سبقتها أخريات، ولكنها المرة الأولى التي تتولى فيها مسلمة رئاسة الوزراء في بلد ذي أغلبية مسيحية بأوروبا.

ورغم أن ترشيح أكبر حزب سياسي في رومانيا امرأة من الجالية التتارية لمنصب رئاسة وزراء البلاد أمس الأربعاء 21 ديسمبر/ كانون الأول 2016 يعد خطوة مفاجئة لأسباب عديدة، إلا أنه يسهل التنبؤ بتداعياته في ظل ما تمر به القارة العجوز من تحديات.

فلماذا التفَّ الاشتراكيون حول سيفيل شحادة (52 عاماً)، التي يعد اسمها مغموراً نسبياً، إذ كان أكبر منصب تولته هو وزيرة التطوير الإقليمي لمدة 6 أشهر ضمن الحكومة السابقة، بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي نفسه PSD.

سجل الحزب فوزاً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 11 ديسمبر/ كانون الأول الجاري 2016، محققاً نسبة فاقت 45% من الأصوات، أهَّلته مع حليفه الأصغر "تحالف الليبراليين والديمقراطيين" لتشكيل الحكومة، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

كان من المنتظر أن يُعيِّنُ رئيسُ البلاد رئيسَ الحزب الفائز في منصب رئيس الوزراء، لكن ليفيو دراغنا رئيس الـPSD سبقت إدانته بتزوير انتخابي من قبل، وصدر حكم بحقه في أبريل/نيسان 2016 لمدة عامين مع وقف التنفيذ، ومن ثَمَّ وجب اختيار شخص آخر.


من هي شحادة؟

قضت شحادة المسلمة الرومانية، ذات الأصول التترية معظم مشوارها المهني في مدينة كونستانسا الساحلية على البحر الأسود، لا في العاصمة بوخارست.

وتعد من المقربين لدراغنا، فقد كانت سكرتيرة داخل وزارة التطوير، ثم تولت بنفسها تلك الوزارة خلفاً لدراغنا عندما تنحى عن منصبه عام 2015.

كذلك حضر دراغنا حفل زفافها إلى رجل أعمال سوري، الذي يمتلك مع شحادة 3 عقارات في سوريا طبقاً لإشهارٍ لذمتيهما المالية يرجع لشهر يوليو/تموز 2015.

ويرى بول إيفان، المحلل السياسي المخضرم في مركز السياسة الأوروبية في بروكسل، أن "شحادة تعد مديرة أكثر منها سياسية فهي يُنظر إليها كخبيرة تكنوقراطية، فهي خبيرة اقتصاد عملت في الإدارتين المحلية والإقليمية لعدة سنوات".

ويضيف: "رأينا في الأيام الأخيرة أسماء كثيرة طرحت، لكن اسمها لم يكن من بينها".

سيرجيو ميشكويو أستاذ العلوم السياسية بجامعة بابِش بولياي الرومانية اعتبر ترشيح شحادة "إشارة إلى أن دراغنا سوف يتحكم بالحكومة لكن من دون تعريضه لمسؤولية مباشرة. ليس على سجل شحادة أي علامات سوداء صريحة، وبالتالي ليس لدى يوهانِس أي سبب رسمي يدفعه لرفض تعيينها".


حالات نادرة

في أوروبا كلها لم توكل إلى امرأة مسلمة قط مناصب سياسية من وزن رئاسة الحكومة أو البلاد، إلا في حالات نادرة كانت في بلدان ذات أغلبية مسلمة، كالتركية تانسو تشيللر رئيسة وزراء تركيا في التسعينيات وعاطفة جاهجاغا رئيسة كوسوفو بين عامي 2011 و2016.

مع ذلك رأى إيفان، أن ديانة شحادة ومعتقدها الديني لن يجعلها تبدو أجنبية غريبة في أعين مواطنيها الرومانيين.

يقول: "بشكل عام، الجالية المسلمة في رومانيا من أتراك وتتار يمارسون نمطاً معتدلاً جداً من الإسلام، فقد عاشوا أكثر من 100 سنة في دولة غير مسلمة، ومرُّوا بتجربة العيش في ظل نظام اشتراكي. ولو نظرتم إلى شحادة، تجدونها غير محجبة".

الآن، وقد رُشح اسم شحادة، فإن الخطوة التالية هي في موافقة الرئيس ومصادقته على تعيينها رسمياً، لتكون رئيسة وزراء البلاد المقبلة خلال هذا الأسبوع، ليأتي من بعد ذلك تأكيد تعيينها في منصبها، بمنحها الثقة البرلمانية.