صدر عن مدير عام التبليغ الديني في المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى المستشار الشيخ عبد الحليم شرارة ما يلي:
 

 
بين الجديد والحياة والإيمان: الشيطان حاضر
مساء الإثنين 19/12/2016 التأم المثلث الشيطاني، فكانت القنوات الثلاث مرتعاً للشيطان، الأخيرة بحثت عن تفاصيل الشيطان في الإسلام، والثانية أعادت هذه التفاصيل إلى أصل العهد الإبليسي، والأولى اختارت لنفسها أن تظلّ منبراً للشيطان. الأولى تقنعت بالعلمانية دون علم، والثانية تكلمت كنسياً دون كنيسة، والثالثة تسترت بالإسلام دون إيمان. جمع الثلاثة هدف واحد: التشكيك بالدين والتدين، إلا أنه هدف ذو ثلاث شعب: الأولى الفتنة، والثانية تشويه الإيمان، والثالثة انتهاك القيم. كلٌ يعمل من زاويته وعلى شاكلته، لا فرق ما دامت هذه الجداول الثلاثة الآسنة تصب كلها في مستنقع واحد، وتستمد من ينابيع متجانسة، وليس مهماً تنوع ألوان شعاراتها ما دامت كلها تخدم الامتدادات الشيطانية، مثلثة كانت أم مربعة أم متكثرة الأضلاع.
القنوات الثلاث وأخواتها تكاثرت فيها قرون الشيطان فقرن "للنشر" وقرن "هوا الحرية" وقرن "العين بالعين" وقرن "أحمر بالخط العريض" وقرن "بلا تشفير" وقرن "شيطنة الدين وظواهر ليست من الدين" وقرن "فقه الشريعة" وإلخ...، صحيح أنها قرون متعددة إلا أنها كلها تعود إلى وحيد القرن الذي يصنع "الفوضى الخلّاقة" في الشرق الأوسط، ربوع الإسلام ومهد المسيح.
وإذا كان صنّاع الفوضى الخلاقة مطمئنين إلى ضمان تحقيق أهدافهم ونجاح آلياتهم، فإن العجب كل العجب لشعوبٍ وقياداتٍ حسبت أن شظايا تلك الصناعة والحطام المتناثر والأشلاء الموزعة هي زهور ربيع. 
إنَّ الوقائع والأحداث إن لم تُدرك حقيقتُها في البدايات فإنها تُدرَك حتماً مع التطورات أو عند النهايات.
تُرى هل أصبحنا اليوم قادرين على أن ندرك أننا بتنا في جحيم وقودها الناس والحجارة حسبناها يوماً زهور ربيع ومساحة حرية وحقوق إنسان؟!
وهل أصبحنا قادرين على أن ندرك أن السلاح الأكثر فتكاً في هذه المواجهة التي تستهدفنا حضارياً ليس هو سلاح العسكر وإنما هو سلاح الإعلام؟!
إن سلاح العسكر يقتل البشر ويدمر الحجر، أما سلاح الإعلام فإنه يمسخ الإنسان، ويسلخه باقتلاعه من جذوره التاريخية وبتجريده من صبغته الحضارية وبانتزاعه من كينونته الثقافية والدينية، ليرميَ به على قارعة طريقٍ كغصن انبتر عن جذع شجرة، فأُلقيَ في عاصفة ثلج أو حمّى بركان، لا يدري ما يحصل له وما يجري من حوله.
إن سلاح الإعلام هو الأقدر على أن يطعن عقل الإنسان موطنَ عقيدته وفكره، ويشوّه فطرةَ الإنسانِ منشأ قيمه وأخلاقه، ويفسد سلوكَ الإنسان مظهر كماله وتكامله.
إن من يريد صنع الصراع لا بد له من صنع أُطره وأطرافه، وإلا فَقَدَ القدرة على إدارته، وتحوّلت "الفوضى الخلّاقة" إلى فوضى هدّامةٍ بالنسبة إليه كما هي بالنسبة إلى دُمى ساحة الصراع.
ولا بد لتكثير أُطر الصراع من تطبيق سياسة "فرق تسد" بالتشتيت والتفتيت تحت عناوين عرقية أو دينية أو ثقافية أو حزبية أو غيرها، كي تجتذب وتستلب كل فردٍ وكل جماعة وتحصر الجميع في مربعات الشطرنج، فلا يبقى للأحرار مساحة حرة خارج رقعة الشطرنج يتموضعون فيها، كي لا يكونوا لاعبين ولا ملعوباً بهم.
نحن يا أحرار العالم ندرك بوضوح رغم تنوّعنا العرقي والديني والثقافي أننا لن نكون يوماً دمى في ساحة الصراع او بعضاً من أحجار رقعة الشطرنج، بل نجزم بأنّا لن نكون سوى أحجار كريمة يضيء بريقها الزوايا المعتمة على خريطة "الفوضى الخلّاقة". وسنبقى الصوتَ الصارخَ في البريّة الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر على هدي محمد صلى الله عليه وآله ودعوة المسيح عليه السلام في مواجهة أبواق إعلام الفتنة وإعلام الإباحية وإعلام التحريف والتشويه، المتمظهرة من خلال عناوين برّاقة وشخصيات فاسدة وعمائم مزيفة وقلانس خادعة، أوليست الطيور على أشكالها تقع؟! 
"إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ". [النور : 19]