يزداد يوماً بعد آخر حدة الخلافات بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. أزمة «الكهرباء» التي افتعلها رئيس حزب القوات سمير جعجع في وجه «حلفائه» العونيين قبل أسبوعين لم تخمد بعد. وبدلاً من الذهاب نحو التهدئة، أضيف بند جديد إلى لائحة الخلافات العونية ـــ القواتية.

فقد علمت «الأخبار» أنَّ القوات اللبنانية مستاءة جداً من أداء الوزير جبران باسيل في ملف التعيينات الأخير، الذي «استأثر به باسيل، ضارباً عرض الحائط بتفاهم معراب بين الرئيس ميشال عون ورئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع»، بحسب مصادر موثوقة. وأكدت المعلومات أنَّ «اعتراض القوات لا علاقة له بالأسماء التي طُرحت على مجلس الوزراء، بقدر ما له علاقة بالطريقة التي اعتُمدت في ملف التعيينات، وتحديداً الطريقة التي أعدها بها باسيل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري من دون علم القوات بها».
وفيما سألت «الأخبار» مصدراً قواتياً عن هذه المعلومات، اكتفى بالقول: «لا تعليق»، اعترض وزراء القوات في جلسة مجلس الوزراء على التعيينات القضائية، لأنَّ الوزراء علموا بأسماء الذين عينوا في خلال الجلسة. وقد عبّر أيضاً الوزيران مروان حمادة ويوسف فنيانوس عن اعتراضهما. فيما اعترض وزير الداخلية نهاد المشنوق على عدم «إنصاف» مدينة بيروت في التعيينات. وفيما أشيع أنَّ المشنوق كان يفضّل تعيين العميد أحمد الحجار مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي بدلاً من العميد عماد عثمان، ردّ وزير الداخلية بالقول إنه عرض على الرئيس سعد الحريري أسماء ثلاثة مرشحين لخلافة اللواء إبراهيم بصبوص، هم العمداء سمير شحادة وأحمد الحجار وعماد عثمان. «وتحدّث المشنوق أمام رئيس الحكومة عن النقاط الإيجابية والسلبية في سجل كل من المرشحين الثلاثة، مانحاً عثمان الأفضلية». وقال المشنوق: «بصرف النظر عن كون عماد (عثمان) أفضل الثلاثة، ورغم احترامي للمرشحَين الآخرين، فإنني ــ أخلاقياً ــ لا يمكنني تجاوز التعاون والجدية اللذين أظهرهما اللواء عثمان تجاهي طوال السنوات الثلاث الماضية في وزارة الداخلية».

 

 

وأصدر مجلس الوزراء أمس حزمة من التعيينات، وفق الآتي:
ــ تعيين العميد الركن جوزف عون قائداً للجيش وترقيته إلى رتبة عماد.
ــ تعيين العميد الركن سعد الله محيي الدين الحمد، أميناً عاماً للمجلس الأعلى للدفاع.
ــ تعيين العميد طوني فايز صليبا مديراً عاماً لأمن الدولة، ووضع اللواء جورج قرعة بتصرف رئيس المجلس الأعلى للدفاع.
ــ تعيين العميد سمير أحمد سنان نائباً للمدير العام لأمن الدولة.
ــ نقل رئيس هيئة التفتيش المركزي القاضي جورج عواد، بناءً على طلبه، إلى ملاك القضاء العدلي، وتعيين القاضي جورج أوغست عطية رئيساً لهيئة التفتيش المركزي.
ــ تعيين القاضي بركان سعد رئيساً لهيئة التفتيش القضائي.
ــ تعيين القاضية هيلانة اسكندر رئيسة لهيئة القضايا في وزارة العدل.
ــ تعيين القاضية فريال دلول مفوضة الحكومة لدى مجلس شورى الدولة.
ــ تعيين العميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي.
ــ تعيين اللواء الركن المتقاعد عباس إبراهيم مديراً عاماً للأمن العام، بعد قبول استقالته من وظيفته وإحالته على التقاعد.
ــ تعيين السيدة غراسيا القزي والسيد هاني الحاج شحادة عضوين في المجلس الأعلى للجمارك.
ــ تعيين السيد بدري ضاهر مديراً عاماً للجمارك.
ــ وضع رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد المتقاعد نزار خليل، بتصرف رئيس مجلس الوزراء، وتعيين العميد المتقاعد أسعد طفيلي رئيساً للمجلس الأعلى للجمارك.

شبكة تمويل لداعش

أمنياً، كاد تسريب معلومات عن دهم مكاتب تحويل أموال لدعم تنظيم «داعش» أول من أمس، يودي بجهود الأمن العام لإحباط المشتبه فيهم وتوقيفهم. أُنجزت المهمة على عجل لتُستكمل أمس بدهم نحو تسعة مكاتب لتحويل الأموال في مناطق الحمرا والطريق الجديدة والرحاب، حرصاً على قطع الطريق أمام أي فرار محتمل للمتورطين. وقد علمت «الأخبار» أنَّ بعض المكاتب التي دهمت أمس كانت قد أفرغت من الأموال وجرى محو «الداتا» عن أجهزة كمبيوتر فيها، على خلفية التسريب الإعلامي أول من أمس. أما حصيلة التوقيفات، فبلغت 21 موقوفاً.
وبحسب المصادر الأمنية، بدأ التحضير للعملية بعد توافر معلومات تفيد بأن ناشطين في صفوف تنظيم «داعش» يستخدمون مكاتب تحويل محددة لنقل أموال لتمويل التنظيم. وعليه، نفّذ عناصر الأمن العام عمليات دهم لمؤسسات مصرفية وشركات مالية في بيروت بعد الاشتباه في تحويلها مبالغ مالية ضخمة إلى عناصر في «داعش».
وذكرت مصادر أمنية أنَّ نقل الأموال إلى التنظيم كان يجرى عبر طريقين: حمل أموال نقدية من بيروت إلى جرود عرسال، ثم إلى الداخل السوري. وكان شاب لبناني ينقل الأموال من مكاتب شركات في بيروت إلى الجرود، مشترطاً عدم حمل أكثر من 20 ألف دولار كل مرة. واستمرت هذه العمليات يومياً، قبل عام 2015. ولاحقاً، انخفضت وتيرة العمل عبر عرسال، بما يوحي بأنّ الأموال باتت تُنقل حصراً لتمويل مسلحي «داعش» في جرود عرسال، لا لنقل الأموال إلى الرقة. أما الطريق الثاني، فيمر بتركيا. إذ تُسلَّم الأموال في بيروت لـ «كيوسكات» للصيرفة، على أن يقبض الشركاء المال من تركيا، بعد حسم العمولة. ولاحقاً، يتولى أفراد في العصابة تهريب الأموال نقداً إلى تركيا، أو تبييضها، من خلال إرسالها بصورة «قانونية» لتمويل شراء أثاث وثياب بالجملة في تركيا، وإعادة بيعها. وترددت معلومات تفيد بأنَّ المبالغ التي ثبت بالمستندات أنها نُقلَت في غضون ثلاث سنوات بلغت أكثر من عشرين مليون دولار. وأكّدت مصادر مطلعة على التحقيقات أن هذه الشبكة المعقّدة من الأفراد ومكاتب الصيرفة تضم متعاونين في تركيا وعدد من الدول العربية.