منذ ستينيات القرن الماضي تم الترويج لمادة كيميائية تدعى تريكلوسان بأنها الحامي لصحة الإنسان، إذ كان وجودها مهماً في الدعايات التجارية للمنظفات، لاسيما معجون الأسنان، حيث وصفت الإعلانات هذه المادة بأنها فعالة ضد الالتهابات، وخاصة التهاب الفم، وتعمل على قتل البكتيريا، وبأن وجود هذه المادة في المنتجات التجارية يضفي الحماية على الأسنان من التسوس لساعات طويلة.

إلا أن هذه المادة أثارت الجدل مؤخراً بعد أن كشفت بحوث طبية حديثة عن وجود روابط سلبية مباشرة بين هذه المادة والصحة العامة، ما أدى إلى المطالبة بمنعها من الأسواق وعدم التصريح بشرائها دون وصفة طبية تدعو لذلك.

تريكلوسان (تختصر أحياناً باسم TCS) مماثل في استخدامه وآلية العمل لمادة كيميائية أخرى تدعى تريكلوكاربان، وفقاً للموقع الأميركي WebMD الطبي المختصص، وهو مضاد للجراثيم ومضاد للفطريات وموجود في بعض المنتجات الاستهلاكية، بما في ذلك معجون الأسنان والصابون والمنظفات والألعاب، بالإضافة إلى علاجات التنظيف الجراحية. وتكمن فعالية هذه المادة في كونها عاملاً مضاداً للميكروبات.

إلا أن الأبحاث الحديثة بدأت بإثارة الجدل حول الآثار السلبية لهذه المادة، ما قد يدفع إلى منع تسويق التريكلوسان في الولايات المتحدة الأميركية ابتداء من أيلول من العام الجاري، ما يعني إزالة هذه المادة من عشرات إن لم يكن مئات المنتجات والعقاقير، مثل مساحيق التنظيف والمواد المطهرة والمعقمات ومعاجين الأسنان وغسول الفم، وإلا سيتم منع هذه المنتجات من السوق. ووفقاً للموقع المختص، فإن الحكومة الأميركية ليست أول من يحظر استخدام التريكلوسان في الصابون دون وصفة طبية.

من تأثيراته تليف الكبد والسرطان

وبحسب ما يكتب موقع مجلة "فوكوس" الألمانية، فإن التريكلوسان سيتم منعه عالمياً بعد أن أظهرت الاختبارات تأثيره المحتمل على الكبد والعضلات، وكذلك على الحيوانات المنوية. كما أكدت الاختبارات والفحوص الطبية أنه يمكن أن يتسبب أيضاً في مرض السرطان. يأتي ذلك بعد دراسة أشرف عليها البروفيسور مارك ويبر من جامعة برمنغهام وفريقه، وبحثت الدراسة تأثيرات هذه المادة على الأحياء والبيئة.

كما أظهرت التجارب المخبرية على الفئران أن كميات صغيرة من هذه المادة الكيميائية تسببت في ضعف وظيفة العضلات في الحيوانات وكذلك تليف الكبد، وفي أسوأ الأحوال كان السرطان هو نتيجة تعرض الحيوانات للتريكلوسان. وأثبتت الأبحاث أيضاً أن هذه المادة يمكن أن تتسبب في مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية المتناولة، وهو ما أثار قلق العلماء من إمكانية حدوث هذا الأمر مع البشر.

لذلك يسعى حالياً 206 أطباء أوروبيين وتسع منظمات طبية أوروبية لمنع استخدام هذه المادة الكيميائية ضمن المواد الأخرى، وهو ما سمي بإعلان فلورنسا والذي نشر في مجلة "آفاق الصحة البيئية" مؤخراً. ويبرر الأطباء أن هذه المادة خطيرة بالفعل على الإنسان خاصة بعد رصدها في حليب الأمهات، وهو ما قد يؤثر بالتالي على الأطفال. كما يمكن أن يكون من ضمن الأسباب المؤدية لانتشار سرطان الثدي.

 

 

(DW)