تجاوز أهل السياسة لغم نسف آليّة التعيين، بترحيل موقّت لهذا البند المتفجّر الى جلسة ثانية لمجلس الوزراء، حيث كشفت مجريات الجلسة التي عقدت في السراي الحكومي أمس اصطفافاً جديداً للقوى السياسية داخل الحكومة فَرضه بند آليّة التعيينات، على عكس الاصطفافات في ملف النازحين، ما يؤكّد خلط أوراق التحالفات التي أصبحت على «القطعة» ومرجّحة لأن تكون على المنطقة في الانتخابات النيابية المقبلة.

وبحسب المعلومات فإنّ وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» و«الاشتراكي» و«المردة» و«القوات اللبنانية» و»القومي»، وقفوا صفاً واحداً مع الآليّة مقابل وزراء التيار الوطني الحر» و«المستقبل».

وعلمت «الجمهورية» انّ هذا الملف، الذي أخذ نحو ساعة من البحث، أصَرّ فيها الوزير جبران باسيل على عدم اعتماد الآلية، وقال: «كفى ضحكاً على بعضنا البعض، الكلّ يعلم انّ التوافق هو الذي يوصِل الاسماء الى المراكز.

أحياناً نقترح عدة أسماء للاختيار بينهم لكن غالباً ما نتّفق خارج مجلس الوزراء مسبقاً ونحضّر الاسماء الى المجلس كما حصل في التعيينات الاخيرة. اذاً، لماذا إشغال مجلس الخدمة المدنية والانتظار لشهور طالما نحن متفقون على انّ صلاحيات الوزير هي الأقوى بحسب الدستور. أمّا الآليّة ففضّلنا منذ البداية ان تكون تفاهماً لا قانوناً ولا قراراً لحماية صلاحيات الوزير؟».

رَدّ الوزيران علي حسن خليل ومحمد فنيش فأكّدا التمسّك بالآليّة التي تعزز منطق الشفافية والكفاءة وتُبعد عن المحاصصة، وأيّدهما معظم الوزراء. ولوحظ عدم تدخّل وزراء «المستقبل» باستثناء الوزير جان اوغاسابيان الذي لم يكن واضحاً في توجّه كتلته وقرارها بهذا الشأن. وانتهى البحث الى التأجيل.

وقال خليل لـ»الجمهورية»: «ضبطنا الاندفاعة نحو إلغاء الآلية التي نصرّ على اعتمادها، بل على التشدّد بضوابطها اكثر».
وقالت الوزيرة عناية عزالدين لـ«الجمهورية»: «بَحَّينالهُن» قَلبهم حتى أرجأوها».

امّا الوزير مروان حمادة فقال لـ«الجمهورية»: «أكثرية مجلس الوزراء ضد التخلي عن الآلية، والجميع متفهّم لضرورات الاسراع والترشيد وربما تعديل بعض النصوص، وهي أصلاً ليست قانوناً ولا قراراً لمجلس الوزراء بل هي توجّه الى الانضباط الذاتي، بالنسبة للسلطة السياسية».

«القوات»

وقالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» انّ وزراءها أصرّوا على التمسك بالآلية واحترام النصوص ودور الجهات الرقابية، ورفضت مقولة انّ الآلية تؤخّر التعيينات وتعرقلها لأنه يمكن وضع مهل زمنية والالتزام والتقيّد بها بما يؤدي الى بَتّ التعيينات في الوقت المطلوب، ولكن لا يجوز إطلاقاً التفَلّت من وضع الضوابط الضرورية التي تؤكد على البعد المؤسساتي الذي من دونه لا قيام للبنان الدولة».

واعتبرت المصادر «انّ الدستور والقوانين والمؤسسات تشكّل المساحة التي تجمع اللبنانيين، و«القوات» تتمسّك بهذا النهج ليس استهدافاً لأحد بل حرصاً على ممارسة تُشكّل الضمانة لكل اللبنانيين. وفي هذا السياق شدّد الوزير بيار بو عاصي على «المزاوجة بين التمسّك الإلزامي بالآليّة، وبين السرعة ضمن مهل زمنية محددة تعطي الوزير العناصر التي تمكّنه من تقييم المرشحين بما يُسهّل عليه عملية الاختيار من داخل الملاك وخارجه».

ولفتت المصادر الى انّ وزراء «القوات» تقاطعوا في آلية التعيينات مع «حزب الله» و«أمل» و«الاشتراكي» و«المردة»، وموقفها ثابت حرصاً على المرحلة الجديدة التي دخلتها البلاد بما يعزّز منطق المؤسسات ويحصّن الدولة ويطمئن الناس.

ولفتت، من جهة ثانية، الى انّ وزراءها اعترضوا في الجلسة على اقتراح مقدّم من وزارة السياحة للتعاقد مع شركة «فيزيت ليبانون» Visit Lebanon لإتمامها على قاعدة التراضي، وتقاطعت مع «حزب الله» على الاعتراض نفسه، لكنّ هذا البند سلك طريقه إلى القرار بفعل التصويت مع تسجيل «القوات» اعتراضها».