أنهى صلاة العشاء والتراويح في المسجد. أمسك بيد صغيريه عمر وعلي، وخرج قاصداً مكتب تيار المستقبل في ساحة النجمة. لكن إشكالاً بسبب الخوّات على البسطات تجدد في حيّ الراهبات أثناء مروره. تدخّل لحلّه، فانتهى الأمر به جثة، بعدما غدره طلق ناري من الخلف. هو هيثم هوشر ابن طرابلس الذي سقط أمام عيني ولديه على يد خالد عبد المجيد.

تزاحم على الخوّات

فرض خوّة على بسطة لبيع الجرابات، كانت الشرارة لانطلاق الإشكال بين رائد شروق وخالد عبد المجيد.

وبحسب ما شرح مصدرٌ في قوى الأمن الداخلي لـ"النهار": "اعتاد شروق الذي يملك بسطة لبيع الليمون فرض خوّة على البسطات في حيّ الراهبات، لكن دخول خالد على الخط، ومشاركته في تحصيل الخوّات، أثارت غيظه. وقع إشكال بين الاثنين بعد ظهر الإثنين الماضي، قبل أن يتجدد في الليل أثناء مرور أبو علي". وأضاف ان "التحقيقات الأولية تشير إلى روايتين عن إطلاق النار: الأولى أن هيثم أطلق الرصاص على رجل الرقيب في قوى الأمن الداخلي شقيق خالد، فما كان من الآخر إلا أن شهر سلاحه مطلقاً النار على هوشر فأرداه قتيلاً. أما الرواية الثانية فهي أن خالد أطلق النار فأصاب شقيقه وأبو علي".

حقد سياسي دفين

ولفت المصدر الأمني إلى أن "مخفر التل حقق في القضية، حيث تم توقيف ثمانية متورطين في الإشكال؛ منهم محمد شقيق خالد الذي لا يزال فارّاً، قبل أن يُنقلوا إلى شعبة المعلومات". أما فايز شقيق أبو علي فنفى في اتصال مع "النهار" أن يكون هوشر قد أطلق النار، وقال "كان شقيقي يرتدي الملابس الرياضية مع ولديه (5 سنوات) في المسجد. كيف له أن يحمل سلاحاً أو أن يفكر بإطلاق رصاصة ويعرّض حياتهما للخطر؟ ما حصل معه غدر وقتل على يد خالد، مناصر اللواء ريفي، بعد حقد دفين منه على أبو علي لكونه من داعمي الرئيس سعد الحريري. أصابه في ظهره، وقع على وجهه حامياً ولديه بين ذراعيه".

خوّات بحسب الجنسيّات

"لا يملك أبو علي (47 عاماً) بسطة كما تداولت بعض وسائل الإعلام، ولا علاقة له بالإشكال الذي دار بين عبد المجيد وشروق الذي طعن بسكين في وجهه" قال فايز هوشر قبل أن يشرح "تتراوح الخوّة في اليوم بين 10 آلاف ليرة و15 ألفاً على كل بسطة، حيث تتم مراعاة اللبناني بسعر منخفض عن السوري، من قبل زعران اعتادوا (السلبطة) على الناس". وختم "نحن اليوم نريد العدالة والاقتصاص من القاتل الذي حرم سبعة أولاد والدهم، وإلا فنحن سنحكم عليه الحكم الذي يستحقه. ومع هذا أؤكد مرجعيتنا الرئيس الحريري ودم أخي في رقبته".

رسالة دموية

"قبل نحو ستة أشهر بدأ سلوك خالد، الأب لطفل يبلغ من العمر ثلاثة أشهر، يتخذ منحاً سلبياً"، بحسب صديقه الذي لفت الى انه "لم يعد يحترم كبيراً ولا صغيراً. قلت له منذ فترة، نهايتك إما الموت وإما السجن إن بقيت على هذه الحال. وقبل يومين حصل ما كان في الحسبان". ولفت انه "عندما علم خالد أن رائد يفرض خوّة 20 ألف ليرة على صاحب بسطة سوري، طلب منه إعطاءه إياها وطرد شروق عندما يأتي لمطالبته بالمال، وأن يقول له إن شباب الراهبات هم من سيأخذون الخوّة من البسطات بعد اليوم. عندما وصلت الرسالة وقع الإشكال بين رائد وخالد، تجدد ليلاً مع مرور أبو علي. كان محمد موجوداً في المكان، دخل مع هيثم إلى الحارة، لا أحد يعلم ما دار بين الاثنين، وكيف اسُتفزّ الأخير إلى درجة جعلته يسحب مسدّسه ويطلق النار على رجل محمد رغم أنه ممسك بولديه".

النار تحت الرماد

بعدما أصيب أبو علي، توارى خالد عن الأنظار، ووجهت الاتهامات إلى اللواء أشرف ريفي بتأمين ملجأ له. لكن مصدراً قريباً من اللواء أكد لـ"النهار" أن "ما يتم تداوله غير صحيح، نعم خالد من مناصريه ليس أكثر، وقد ساعد مرة في رفع صور له". وبعد تدخل الجيش وانتشاره لضبط الأمن في ساحة النجمة والراهبات ومحيطهما، وبعد اتصالات واسعة وزيارات سياسية وأمنية لتهدئة الوضع وإزالة معظم صور ريفي من المنطقة عاد الهدوء إليها.

"رحم الله شهيدنا هيثم هوشر. نم قرير العين يا أبا علي، فطرابلس لن تنجرّ إلى لعبة الدم ولن أهدأ قبل أن ينال القتلة عقابهم". بهذه الكلمات نعى الرئيس سعد الحريري، أبو علي في صفحته على "تويتر". وإلى حين أن ينال القاتل عقابه، يبقى السؤال إلى متى سيدفع اللبنانيون أرواحهم ثمناً للسلاح المتفلّت في أيدي الزعران؟