بأسلوبها العفوي وإبتسامة لا تُفارق وجهها، حجزت السفيرة الإسبانية في لبنان ميلا غروس هرناندو ايشيفاريا مكانةً لها في قلب كل لبناني التقته. تفاعل اللبنانيِّين في المقابل مع هرناندو جعلها تشعر بمشكلاتهم الحياتية اليومية، فبعد 5 سنوات أمضتها في لبنان، رسالتها الى السياسيين اللبنانيين أن يؤمِّنوا الخدمات الأساسية للمواطنين، ويجروا الإنتخابات التشريعية، ويتجنَّبوا الإنجرار الى أي تصعيد على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل. 

بعد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وتأليف حكومة، ينبغي مُتابعة السير في «تنفيذ حُزمة الإستحقاقات الدستورية وإجراء الإنتخابات التشريعية»، رسالة واضحة يُجمع عليها كل سفراء الإتحاد الأوروبي في لبنان، وفي مقدِّمهم السفيرة الإسبانية، التي تعتبر أنّ «اللبنانيين يستحقون اختيار مجلس نواب جديد وفق قانون إنتخابي جديد، يتمّ التوافق عليه بين جميع الأحزاب السياسية»، على رغم إقرارها «بصعوبة التوصل الى قانون إنتخابي مثالي»، ولكن المطلوب «قانوناً إنتخابياً يُحقّق تمثيلاً أفضل».

أمّا ما يُحزن السفيرة الإسبانية، أنّ اللبنانيّين لا ينعمون بالخدمات الأساسية من مياه وكهرباء ومواصلات وإنترنت. وتقول: «الأجوبة لهذه المشكلات اليومية لا تزال غائبة، وتأمين هذه الخدمات يُسهِّل حياة الناس، وأنا أعيش معكم وأعرف لماذا لستم سعيدين».

في موازة ذلك، لا تنكر هرناندو أنّ القلق يبقى سيد الموقف في الجنوب اللبناني بسبب هشاشة الوضع، وأنّ الزيارات الأخيرة لوزراء الدفاع الأوروبّيين، بينهم وزيرة الدفاع الإسبانية ماريا دولوريس كوسبيدال إلى لبنان هي في سياق التشديد، على أنّه ليس في مصلحة إسرائيل ولبنان إثارة أي مواجهة أو تصعيد.

وتُشير إلى أنّه خلال عملها على مدار 5 سنوات في لبنان، كانت هرناندو تحرص على تفقُّد الكتيبة الإسبانية العاملة ضمن القوات الدولية في جنوب لبنان(اليونيفيل) مرتين في الشهر، وهي تعرف كل زاوية، ورأت بأم العين كيف يسمح السلام بتحقيق التنمية والمزيد من الأعمال، في حين إنّ التصعيد سيتسبب بالدمار وزيادة الفقر.

وتقول: «إنّ فلسفة جنرالتنا تقوم على العمل المتواصل لصناعة السلام وليس المشاكل، بتنسيق دائم مع القائمقامين ورؤساء البلديات لإحتواء أي سوء تفاهم، أمّا التوترات والتحرّكات عند الخط الأزرق تتمّ مناقشتها عبر الإجتماعات الثلاثية مع كبار ضباط القوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي تحت إشراف اليونيفيل، للحفاظ على السلام».

وتعتبر أنّ التحليلات في شأن امتلاك إسرائيل ضوءاً أخضر للاعتداء على لبنان، بعد الضربة الأميركية على مطار الشعيرات في سوريا هي أشبه بـ«روايات ولا تستند الى معلومات». وتقول: «الأميركيون ذكروا في مجلس الأمن لماذا نفّذوا ضربتهم، علينا التفريق بين التحليل الأدبي والإستراتيجي».

تغادر السفير الأسبانية بلاد الأرز التي نعمت فيها بدلال ومحبة اللبنانيين، لكنّ قلبها مطمئن، لأن من يتابع المسيرة من بعدها كان مفتاح فهمها للحياة السياسية اللبنانية. فالسفير الإسباني خوسيه ماريا فيري، الذي سبق وعمل في السفارة الإسبانية في لبنان من عام 1981 الى 1985 وأمضى ستة أشهر ضمن قوات اليونيفيل في عام 2010، سيكون خلفها، وهو متزوج من اللبنانية جومانا طراد، ويعرف لبنان خير معرفة.