يحشد نظام بشار الأسد جهوده لضم مقاتلين جدد إلى "الفيلق الخامس اقتحام"، الذي أعلن عن تشكيله في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في محاولة منه لتعويض النقص البشري الفادح في العناصر السورية المقاتلة، والتي يضطر النظام إلى تعويضها بمقاتلين من ميليشيات أجنبية إرهابية تدعمها إيران، فضلاً عن رغبة روسيا في إحكام سيطرتها على معظم التشكيلات العسكرية في سوريا.
 

وفور الإعلان عن تشكيله، بدأت تصل إلى السوريين خصوصاً القابعين في مناطق سيطرة نظام بشار الأسد، رسائل على الهواتف الجوالة تدعوهم للانضمام إلى "الفيلق الخامس اقتحام" مع ذكر رقم هاتف للحصول على معلومات إضافية.

وطرح الإعلان عن تشكيل الفيلق، أسئلة في الشارع السوري، حول ماهية هذا الفيلق، ووظيفته، ولماذا أُعلن عن تشكيله في هذا الوقت؟.

السخرية تحولت مأساة
تعامل السوريون مع الرسائل التي وصلت هواتفهم بالسخرية، مستخدمين حس الدعابة، ومبدين عدم اكتراثهم بالانضمام للفيلق.

لكن بعد خمس أيام من إرسال الرسائل كشفت مصادر خاصة "للسورية نت" - طلبت عدم الكشف عن اسمها - صدور تعميم من قبل القيادة العسكرية للنظام من الأمن العسكري، يدعو لتشديد حملات التجنيد الإجباري في  كل من حمص، ودمشق وريفها، في المناطق التي يسيطر عليها النظام بهدف الحصول على أكبر عدد من المجندين للإسراع في تشكيل "الفيلق الخامس".

الحملات المستمرة منذ أسبوعين كان آخرها أول أمس عندما نصبت قوات النظام حاجزاً عسكرياً يعرف بين السوريين بـ"الحاجز الطيار" تحت شارع الثورة، ونفذ حملة اعتقالات لشبان مطلوبين للالتحاق بـ"الفيلق الخامس".

كذلك تعرضت كل من أحياء المجتهد، والميدان، وباب الجابية، وباب سريجة، لمدهمات من قبل الأمن العسكري لسوق الشبان للالتحاق بالفيلق.

مصادر من داخل فرع "الهجرة والجوازات" في دمشق، قالت لـ"السورية نت" إن "شعبة التجنيد في العاصمة عممت أسماء 3000 شخص من موظفين للالتحاق بالفيلق الخامس".

كذلك في مدينة التل أخلت قوات النظام باتفاق التسوية التي عقدته في المدينة ونصب فرع الأمن السياسي حاجزاً على مدخل المدينة بقيادة العقيد قيس فروة، واعتقلوا عدداً من الشبان الذين بقوا في التل لسوقهم إلى الخدمة في "الفيلق الخامس".

وفي القلمون وتحديداً في مدينة يبرود تم اعتقال حوالي 30 شخصاً وكذلك في مدينة رأس العين، في حين وصل إلى مخفر يبرود قائمة بحوالي 300 شخص للسحب إلى "الفيلق الخامس".

وتحولت السخرية التي تعامل معها السوريون مع رسائل "الفيلق الخامس" إلى مأساة وملاحقات بدأت تطوق حياتهم وتلاحقهم في الشوارع وأماكن العلم لزجهم إلى ساحات الموت والقتال.

وحصلت "السورية نت" على نسخة من تعميم صادر محافظة اللاذقية إلى الدوائر الحكومية، يدعوهم فيها إلى ضم الموظفين لـ"الفيلق الخامس"، مشيراً إلى عقوبات لمن يتخلف عن ذلك.

 

الهيكلة العسكرية
والفيلق الذي هو قيد التأسسيس، يتوقع النظام أن يصل عدده بين 150 ألف إلى 300 ألف مقاتل بحسب مصادر خاص "للسورية نت"، لكن ذلك سيخلق تحدياً كبيراً أمامه نظراً لتجنب الشباب الانخراط في صفوفه، ولتفادي هذه العقبة تنوي روسيا تذويب بقية الميليشيات المحلية في جسم الفيلق، لتأمين هذا العدد.

وتبدأ أعمار المنضمين للفيلق من 50 عاماً فما دون، حيث يستقبل الفيلق أعماراً من 17 عاماً إلى 50 عاماً، إضافة إلى استقباله خبرات عسكرية متقاعدة، أو أشخاص كانوا سرحوا أو أقيلوا من العمل للسبب ما.

وتتوزع مراكز استقبال المنضمين للفيلق في قيادة المنطقة الجنوبية بدمشق، إضافة إلى الفرقة العاشرة في قطنا، وفي مركز القيادة في كل من حمص وحماة، وكلية الشؤون الإدارية في مصياف، وتمتد المراكز إلى حلب إلى قيادة المنطقة الشمالية، أما في درعا يستقبل المتطوعون في قيادة الفرقة الخامسة، وفي السويداء في الفرقة خمسة عشر.

