تنطلق اليوم جولة جديدة من مفاوضات السلام حول سوريا في جنيف، تطغى عليها الى حدّ كبير محادثات أستانة، بالإضافة الى إخفاق جديد للفصائل المعارِضة، بعد إجلاء مقاتليها من ثلاثة أحياء في دمشق، في وقت أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انّ موسكو ترى أنّ من حقها الحفاظ على اتصالات عمل مع التشكيلات الكردية في سوريا، لكنّها لا تورّد السلاح لهم.
أعلن ستافان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة أمس أنّه من المتوقع أن تستفيد محادثات السلام السورية، التي ستعقد في جنيف هذا الأسبوع من تنظيمٍ أكثرَ إحكاماً، واتفاق جرى التوصل إليه في الفترة الأخيرة للحد من العنف، مهوِّناً من شأن تصريحات للرئيس السوري بشار الأسد تقلل من أهمية المحادثات.
 
وتحت ضغط من الداعمين الدوليين اتفق الجانبان على مناقشة دستور جديد وإصلاح نظام الحكم وإجراء انتخابات ومحاربة الإرهاب لكنهما يختلفان بشدة بشأن ما يعنيه كل من هذه البنود.
 
ويحرص الأسد المدعوم من روسيا وإيران على مناقشه "الإرهاب"، وهو تعبير يستخدمه عموماً لوصف كل خصومه. وطالب مفاوضو المعارضة بإزاحة الأسد عن السلطة، وهو ما يعتقد أنصاره أنّه غير متصوّر في ضوء انتصاراته العسكرية في الفترة الأخيرة في الحرب الأهلية التي دخلت عامها السابع.
 
وفي الأسبوع الماضي قال الأسد لقناة "أو. إن. تي" التابعة لتلفزيون روسيا البيضاء إنّ محادثات جنيف "مجرد لقاء إعلامي ولا يوجد أيّ شيء حقيقي في كل لقاءات جنيف السابقة".
 
وردّ دي ميستورا بأنّ بشار الجعفري رئيس وفد مفاوضي الحكومة وصل إلى جنيف على رأس وفد من 18 شخصاً "مفوّضاً لإجراء مناقشات جادة". ونفى دي ميستورا أن تكون الأمم المتحدة تتعرّض إلى الاستغلال كغطاء دبلوماسي لمزيد من الحرب.
 
وقال للصحافيين: "إذا كان معنى أن تكون وسيطاً وأن تسعى لإيجاد نقاط مشتركة أنه يُجرى استغلالك.. فسأقبل ذلك. البديل هو لا مناقشات ولا أمل ولا أفق سياسياً... مجرد انتظار الحقائق على الأرض".
 
وتابع: "إنّ الحقائق على الأرض"، وهو تعبير تستخدمه الأمم المتحدة في الإشارة إلى «الحرب»- لن تسفر عن حل سياسي للصراع الصعب، والذي تعهدت الأطراف بتحقيقه.
 
وشدّد على أنّ الولايات المتحدة أكثرَ انخراطاً واهتماماً بالعملية، مشيراً إلى النشاط الدبلوماسي رفيع المستوى الذي يُجرى خلف الستارة.
 
وقال: "كل الأمور متصلة ببعضها. هناك اجتماعات كبيرة مهمة جارية وستُجرى. هناك مناقشات تُجرى في العواصم. كلها لها تأثير على ما نبحثه. لكنني لن أوضح ذلك الآن".
 
وتأتي جولة محادثات جنيف عقب اتفاق بين روسيا وتركيا وإيران على ترتيب ومراقبة "مناطق تخفيف التوتر"، في سوريا للحدّ من القتال.
 
لكن دي ميستورا حذّر من أنّ تخفيف العنف لا يمكن أن يستمر من دون أفق سياسي يمكن التطلّع إليه. وتابع: "هذا بالتحديد ما نسعى إليه".
 
وقال دي ميستورا إنّ هذه الجولة ستكون أقصر وأكثر عملية وتبدأ يوم الثلثاء، وتنتهي السبت ولن تُتاح فيها فرص كبيرة للأحاديث الخطابية.
 
وتابع: "حتى القاعات ستكون أصغر حجماً.. نوع الإجتماعات سيكون أكثر تفاعلية واستباقية وأكثر تواتراً. سنختار كذلك بعض الموضوعات للتركيز عليها من أجل إحداث حركة أكبر".
 
توازياً، أوضح بوتين للصحافيين في ختام زيارته إلى الصين "بما أنّ العامل الكردي مؤثّر بالفعل على الوضع في سوريا، والوحدات الكردية تشارك في الحرب ضد "داعش"، وهي من القوى الأكثر قدرة على القتال، نرى من حقنا الحفاظ على اتصالات عمل معهم، ولو بهدف تجنّب صدامات محتملة أو حوادث قد تشكّل خطراً على عسكريينا".
 
وأكّد أنّ موسكو "بخلاف دول أخرى"، لا تقوم بتسليح الأكراد. وقال بوتين: "إنّ العسكريين الروس والأتراك والإيرانيين بالتنسيق مع دمشق سيبحثون خلال لقائهم المرتقب في أنقرة، الحدود الدقيقة لمناطق تخفيف التوتر في سوريا، بالإضافة إلى وسائل المراقبة والسيطرة على الوضع هناك".
 
من جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ "مذكرة التفاهم حول إنشاء أربع مناطق تخفيف التصعيد في سوريا لمدة ستة أشهر، والتي دخلت حيّز التنفيذ ابتداءً من 6 أيار يجب أن تتمدّد إلى جميع الأراضي السورية".
 
في المقابل، أعلنت أنقرة أنّها تخطط لإنشاء قاعدة عسكرية على تلة إستراتيجية فوق مدينة الباب، مؤكّدةً استمرار الجهود لإنشاء مواقع جديدة للجيش التركي داخل الأراضي السورية.
 
وقال نائب رئيس الوزراء التركي ويسي قايناق، في مقابلة مع صحيفة "حرييت ديلي نيوز": "إنّ القاعدة العسكرية التركية في الباب ستقع غربي المدينة على تلة معروفة باسم جبل الشيخ عقيل، وارتفاعها 534 متراً".
 
إلى ذلك، قتل 23 مدنياً على الأقل امس جراء غارات نفّذتها طائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة اميركية على مدينة البوكمال التي يسيطر عليها الجهاديون في شرق سوريا على الحدود مع العراق، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.