ضجّت مستشفى طرابلس الحكومي في القبّة، مساء الخميس في 14 أيلول، بحادثة "احتجاز" جثّة طفلٍ فلسطيني من مخيم البداوي بعد ساعات من ولادته، وذلك بسبب إشكالٍ وقع بين موظفٍ في صندوق المحاسبة ووالد الطفل زياد عبد المعطي.

ووفق المعلومات، فإن موظف الصندوق كان يشترط على عبد المعطي دفع مبلغ 500 ألف ليرة، مقابل تسليمه جثّة طفله رائد، بينما وكالة الأونروا تغطي 90% من تكاليف الولادة.

عبد المعطي وزوجته لا يزالان مصدومين من خسارة طفلهما. وفي اتصالٍ مع "المدن"، يشرح شقيقه إياد عبد المعطي أن "زياد أخذ زوجته إلى المستشفى الحكومي الأربعاء من أجل ولادة طفلها، وهي في الشهر السابع. ورغم أن الولادة كانت طبيعيّة، لكن وضع الطفل الصحي لم يكن جيداً. فأدخل العناية الفائقة لحديثي الولادة".

وعندما "توجهنا مساء الأربعاء إلى صندوق المحاسبة لإنهاء الاجراءات وإخراج والدة الطفل من المستشفى، طلبوا منّا دفع 650 ألف ليرة مقابل إذن الخروج، رغم أننا تقدمنا بتحويلتين من الأونروا تغطي 90% من نفقات الاستشفاء للأم والطفل، لكن الموظف تنكّر لها".

كان من المفترض أن يدفع عبد المعطي 10% من النفقات، التي تعادل 175 ألف ليرة، لكن الموظف بدأ بالمفاوضة بعدما علم أن الوالد لا يحمل المبلغ الذي طلبه. فطلب 500 ألف ليرة، ثم 300 ألف ليرة. "أخذتُ شقيقي جانباً وأعطيته 250 ألف ليرة، ورجونا المحاسب أن يقبل بها لأننا لا نحمل غيرها. لكنّه استمر بابتزازنا ومعاملتنا بسوء. ثم قبل المبلغ مقابل أن يأخذ هوية شقيقي، فرفض لعدم استطاعته دخول المخيم من دون الهويّة، إلى أن سمح بخروج والدة الطفل".

صباح الخميس، اتصلت إدارة المستشفى بالوالد وأخبرته أن طفله توفي بسبب سوء حالته الصحيّة. ذهب عبد المعطي إلى المستشفى لانهاء الاجراءات واستلام جثّة طفله، فتعرض للإبتزاز مجدداً، وطلبوا منه دفع 500 ألف ليرة، وإلا ستبقى الجثّة محتجزة. بقي عبد المعطي أمام خيار العودة إلى المخيم من دون جثّة طفله. فـ"هو لم يكن يحمل المبلغ، ولم يقبل موظف الصندوق مراجعة تحويلات الأونروا، بحجة أن هناك نوعاً من الأبر استعملت للطفل لا تغطي الأونروا نفقاتها".

وبعد لجوء عبد المعطي إلى مسؤولين من الفصائل الفلسطينية في مخيم البداوي، وتدخل وسطاء من قِبل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، قبلت المستشفى تسليمه جثّة طفله.

هذه الحادثة، أعادت المستشفى الحكومي إلى دائرة اتهامها بالفوضى والفساد وسوء معاملة اللاجئين الفلسطينيين، وطرحت علامات استفهامٍ على الغموض الذي يلف طبيعة المساعدات التي تقدمها وكالة الأونروا وآلية تنسيقها مع المستشفيات. يضيف عبد المعطي: "شعرنا بإهانة كبيرة ومحاولة لإستغلال ظروفنا. فنحن لا نعلم من نصدق، الأونروا أم إدارة المستشفى".

من جهته، ينفى مدير إدارة مستشفى طرابلس الحكومي ناصر عدرة أن يكون المستشفى احتجز جثّة الطفل، ويؤكد أن المبلغ المطلوب كان لنفقات الإبرة التي لا تغطيها وكالة الأونروا في العناية الفائقة. ويقول لـ"المدن": "لا نفهم سبب الاتهامات التي تسيء إلى سمعتنا. فنحن لا نحتجز جثّة أحد، ونلتزم القوانين الصادرة عن وزارة الصحة. وجثة الطفل لم تبقَ أكثر من ساعات إلى حين انهاء الاجراءات الإدارية".