اشار وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، خلال تخريج ​طلاب الجامعة الأميركية​ للتكنولوجيا AUT في الفيدار، الى ان "اليوم اعتبر أنني ربحت صداقة مع جامعة AUT التي افتخر بها وشرفني اليوم أن أكون موجودا بينكم، وأكثر من ذلك، فانني أعتبر نفسي صديق كل فرد من الطلاب الذين أرى فيهم طفولتي، فالوقوف اليوم يذكر بمرحلة من حياتنا كان فيها تطلع الى اللافق اللامحدود، والمستقبل يحمل دوما التحديات وفيه الحلم والاعتقاد بالمستحيل، خصوصا وأننا نحن جيل اعتقد أن هناك أمورا من المستحيل تحقيقها في هذا البلد، واكتشفنا في ما بعد اننا حققنا الحلم المستحيل، وهذا ما أريد من أقوله للطلاب أن يعيشوا ويتمتعوا بالحلم، وكل شيء ممكن متى توافرت الارادة، وهذا الشيء ليس غريبا عن جامعة الـAUT التي سمعنا منذ قليل انها تنضوي من ضمن مجموعة جامعات في العالم".
واكد "اننا نقف اليوم في مدينة جبيل، وهي مدينة العلم التي قدمت للعالم أغلى اختراع، وهو الأبجدية التي نقلته من التواصل بطريقة الرموز والاشارة، الى التواصل باللغة، ونقصد هنا لغة السلام والمحبة، و​لبنان​ رأسماله الكبير هو العلم، وهذه ثروته الحقيقية التي جعلتنا في وزارة الخارجية نقول أن حدودنا العالم، فكل لبناني في الخارج يحمل فكرة لبنان ورسالته، نجح في تجسيد الوطن، وعلى هذا الأساس ليس هناك من صعوبة تمنعنا من التقدم وتحقيق أمور نريدها. العلم هو الذي يأخذنا الى الحقيقة المطلقة التي تجعلنا ننتصر، فيما نحن في بلد تتنازعه الحقيقة والأوهام والتفاهة، ومن هنا أوصيكم ألا تجعلوا التفاهة تدخل الى عقولكم أيها الطلاب، لأنها تمنعكم عن رؤية الأمور، والتميز في هذا العالم، فنتجه عندئذ الى المجهول. نحن أيضا في بلد يتصارع بين العلم والمعرفة وبين الجهل والكسل، وهذا ما جعلنا نصل بلبنان الى هذا المستوى من التردي، لذلك لا تذهبوا الى قشور الأمور، انما غوصوا في أحداثها، فكلما غصتم تكتشفون وتفهمون، ولا تأبهوا للكلام الذي تسمعونه أحيانا من الاعلام مباشرة".
وتابع: "نحن في بلد من الأهمية بمكان أن ندرك فيه أن شعبه مؤمن بقيم هي التي تجعله يبقى، وهذه القيم ليست فكرة أو قيمة لا نستطيع أن نلمسها، وانما هي حقيقة نعيشها في حياتنا اليومية، اذ لدينا قيم الوطن التي تجعلنا ندافع عن لبنان ونتعلق به، ومن أجل هذا الوطن يسقط الشهداء. ولدينا القيم الدينية التي عنوانها محبة الله ومحبة الانسان، وهذه أغنى ما لدينا، فعندما نجعل الله على حجم الانسان نذهب الى الفكر التكفيري الذي يستخدم اليوم الله لغاية الانسان وليس العكس. بالاضافة الى القيم الاجتماعية التي نعيشها، ورغم وجود بعض الخلل فيها بغياب القانون، وانما فيها توازن معين. والقيم العائلية التي هي الأغلى في مجتمعنا، فلبنان لولا وجود العائلة، لكان تفكك وانتهى، واعتقد ان العائلة هي التي اوصلتنا واوصلتكم الى هنا، الى التخرج رغم التحديات الموجودة أمام عائلتنا وأولادنا، ومنها الانترنت، والواتساب، وسائر التواصل الاجتماعي التي تجعلنا ندخل في مرحلة استهلاك متوحش وتبعدنا عن التواصل الحقيقي مع الناس، فنصبح في تواصل مع الآلة، وهذا ما يبعدنا أكثر وأكثر عن انسانيتنا. ولهذا يجب ألا ننغمس في هذا العالم، الذي صحيح أنه يأخذنا الى التقدم، لكنه يبعدنا عن حياتنا الانسانية".
ودعا الطلاب الى "عدم الانقطاع عن التاريخ لأننا شعب يفتخر بتاريخه، فيه حسنات وسيئات، ولنأخذ الحسنات إذ منها نقيم الوصلة بين التاريخ والحاضر الذي نعيشه، وتمهد للمستقبل، فتاريخنا أورثنا اياه أجدادنا واباؤنا، وضحوا كثيرا لكي وصل بلدنا الى ما وصل اليه، وهذا أمر نفتخر به. والأهم ألا تنقطعوا عن أرضكم، لا أقول لكم لا تتركوها، لأنني أعرف انها لن تستطيع أن تكون على قدر نجاحاتكم وطموحاتكم، وانما أينما ذهبتم تمسكوا بالتواصل مع العالم ومع لبنان عبر العالم، ومثلوا لبنان خير تمثيل، ولهذا السبب أقمنا الطاقة الاغترابية التي نبحث فيها عن كل انسان لبناني نتكشف أنه مصدر غنى للبنان في كل مكان من العالم، وأنا دائما افكر بالشباب وما ينتظرهم من تحديات، وأقول لأهلهم لا تخافوا ان تركوا لبنان، فالمهم أن يظلوا على تواصل معه لأنهم القيمة المضافة والمفخرة للبنان".
واعتبر "أن الطلاب محظوظون لأنهم يعيشون في هذا الزمن، لان فيه آمال بعهد جديد بلبنان قوي، ونحن كنا جيلا اعتقد لفترة انه لا يوجد أمل. أنا كنت تلميذا أذهب الى الجامعة في النهار، وفي المساء أخدم في الجبهة مع الجيش، وكنت تلميذا يعبر المعابر وأحيانا تحت الخطر، أذهب الى منزلي في الشمال في طائرة الميدل ايست من مطار بيروت الى مطار القليعات لنرى الأهل كل شهر أو أكثر، وانتم اليوم بالنسبة لنا محظوظون لأنه مهما واجهتكم صعوبات، فانها تبقى سهلة بأمل كبير في الأيام الاتية، ولا تجعلوا التغيير يكون خيالا لا يمكن تحقيقه، او الاصلاح مجرد فكرة، هذه حقائق سنصل لها بتصميمنا".