تأفل منتصف هذا الليل سنة 2016 بكل ارثها الثقيل واحمالها الكبيرة لتحل السنة 2017 محملة بكثير من الآمال والشكوك والهواجس سواء بسواء. سنة راحلة كادت أن تكون تعداداً رقمياً اضافياً في ثلاثية سنوات الفراغ الرئاسي والسياسي والوطني في لبنان لولا "استدراك" اختراقي جاءنا منها في الشهرين الاخيرين عبر استعادة طلائع انتظام دستوري انهى حقبة الفراغ بانتخاب الرئيس العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في 31 تشرين الاول ومن ثم استكمال السلسلة بتشكيل حكومة العهد الاولى برئاسة الرئيس سعد الحريري.
سنة راحلة تركت آثاراً ثقيلة وخطيرة على مجريات البلاد وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية كما الامنية التي تفاقمت معها المواجهة المتصاعدة مع الارهاب وابقت زناد الحرب الامنية الوقائية مشدوداً ومستنفراً. سنة راحلة راكمت ازمات الناس والقطاعات والركود والتراجع الانمائي والاقتصادي وبالكاد مرت العافية المالية من خروم الشباك. سنة راحلة كانت الأسوأ اطلاقاً في تاريخ الصحافة اللبنانية العريقة فهددت صحفا وتوقفت في نهايتها الزميلة "السفير" بوجع كبير لرؤية هذه الصحيفة الرائدة تغيب عن يوميات اللبنانيين. وبكثير من الوجع والخوف تكابد "النهار" الرحلة الاقسى جاهدة للاستمرار بما كلفها أخيراً جراحة موجعة قسرية حاولت وتحاول باللحم الحي وحده ان تخفف ما تستطيع من آلامها على زملاء أعزاء ومؤسسة تعاني ازمة خطيرة سواء بسواء. سنة لم يتوقف ارثها على تهديد الصحافة بل اتسع وطاول جيشا من عشرات الالوف من عاملين وموظفين في عشرات المؤسسات والمعامل والقطاعات المختلفة التي ترزح تحت وطأة الانكماش والركود في انتظار الفرج.
لكن قتامة الصورة والواقع لم تحجب معالم الاختراق السياسي الذي حل أخيراً والذي بات حمال وعود بتغيير وبداية خروج متدرج من سلاسل الأزمات عل الوقت يحين لقضايا الانسان في لبنان ولا تبقى السياسة آسرة بآحابيلها ومناوراتها مصيره ومصير الوطن برمته. تحل السنة الجديدة و"عدة " الانطلاقة الموعودة للعهد والحكومة قد اكتملت دستوريا وسياسيا وسط نصاب سياسي واسع فضفاض محمول بعوامل تسوية داخلية وغطاء خارجي ترجمته حركة الوفود الكثيفة من دول التفتت فجأة الى المشهد اللبناني وهرعت الى احتضانه فيما هي تتصارع في لعبة الامم على مسارح الشرق الاوسط المشتعل وخصوصاً على الحلبة السورية اللاهبة. هذه التسوية التي استنفدت الاجتهادات والتحليلات والتقديرات باتت أمراً واقعا دستورياً في الكثير من ممهدات للمرحلة الطالعة وتعوزها الكثير من برمجات لأولويات السنة 2017 التي ستشكل بامتياز الامتحان الحاسم للفرصة الجديدة. هي فرصة من منطلق بعد كبير خارجي بدأ يردده الموفدون الاقليميون والغربيون ويمثل في نظرة الخارج الى التسوية اللبنانية الوليدة كنموذج للتعميم على بقع الالتهابات الاقليمية وليس العكس الامر الذي يعني اعادة الاعتبار "مبدئيا" الى مبدأ لحظه خطاب القسم للرئيس عون وتبنته الحكومة في بيانها الوزاري بتجنيب لبنان تداعيات الصراعات الاقليمية. فهل تكون القوى اللبنانية المقبلة على امتحان تجديد الطبقة السياسية في الانتخابات النيابية المقبلة على مستوى هذا الهدف؟

 

