأخيرة، أنها لا تجد سوقاً لتصريف منتجاتها، ويتهم أصحابها الدولة ممثلة في وزارة الاقتصاد بـ"إهمالها".

تحتاج كل قطعة صغيرة إلى ساعة لإنجازها أو ساعتين على الأكثر، لكن ثمة قطع تحتاج إلى يوم أو يومين، حسب حجمها.

أما تكلفتها فليست مرتفعة بالإجمال وتستطيع كل الطبقات الاجتماعية الحصول عليها.

وبحسب دندشي، يصل سعر القطعة الصغيرة 5 دولارات، مثل محفظة للجيب، ويرتفع السعر إلى 200 دولار في حال كان طقماً كاملاً لحديقة مثلاً، وهذا الأخير يقبل عليه أصحاب الفلل أو المنازل الكبيرة في الجبال.

وبالنسبة إلى الربح، الذي يجنيه أصحاب المهنة، يقول بحسرة "الربح محدود في تلك المهنة ولا يتعدّى الـ150 دولاراً أسبوعياً، إلا إذ أتت طلبية من زبون مهم.. هنا يكون نصيبنا من السماء".

في هذا السياق، أشار دندش إلى أن الشريحة الأكبر التي تتوجه إليه، للحصول على ما تبحث عنه من ديكور تراثي، هم أصحاب المطاعم في بيروت وطرابلس.

وأضاف "السياح عموماً هم من يهتم باقتناء الأشياء التراثية، كذلك أهل القرى ما زالوا يطلبون السلال لقطف الزيتون والفواكه والخضار. وفي كل عام نشارك بمعارض تراثية في لبنان وخارجه".

لا يخفي دندش أن القيمة المالية لصناعة "القش" زادت عن السابق، رغم ضعف الاقبال عليها، ولكن - بحسب كلامه - فكلما ندر الشئ زادت قيمته.

جدير بالذكر أن هذه الصناعة تعتبر اليوم من المهن النادرة جداً، ليس في لبنان فحسب، وإنما في الدول العربية.

ويقدر عدد العاملين في هذا القطاع، نحو 10 أشخاص فقط، موزعين بين طرابلس، وهناك 4 معلمين ومحل آخر في صيدا، وخمسة محال موزعة في أرجاء جبل لبنان، والبقاع الشرقي، وفق مراسل الأناضول.

ويقول أصحاب المهنة إن الوزارات المعنية "لا تهتم بتاتاً ولا تكترث لها أو لغيرها" من المهن التاريخية التي كانت فعلياً عصب الاقتصاد اللبناني سابقا.

غير أن تلك الجهات عادة ما تقول إنها تحرص على إقامة معارض سنوية لمثل تلك المهن التراثية حفاظاً عليها، إلى جانب تسهيلات عدة للعاملين بها.

 

 

(الأناضول)