أشار تقرير لـ«رويترز» الى ان لبنان بدأ تطبيق إصلاحات لدعم اقتصاده الهش بعد سنوات سيطرت فيها حالة من الشلل على عملية صنع القرار، غير أنه يتعرض لضغوط لتنفيذ المزيد من الإصلاحات للحيلولة دون خروج الدين العام المتزايد عن السيطرة.يشير التقرير الى ان توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون، على زيادات أجور القطاع العام وزيادات ضريبية لتغطية كلفتها هو واحدة من الخطوات الحكومية التي دفعت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية إلى رفع تقديرها للنظرة المستقبلية للبنان من سلبي إلى مستقر.

وقالت «موديز» ان «النظرة المستقبلية المستقرة تعكس العودة إلى حكومة تؤدي وظائفها بالكامل وهو ما سيدعم تطور زخم الإصلاح».

غير أن تقديرات وزارة المالية تشير إلى أن هذه التدابير لن يكون لها أثر يذكر على الموازنة أو عبء الدين الذي يمثل ثالث أعلى مستوى للدين من حيث معدله إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو أيضا السبب الرئيسي الذي دفع وكالة موديز لتخفيض تصنيفها الائتماني للبنان.

ويطالب الاقتصاديون بإجراء إصلاحات أخرى لزيادة الايرادات والحيلولة دون ارتفاع الدين بما في ذلك إقرار ميزانية وإصلاح قطاع الكهرباء الذي يحظى بدعم كبير من الدولة وزيادة الضرائب على الوقود وإصلاح عملية تحصيل الضرائب وتحسين مناخ الاستثمار.

وقال وسام الحركة الخبير الاقتصادي في البنك الدولي في بيروت «شغلوا الحكومة وحرّكوا المؤسسات. الأمل أن يبدأوا معالجة القضايا الكبرى بنفس الجدية والفاعلية».

البنية التحتية

تأثر النمو الاقتصادي سلبا في السنوات الست الأخيرة بالحرب الدائرة في سوريا والانقسامات السياسية، وقال مسؤولون إنه انخفض الى أقل من واحد في المئة سنويا من ثمانية في المئة في المتوسط قبل الحرب السورية.

ارتفع الدين اللبناني بشدة منذ بدأت الحرب الأهلية في سوريا عام 2011. وتقول موديز إن معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي الذي يبين قدرة البلاد على سداد الدين سيبلغ نحو 140 في المئة في العام 2018.

كما ذكرت موديز لدى تخفيض التصنيف الائتماني إلى ‭‭B3‬‬ من ‭‭B2‬‬ انه «من غير المرجح أن تؤدي الإصلاحات الأخيرة في الموازنة إلى خفض العجز في 2017 و2018 ... وسيتطلب الأمر المزيد من التدابير لتغيير المسار التصاعدي للدين».

وفي ضوء انخفاض الايرادات والنمو يعتمد لبنان على الودائع التي يودعها ملايين المغتربين اللبنانيين في البنوك المحلية. وتشتري البنوك إصدارات الدين الحكومي التي تمول العجز المتنامي في الميزانية والدين.

غير أن الودائع حساسة للمخاطر السياسية ويقول الاقتصاديون إن الحكومة تحتاج لتوليد ايرادات أعلى وزيادة النمو لدفع الاقتصاد للوقوف على أرضية صلبة.

واشار خبير البنك الدولي وسام الحركة في هذا الاطار، الى إن مدفوعات الفوائد على الدين في العام 2016 التهمت نحو 48 في المئة من اجمالي ايرادات لبنان ارتفاعا من 38 في المئة عام 2014.

ومع إنفاق مبالغ كبيرة على دعم قطاع الكهرباء المتهالك، لا يتبقى للبنان إيرادات تذكر لتطوير البنية التحتية المهترئة لشبكات المياه والاتصالات والطرق وغيرها، والتي يمثل تطويرها أمرا ضروريا لتشجيع الصناعة المولدة للضرائب والنمو.

دور مصرف لبنان

يريد صندوق النقد الدولي أن تعمل الحكومة على رفع الضرائب وبخاصة على الوقود وتعزّز الالتزام بتسديد الضرائب بما يقضي على نمو الدين، غير أن مجتمع الأعمال في لبنان يقول إن الزيادات المقترحة ستضعف النمو.

ورأى غاربيس إيراديان كبير اقتصاديي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي إن هذه الزيادات قد تسفر عن بعض الضغوط التضخمية في الأجل القصير لكنها ضرورية. وأشار الى أنه مقارنة مع دول مثل تركيا والمغرب والأردن فإن «الضرائب في لبنان منخفضة».

وفي غياب القيادة السياسية أدار مصرف لبنان المركزي السياسة في هدوء، فاستخدم حزما تحفيزية وعمليات هندسة مالية مكلفة للحفاظ على استقرار الاحتياطيات الأجنبية واستمرار النمو.

وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إنه سيعمل على تثبيت الاستقرار ما دام الأمر يتطلب ذلك لكي تصبح الحكومة أكثر كفاءة وتقر ميزانية وتعالج العجز الهيكلي.

وتقول مصادر مالية إن الثقة في رياض سلامة عالية لكن الاقتصاديين والمصرفيين قالوا إن البنك المركزي لا يمكنه تحمّل العبء إلى ما لا نهاية. واكد وسام الحركة انه «بلا تدخل الحكومة بإصلاحات هيكلية، فإن السياسة النقدية أو نشاط البنك المركزي وحده لا يمكن أن يحل القضايا الهيكلية في الأجل الطويل».