على مشارف الحدود الشرقية اللبنانية السورية في عرسال، وجّه الفتى عبد الحميد ح.(18 عاماً) رسالة الى والدته في طرابلس مودعّاً وطالباً منها السماح بعد أن عقد العزم على الانضمام الى تنظيم داعش الإرهابي. ولم تمضِ ساعات معدودة حتى أصبحت الوالدة في عرسال لتسحب ابنها من بين «أنياب» داعش قبل لحظات من دخوله الى سوريا برفقة آخرين بعد مبايعتهم للتنظيم المذكور عبر أميره الشرعي في طرابلس ابراهيم بركات.

في مسجد حمزة في طرابلس الذي كان يتردد اليه، اقتنع المتهم بالفكر الجهادي فوفق على الانضمام الى داعش بعد دروس دينية تلقاها حول نهج التنظيم على يد مهند عبد القادر الذي عرّفه على طريقة وأساليب لتجنيد الشبان للالتحاق بالتنظيم. كما طلب منه تحريض الشبان على عدم الالتحاق بالجيش اللبناني. وكذلك قام المتهم بمراقبة تحركات الجيش بتكليف من عبد القادر بهدف استهدافها لاحقاً.

وبعد أن أصبح المتهم مستعداً للانضمام الى داعش بعد المبايعة»على السمع والطاعة»، توجه وعبد القادر الى عرسال للدخول منها الى سوريا. وفي عرسال أرسل المتهم رسالة الى والدته طالباً منها السماح ومودعاً، وعندما تلقت الوالدة الرسالة لحقت به الى عرسال ونجحت «أولياً« في ردعه عن «مشروعه». لكن المتهم لم يرتدع فراح يحضّر نفسه للسفر الى تركيا بعد توقيف مهند للالتحاق بداعش. وبعد توقيفه، اعترف أولياً بما أسند اليه ليتراجع أمس عن تلك الاعترافات أثناء استجوابه أمام المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله.

لم ينكر المتهم تردده الى المسجد وإنما من أجل الصلاة وتلقي دروس دينية حول الصلاة والصوم، ويضيف رداً على أسئلة الرئاسة بأن مهند كان يعطيه وغيره دروساً دينية. وقال: « كان يتحدث عن الجهاد وأنا تعرفت عليه في المسجد إنما لم أبايع داعش عبره ولا عبر ابراهيم بركات الذي لم ألتقِ به إنما أعرفه بالشكل».

وزعم المتهم أن سبب سفره الى سوريا هو من أجل تحصيل المال، وهو السبب نفسه الذي دفعه للتفكير في السفر الى تركيا للعمل كونه «معلّم حلويات»، نافياً لقاءه بأحمد ميقاتي الملقب بـ»أبو الهدى« وأشخاص آخرين ذكر أسماءهم في التحقيق الأولي. وقال: «أنا أسكن في القبة قبل الأحداث الأمنية في سوريا التي تركتها قبل ست سنوات»، نافياً دوره في إعطاء شبان السلاح في مسجد حمزة خلال «أحداث طرابلس» «فأنا لم أحمل السلاح ولم أشارك في أي معارك» قال المتهم الذي أكد على واقعة حضور والدته الى عرسال وإعادته الى المنزل.

كما استجوبت المحكمة في ملف آخر، الموقوف السوري مُضر المصري، وفي محصلة استجوابه أنه وأولاده انضموا جميعاً الى تنظيم جبهة النصرة، حتى أن الوالد عمد الى تهريب هاني المصري الذي أصدر فتوى بقتل الجنديين الشهيدين محمد حمية وعلي البزال .

هكذا خلصت المحكمة العسكرية من استجواب المصري أمامها أمس، في ضوء اعترافاته الأولية التي نفاها بذريعة تعرضه للضرب والتعذيب، حيث أقر في التحقيق الأولي بارتباطه بجبهة النصرة ونقله أسلحة حربية لصالحها. كما كان له دور تنسيقي مع قياديين في التنظيم وساعد أحدهم في الفرار الى طرابلس قبل أن يُصار لاحقاً الى توقيف الأخير.

اشترى المتهم بنادق ومسدسات من السوري أحمد الدريبي وكان يتقاضى عن كل قطعة حربية يؤمنها للتنظيم مبلغ خمسين ألف ليرة. وقال المتهم عن أحد أولاده إنه مصاب بمرض عضال فيما ابنه الآخر محمد موقوف بتهمة الإرهاب. وبعدما أوضح له رئيس المحكمة أن ابنه وهو الملقب بـ»أبو الوليد« شارك بالهجوم على مراكز الجيش في عرسال وبأنه أحد المقربين من «أبو مالك التلي« وشارك في تفخيخ سيارتين كما آوى انتحاريين، نفى الوالد ذلك كما نفه تهريبه هاني المصري الى طرابلس «فالأخير استخدم فقط هاتفي للتحدث مع أحد السائقين«.

وواجه رئيس المحكمة «الوالد» بإفادة هاني المصري (ملاحق بدعوى أخرى) التي أكد فيها أن محمد ابن المتهم ملقب بت»أبو الوليد« وشارك فعلاً بتفخيخ سيارتين في عرسال وبأن فلسطينياً وآخر ليبياً كانا سينفذان عملية انتحارية بالسيارتين، فأجاب «بأن اعتراف هاني جاء تحت الضرب»، ليزعم بأن ثمة خلافاً بينه وبين هاني المصري.

ورداً على سؤال قال المتهم «نحن لسنا مع النصرة ولا مع غيرها ولم نشارك في أحداث عرسال إنما نحن هربنا خلال تلك الأحداث».