بَلا زغرة بحضرتكن، وبالإذن من الميكروفونات العارية التي تصدح على المسارح والشاشات اللبنانية، لا يمرّ مؤتمر أو حفل إطلاق عمل جديد أو إطلالة جماهيرية لأحد النجوم أو النجمات المحليّات، إلّا وتذهب ضحيته كرامة أحد المراسلين الميدانيين... وآخر الضحايا مراسلة إحدى المجلات التي داس عليها «بوديغارد» أحد نجوم الغناء لأنها اقتربت أكثر من اللازم من قدسية نجوميته.

وكان قد سبقها كثيرون، مثل ذاك الصحافي الصاعد الذي ما زال يداوي جروح القلم الذي انغرَز في كتفه بعدما نَكعته النجمة أثناء هروبها من سؤال جريء.

بس مش هون المشكلة، لأنّ ممارسة النجومية في لبنان لا تنحصر على المراسلين الناشئين فقط، بل تمتدّ إلى الإعلاميين الكبار والبرامج المَحضورَة بقوة والمحطات التلفزيونية... وأداء النجوم في البرامج الحوارية والترفيهية والفنيّة هو مثال واضح على هذه الممارسات المتخلّفة، حتى لا يُتّهم المراقب بالتجنّي أو التقليل من قيمة أيّ نجم.

نحنا شاطرين بَس باستيراد العادات السيئة من الغرب وبيطلعلنا معها عروضات مجانية بأصول السنوبيزم والتعالي وشَمّ ريحَه بِشعَه غالب الوقت، بلا أن نعير أدنى اهتمام للصفات الحميدة التي يتمتّع بها نجوم الغرب أنفسهم الذين حاولنا تقليدهم.

والغريب أنّ نجومنا المحليّين متعلّقون بالسجادة الحمراء لدرجة أنهم يعيشون عليها بشكل يومي، فلا يستطيعون الابتسام والالتفات والانحناء والمشي إلّا حسب أصول السجادة وقواعدها، ولا ينتبهون الى أنّ هذه الأشياء بِتحَشّي غَبرَه ولازِملها تنضيف من وقت لآخر، لأنها ممكن أن تسبّب حساسية شديدة على التواضع والطبيعية.

هذا الكلام لا يمكن الاستخفاف به لسبب واحد، وهو أنّ الأزمة الموجعة التي يعيشها الوسط الفنّي في لبنان والعالم العربي يتحمّل مسؤوليتها بشكل جزئي تعالي الفنانين والممثلين على الناس ورَكل اهتمامات المتابعين والمعجبين بجزمة النجومية عند كلّ فرصة. ولو كانوا مُكتفين بأموال الحفلات ومردود الإعلانات لَما كانوا استماتوا على كرسي تحكيم أو تقديم في برنامج من هنا وهناك.

أنظروا إلى برامج الترفيه في فرنسا، وتابعوا برامج «Late night show» في أميركا وراقبوا كيف يتفاعل النجوم مع مقدّم البرنامج ومع نكاته وألعابه ونَهفاته، لتفهموا لماذا لا يعاني الممثلون والمطربون في الغرب أزمات مالية ووجودية فيما أنتم بدأتم تركضون خلف الأصفار التي تهرب من ملايينكم.

لدينا في لبنان ما يكفي من البرامج وعلى كل الشاشات حيث يستطيع النجوم أن يكشفوا عن وجههم الآخر، عن الوجه الذي يبحث عنه الناس حتى يزداد إعجابهم بهم.

فلا يكفي أن نسرق تسريحة شعر جنيفر لورنس، أو آخر فستان ارتدَته كايتي بيري، أو ملابس هيو جاكمان وتوم كروز... بل يحتاج كلّ نجم في لبنان الى أن يكسر البيض على رأسه مثل دايفد بيكهام، وتحتاج كل ممثلة الى أن تمرّغ وجهها بالكريما والمربّى مثل غلين كلوز، ويحتاج النجوم الى أن يعبّروا بكلّ ما يملكون من مشاعر طبيعية عن مدى قربهم من الناس ومدى استعدادهم للتضحية بنجوميتهم من أجل الترفيه عن المشاهدين...

مع وجود السوشل ميديا عرفَ الفنانون الأجانب أنّ أغانيهم وأفلامهم ومسلسلاتهم وحدها لم تعد كافية لترسيخ نجوميتهم بين الناس، وفهموا أنّ أداء دور الترفيه أصبح الطريق الأقصر إلى قلوب المتابعين، وهذا ما يفسّر زحمة الضيوف في برامج الترفيه الغربية... وإلى حين يفهم النجوم في لبنان هذه النظرية، يزداد الخوف لدينا ألّا يعودوا نجوماً ويصبحوا مجرّد لمبة في ثريّا صالون الترفيه الذي تسيطر عليه وجوه جديدة، وجوه باتت تفهم أكثر مفاتيح الترفيه الحديثة.