وستكون الخدمة بحسب إعلام النظام في الفيلق بعقد لمدة عام يجدد بناء على موافقة الطرفين، ولن يكون على نمط ميليشيا "الدفاع الوطني" أو "كتائب البعث" الإرهابيتين، وسيشمل اختصاصات عديدة، وسيراعي الفيلق التحصيل العلمي والعسكري للمنتسبين، حيث سيستقبل الفيلق في صفوفه أطباء ومهندسين وصحفيين ويتم فرزهم كل حسب اختصاصاتهم.

وإلى الآن لم يعلن النظام من هو القائد العسكري للفيلق، في حين أن المرشح الأبرز لاستلام القيادة اللواء طالب بري، القائد السابق للأسطول البحري.

مخلوف يستثمر في الفيلق
ويتراوح رواتب عناصر الفيلق بين بين 50 دولاراً إلى 700 دولار شهرياً، بحسب عمل واختصاص كل فرد من الأفراد. في حين أن التجهيزات اللوجستية للفيلق من بناء أبنية وتجهيز اتصالات، إضافة إلى الأمور الخدماتية تتكفل بها شركة شام القابضة، التي يمتلك أكثر من نصفها رامي مخلوف ابن خال الأسد، إضافة إلى شركة سيرياتيل، ومؤسسة البستان التابعة أيضاً لمخلوف، بحسب المصادر التي تحدثت لـ"السورة نت"، وستتولى المؤسسات التابعة لابن خال الأسد التكفل بجميع الخدمات اللوجستية بناء على عقود وُقعت بداية أغسطس/ آب الماضي.

وينص العقد على "تعاقد الفيلق بكونه تابع لوزارة دفاع النظام بالتعاقد الحصري مع كل من شركة شام القابضة، وسيرياتيل، ومؤسسة البستان الخيرية، للتعاون مع الفيلق بما يحتاج بالشؤون المدنية واللوجستية لمدة خمس سنوات بما فيها انتداب الموظفين في تلك المؤسسات لأوقات تحدد سابقاً، لقاء تكاليف تتفق فيها وزارة الدفاع مع الأطراف المتعاقدة."

ووفقاً لشروط العقد الذي اطلعت عليه "السورية نت"، يكون رامي مخلوف استطاع احتكار "الفيلق الخامس" في تقديم الخدمات له طوال خمس سنوات.

الفيلق لإيقاف مد الإيرانيين
إعلان النظام عن تشكيل "الفيلق الخامس" في هذه الظروف أثار العديد من الأسئلة عن الأسباب التي تقف وراء ذلك. وبحسب مصادر متقاطعة فإن إنشاء الفيلق أتى بناء على طلب روسي، وسيشترك ضباط روس في قيادته وتوجيه عملياته.

وبحسب المعلومات فإن السبب الحقيقي وراء إنشاء الفيلق معرفة الروس بالضعف الحقيقي الذي أصاب جيش النظام ما أدى إلى إنهاكه.

ويسعى الروس إلى ضم جميع المليشيات الرديفة التي تقاتل مع النظام إلى تنظيمها في  فيلق واحد له قيادة عسكرية موحدة، وعليه تم حل كتائب درع القلمون في النبك والآن يتم تنظيم ميليشيا "الدفاع الوطني" لإلحاقها بالفيلق. وبحسب المصادر فإن الخطوة الروسية لإنشاء الفيلق تأتي لخدمة هدفين:

الأول: الخوف على النظام من المليشيات التي أصبحت تحيط به، وأصبحت تتفوق على جيشه بالعتاد والعدة، فأصبحت تشكل خطراً على النظام نفسه.

ثانياً: انتزاع زمام المبادرة من الإيرانيين الذين كانوا المسؤولين عن تسليح وتدريب تلك المليشيات في الوقت السابق.

وبحسب المصادر فإن الإيرانيين يقومون على استراتيجية تدريب المليشيات على شكل مجموعات صغيرة متعددة يمكن ضبطها عن طريق التمويل، وتحريك كلها أو أجزاء منها على مبدأ الخلايا النائمة، وهذا ما تتبعه إيران في كل من لبنان واليمن والعراق.

في حين يسعى الروس في سوريا إلى جمع تلك المليشيات في تشكيل واحد له قيادة موحدة، في رغبة  واحدة من روسيا بتقليم أظافر التواجد الإيراني في سوريا.

ولا شك أن "الفيلق الخامس" لن تكون بنادقه موجهة إلا في وجه الشعب السوري، لكنه بحسب المعطيات يعتبر ورقة جديدة أعطاها الأسد للروس الذين اتضح أن لهم اليد العليا في سوريا على حساب الإيرانيين، وسيكون النواة العسكرية في أي تسوية قادمة قد يفرضها الروس في سوريا.