انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو عدّة للطّفلة التي دفعها والدها لتنفيذ عملية انتحاريّة في مركز شرطة داخل منطقة الميدان في دمشق قبل أيّام.
ومن خلال الشّريط، يتبيّن أنّ الطفلة تُدعى فاطمة، وتبلغ من العمر حوالي تسع سنوات. وقد جهّزها والدها، ويُدعى عبد الرّحمن شداد، لتنفيذ العمليّة.
وفي قسمٍ من الشّريط يظهر شداد وهو جالسٌ إلى جانب ابنتيه إسلام (سبع سنوات) وفاطمة ويبدو علم تنظيم جبهة "فتح الشّام" (النّصرة سابقاً) في الخلفيّة.

تعرّض مئات الآلاف لمقطعي الفيديو، وشاهدوه بألم وغضب. ولم يكن بوسع المغردين الغاضبين، الا السؤال: "لماذا لم ينتحر هو بنفسه، أو تنتحر الأم، بدلاً من الطفلة"؟ 

السؤال منطقي بالتأكيد ذلك ان ملامح الطفلتين في حضن والدهما، أثناء اصغائهما لتعليماته، تكشف حجم الفاجعة، فاطمة مترددة، قلقة، خائفة، لا تمتلك قدرة على الرفض، أو الاعتراض، تنفذ ما يمليه والدها الذي يبدو معنِفاً. يستحيل أن تُقاد طفلة الى حتفها، من غير خوف مسبق، تشرد بنظرتها، أثناء ملاطفتها في محاولة اقناعها. لا تعرف مما يقوله الأب إلا كلمة "الله أكبر". كلمة حفظتها عن ظهر قلب، جراء التعرض لإملاءات من "الوصيّ". ذلك الوصي الوحش، الذي زوجها لآخر بعمر 10 سنوات، وما كانت قادرة سوى على ذكر ذلك القتل المعنوي المبكر في وصيتها. 

كيف يمكن لطفلة أن تكتب وصية؟ ماذا تملك من وصايا أصلاً؟ كيف تكتب انسياقها للإعدام وتلونه بحبر ملون؟ كيف يمكن لها أن تحدد اسمها، وتغلق النظر عليه، ثم تحدد ورقة الوصية بألوان أخرى؟

لقد نُحرت فاطمة أربع مرات.. حين تزوجت زواجاً مع وقف التنفيذ، بالنظر الى ان زوجها المفترض اختفى حين كان عازماً على تنفيذ عملية انتحارية. ونُحرت مرة ثانية حين وجدت نفسها مضطرة للاستماع إلى والدها.. ومرة ثالثة حين كتبت وصيتها، ورابعة حين أُجبرت على تنفيذ عملية انتحارية.