انتهتْ رحلة عذاب صبحية عودة في الحياة، فلن تعنّف من جديد على يد زوجها، بعدما أطبقت عينيها في الأمس إلى الأبد. على سرير مستشفى دار الأمل أعلنت استسلامها بعد نحو أسبوع من منازعتها الموت، من دون أن يحسم سبب وفاتها بعد رفض أهلها تشريح جثتها. 


آثار كدمات... ولكن!

"وذمة دماغية وتوقف عمل القلب والتنفس والأعضاء الهامّة للحياة"، هي أسباب وفاة صبحية، كما جاء في تقرير لجنة الأطباء الشرعيين المعيّنة من المدّعي العام القاضي كمال المقداد، لكن لتحديد سبب الوفاة الرئيس يفضل، كما وردَ في التقرير، "اتخاذ الصفة التشريحية"، إلّا أنّ ذلك لا يلغي تأكيد اللجنة وجود "كدمات وجروح متعددة على جسد صبحية، وعقور على أذنها الخارجية اليمنى، وغيرها..."، وبحسب ما قاله مصدر في مستشفى دار الأمل: "لا يمكن الحسم إن كانت صبحية توفيت بسبب ضرب زوجها لها أم لأسباب أخرى من دون تشريح جثتها".

اشتباك مسلّح

إعلان خبر وفاة صبحية (35 عاماً) الوالدة لثلاثة شبان وفتاة، والجدة لطفل، أدى إلى اشتباك مسلح أمام المستشفى، بين عائلتها وعائلة زوجها محمد حمزة، المتعاقد الميكانيكي في قوى الأمن الداخلي الذي أصيب في فخذه والذي نقل إلى مستشفى رياق العسكري، وذلك على من يتسلّم جثتها ومكان دفنها، قبل أن يتدخل الجيش ويعمل على تطويق الإشكال، ويعتقل أشخاصاً من الطرفين، ويُحسم الأمر بتسلّم آل عودة جثّتها.

"الضرّة مُرّة"

"زواج محمد من امرأة ثانية تحمل الجنسية السورية، هو السبب الرئيس للخلافات التي دارت بين الزوجين في المدة الأخيرة، لا سيما بعدما أسكنها في منزل صبحية، إذ في بداية زواجهما كانت تسكن في منزل أهله، هذا الأمر أحزن صبحية جداً وأدخلها في سلسلة إشكالات مع زوجها"، بحسب ما قاله قريب حمزة لـ"النهار"، وأضاف: "لا أنكر أنّ محمد اعتاد ضرب زوجِه في السابق، لكن سبب وفاتها هو العملية الجراحية التي خضعت لها لتصغير معدتها، والتي أدّت إلى مضاعفات وتدهور صحّتها وأخيراً دخولها في حالة غيبوبة".

اتهامات وإنكار

مصدر في مستشفى دار الأمل شرح لـ"النهار" أنّ صبحية ابنة بلدة الخضر في بعلبك، "خضعت قبل نحو عامين إلى عملية في معدتها، بسببها كانت تعاني هبوطاً في (ARN) أي الأسيد ريبونوكليك، وقبل نحو أسبوعين دخلت المستشفى لذلك السبب، وبعد تحسّن صحّتها سمح دكتور الجهاز الهضمي بسام الموسوي بخروجها. عائلتها تقول إنها وقعت على بعد أمتار من المستشفى ما أدّى إلى تعرّضها لنزف، فيما يقول أهلها إنها تعرّضت للضرب على يد زوجها بعد أيام من خروجها للمنزل".

الطبيب الموسوي رفض التعليق على الموضوع مكتفياً بالقول: "القضية في عهدة القضاء وعائلة عودة رفعت دعوى على محمد معتبرة ما حصل جريمة قتل".

تربّص "الوحش"

لا كلمات تسعف شقيقة صبحية للتعبير عن هول المصاب ووجع الفراق، كل ما طلبته في اتصال مع "النهار" أن "تأخذ العدالة مجراها، وأن ينال محمد عقابه"، فيما أكّد قريبها أنّ "حمزة اعتاد ضرب زوجِه وقد سبق أن سجن العام الماضي بعدما تسبب لها بارتجاج في الدماغ، خرج بعد تعهّده بعدم تكرار فعلته". وأضاف: "في كلّ مرة يضربها كان يدخل أقرباؤه في الصلح، يعدنا بوقف تصرفاته الوحشية، كنا نرجعها له، من دون أن نتوقع أن يصل به الأمر إلى قتلها".

انتقال الملفّ

بداية فتح مخفر طليا تحقيقاً بالقضية، وبحسب ما قال مصدر في قوى الأمن الداخلي لـ"النهار": "عندما دخلت صبحية المستشفى تسلمنا القضية، لكن بعد الإشكال أمام المستشفى وجرح عسكري في الجيش انتقل الملف إلى الشرطة العسكرية"، العسكري الجريح هو كما قال قريب حمزة: "حسن شقيق الزوج محمد، كما أوقف شقيقه علي العسكري كذلك، إضافة إلى توقيف اثنين من آل عودة، أحدهما محمد شقيق صبحية".

في الأمس، شُيّعت صبحية إلى مثواها الأخير بحضور "وفد من آل حمزة الذين شاركوا في جنازتها"، كما قال قريب حمزة وأشار: "نعمل على حلّ الخلاف، فنحن أقرباء، ولا بدّ من أن تتوضح الأمور عندما تهدأ النفوس".

لا شيء سيعيد الحياة إلى صبحية، فلن تشرق الشمس عليها بعد الآن، ولن تتمكن من إنارة الطريق أمام أولادها، لكن على الأقل يجب أن لا تطمس حقيقة موتها، وأن ينال زوجها عقابه إن كان فعلاً هو المتسبب بوفاتها.