بدايتها نفط؟
من مفارقات انطلاقة هذه الورشة الموعودة، الاستعدادات على صعيد عمل الحكومة لتكون الجلسة الاولى لمجلس الوزراء في الأسبوع الأول من السنة فور الخروج من عطلة الأعياد بجدول اعمال حافل بالملفات العالقة وأبرزها صرف الكثير من الاعتمادات المطلوبة في وزارات حيوية لتسيير قضايا وشؤون خدماتية وحياتية. وعلم في هذا الإطار أن جدول الاعمال الذي يوزع اليوم السبت من أجل عقد جلسة في الحادية عشرة قبل ظهر الاربعاء يتألٰف من نحو 20 بنداً يتصدره مرسومان يتعلقان بتقسيم المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية للدولة اللبنانية الى مناطق على شكل رقع (بلوكات) ودفتر الشروط الخاص بدورات التراخيص في المياه البحرية ونموذج اتفاق الاستكشاف والإنتاج والنظام المالي لهيئة ادارة قطاع البترول اضافة الى مشروع قانون الأحكام الضريبية المتعلقة بالنشاطات البترولية ومشروع قانون الموارد البترولية في البرٰ.
اما على صعيد الانتخابات النيابية، فقد بات معلوماًً ان تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية وصرف الاعتمادات المطلوبة لوزارة الداخلية لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها سيتمان قبل الوصول الى العاشر من شباط موعد بدء المهلة الدستورية. وأفادت مصادر رسمية ان ثمة توافقاً سياسياً غير معلن على السير بخطيْن متوازيْين: التحضير للانتخابات في موعدها على أساس القانون النافذ بالتزامن مع ورشة مماثلة للوصول الى قانون انتخاب جديد يمكن في حال الاتفاق عليه تضمينه تأجيلاً تقنياً للتحضير للانتخابات على أساسه وللتأهيل وفق آلياته المحدثة، مع التأكيد ان التأجيل التقني لن يتم الا في هذه الحال، والا فإن الانتخابات ستحصل في أيار وليس في حزيران لمصادفته هذه السنة شهر رمضان، فضلاً عن ان ولاية مجلس نيابي تنتهي في العشرين منه.

 
 

زيارة السعودية
في سياق آخر، تجري على قدم وساق بين القصر الجمهوري والديوان الملكي السعودي ومن خلال سفارة لبنان في الرياض وسفارة المملكة في بيروت ورشة الترتيبات اللوجستية لزيارة رئيس الجمهورية للمملكة العربية السعودية والتي تقرر القيام بها في النصف الاول من كانون الثاني المقبل. وتتناول الترتيبات الجارية تحديد مواعيد لقاء رئيس الجمهورية والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والاجتماعات الموسٰعة بين الجانبين، خصوصاً وان وفداً وزارياً سيرافق الرئيس عون يشمل ما بين خمسة أو ستة وزراء يمثلون كل المكونات الحكومية.وهذه الزيارة ستكون المحطة الاولى في جولة خليجية -عربية يبدأها الرئيس عون وتجري اتصالات لترتيب مواعيدها.
واعلن الرئيس الحريري مساء أمس ان مجلس الوزراء سيجتمع الاربعاء "وستكون المراسيم التطبيقية لقطاع النفط على جدول أعماله وهناك العديد من الامور التي سنطلقها تباعاً. ورأى أن زيارة الرئيس عون للمملكة العربية السعودية "ستساعد في شكل كبير في عودة السياح الى لبنان ففخامة الرئيس لا يمثل اليوم فريقاً بل يمثل جميع اللبنانيين وبوجوده في المملكة سيريح الاجواء بما يعيد الدفع الى الحركة السياحية". وأضاف: "انا وفخامة الرئيس متفاهمان حول نحو 95 في المئة من الامور الاقتصادية".
ومن المؤشرات التي واكبت نهاية السنة، عُلم ان الرئيس عون اتخذ قراراً أمس بإسقاط كل الدعاوى التي كان أقامها على مؤسسات إعلامية وإعلاميين لبنانيين، ومنها دعوى كان ربحها على احدى المؤسسات الإعلامية بقيمة 60 مليون ليرة لبنانية. الى ذلك وقع الرئيس عون مراسيم ترقية ضباط في الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وأمن الدولة والجمارك من مختلف الرتب. كما وقع مراسيم وضع ضباط على جدول الترقية خلال سنة 2017.