عاشت عائلة مهدي عطية رحلة رعب في عاصمة الكونغو الديمقراطية، حين كانت تجتاز نهر كينشاسا صباح الأحد الماضي للوصول الى احدى الجزر وتمضية يوم العطلة كالعادة. اذ فجأة تحوّل الطقس الى عاصف، وتلبدت السماء بالغيوم، وتساقط المطر، فانقلب القارب، وجرفت المياه من كان عليه وباعدت بينهم، وبعد ساعات تم انقاذ الجميع باستثناء الطفلة لاينا (10 سنوات) التي فارقت الحياة بعدما سجنت تحت القارب.

غضب الطبيعة
في ذلك اليوم، "قرر مهدي القيام بنزهة الى الجزيرة مع ولديه ورفيقيهما اللبنانيين والعاملة، فحملوا كل ما يحتاجونه للترفيه عن انفسهم، وركبوا القارب الذي قاد وجهته كابتن. كان الجميع يشعر بالفرح، اذ لم يتوقع احد ان ما ينتظره أشبه بفيلم رعب ممكن مشاهدته على التلفاز، فبينما كان يسير المركب بهدوء، غضبت الطبيعة في لحظات، فثار النهر، وغرق الجميع، قبل ان يعثر صيادون على الاولاد عدا لاينا التي علقت تحت القارب في الوقت الذي كان والدها يبحث عنها في كل مكان، باذلاً كل ما في وسعه للعثور عليها، كيف لا وهي وحيدته وشقيقها حسن (7 سنوات)، المتعلق بها الى حدّالجنون، لقد فرّق الموت بينهما"، بحسب ما قالته صباح شقيقة مهدي لـ"النهار".

في البداية وصل خبر موت جميع من كانوا على القارب، ولفتت صباح "لحظات الانتظار كانت اطول من سنوات العمر التي عشتها، سبع اشخاص فقدوا دفعة واحدة، قبل ان تكتب لهم حياة جديدة عدا لاينا التي ننتظر وصول جثمانها اليوم لتلتحف بتراب بلدتها الجنوبية التي أحبتها وأهلها، لكن هذه المرة ستعود لتلقاهم جسدا بلا روح".

رحيل موجع
ابنة بلدة قانا ولدت وترعرت في الكونغو، عمّها نجيب شرح لـ"النهار" فقال "هاجر جدي في بدايات القرن الماضي الى افريقيا، والدي ونحن ولدنا هناك، وعلى الرغم من ذلك كان شقيقي مهدي يصر على قصد لبنان نحو ثلاث مرات في العام، يصطحب ولديه ليبقيا قريبين من العائلة، ويتعرفا على عادات مسقط رأسهما، آخر مرة كانت لاينا هنا في شهر نيسان الماضي لحضور عرس شقيقتي، كانت سعيدة، امضت اسبوعا لن ننساه، ففي كل مكان زارته طبعت ابتسامة لن يمحوها الزمان".

رحلت لاينا "الطفلة العاطفية، التي تتعلق بجميع منحولها فلو شعرت مثلا ان هرّها لا يعاملها كعادته تحزن وتبدأ تسأل ما به ولماذا تغير عليها"، قالت صباح قبل ان تضيف "كانت تحب العائلة، التسوق والطعام، حنونة كثيرا، خسارتنا جسيمة لا سيما شقيقي الذي كرس حياته لولديه، كان يرى الدنيا من عيني ابنته، رسم مستقبله على إسعادها وتأمين كل ما تحتاجه وشقيقها، وحين اراد ان يرى الفرح على وجهها وهي تلعب على الجزيرة التي كانوا يقصدونها قبل وقوع الكارثة خطفها القدر من بين يديه، حرمه منها الى الأبد، لا استطيع وصف حالته، فبكل بساطة نزع قلبه عن جسده".

 

النهار