منذ ثلاث سنوات، تاريخ اختطاف العسكريين من قبل تنظيم «داعش» الإرهابي، لم يمر أي عيد على أهاليهم كما كان يمر في السابق، بحيث العائلة كلها مجتمعة وفلذات الأكباد الذي يحمون الوطن موجودون إلى جانب زوجاتهم وأولادهم وآبائهم وأمهاتهم. وكانوا يردودون طيلة هذه السنوات أن «عيدهم يكون عند عودة أبنائهم من الأسر»، وفي كل مرة يأتي العيد ينزلون إلى الساحة حيث خيمة الإنتظار ليكونوا قريبين من أبنائهم.

العيد هذه المرة يأتي مختلفاً، حزيناً كئيباً في منازل الأهالي، خصوصاً بعدما أبلغهم المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم أن جثث أبنائهم وجدت في الجرود وتم انتشالها ونقلها إلى المستشفى العسكري في بيروت من أجل إجراء فحوص الحمض النووي عليها وتطابقها مع العينات التي أخذت من الأهالي قبل أيام. وفيما لا يزال الأهالي ينتظرون صدور هذه النتائج والخبر اليقين بشأنها، تعيش قرى وبلدات العسكريين (مدوخا، فنيدق، شمسطار، اللبوة، الشوف، طاريا والقلمون) أجواء حزن على فقدان أبنائها وتعد لإقامة عرس «الشهادة» لهؤلاء الابطال الذين رفعوا رأس بلداتهم ولبنان عالياً، وقدموا حياتهم فداء لهذا الوطن ورووا بدمائهم ترابه الطاهر، ولسان حال الجميع في هذه البلدات يقول «عيدٌ بأية حالٍ عدت يا عيد».

وعشية عيد الأضحى المبارك، نشر الشيخ محمد الحاج حسن، شقيق العسكري علي الحاج حسن على حسابه على «الفايسبوك» صورة لوالدته تحمل صورة شقيقه، وعلق عليها بالقول: «يمّه ذكريني.. من تمر زفّة شباب... بعد ثلاث سنوات من الصبر ووجع الإنتظار... أمي المكسورة تتحضّر لعرس الوداع الأخير... #ضاع_الحلم_وداعا_يا_علي».

وكان زفّ قبل أيام على حسابه، بشرى للأهالي عن بدء تحرّك خارجي للدفع نحو تحقيق دولي في قضية العسكريين وما جرى في الجرود مؤخراً كون المعركة مع «داعش أممية»، متوجهاً بالتحية الى «من حمل هذا الملف وانطلق به وقريباً سنعلن عن تفاصيله وهدفنا كشف القناع عن كل متورط ومشارك في مذبحة العسكريين الأسرى وتلويع عائلاتهم».

وفي شأن هذا التحرك، كشف الشيخ الحاج حسن لـ «المستقبل»، أن «الملف انطلق أوّل من أمس من الولايات المتحدة الأميركية وهو يسلك طريقه باتجاه الكونغرس على أمل أن يصدر في أسرع وقت قرار يطلب بموجبه من هيئة الأمم المتحدة فتح تحقيق أممي كون المعركة مع داعش هي معركة أممية، وتشكيل لجنة أممية للتحقيق في ذلك»، معتبراً أنه «في حال سارت الأمور كما يجب وسلك التحقيق في أحداث 2 آب 2014 وأحداث 19 آب التي جرت في عرسال طريقه، فإن كل متواطئ ومتورط في ملف العسكريين ستهتز كرسيه».

وحيّا «الغارة التي شنها التحالف الدولي على القافلة التي كانت تقل مسلحي تنظيم داعش الإرهابي المغادرة من لبنان إلى سوريا ضمن صفقة الذل والعار والخيانة»، مشيداً بـ «الأميركيين تحديداً الذين فعلوا بالدواعش المغادرين من الأراضي اللبنانية ما خجل أن يفعله أي طرف لبناني بحقهم، فهذه الغارة كانت بمثابة فشة الخلق بالنسبة الينا لكون منظر الباصات حرق قلوبنا جميعاً أكثر مما هي محترقة وموجوعة».

إلى ذلك، نشرت غنوة موسى زوجة العسكري محمد يوسف على صفحتها الخاصة على «الفايسبوك» صورة تجمعها بزوجها، وعلقت عليها قائلة: «ياريت فيي أعطيك نص عمري يا محمد لتشوف ابنك كيف، ياريت بقدر غير شي يا محمد ياريت ياريت».