«حركة بلا بركة» واللبنانيون الذين «تسمروا» وراء شاشات التلفزة لمتابعة الاجتماعات واللقاءات بين عين التينة وبيت الوسط والرابية بانتظار موقف الرئيس سعد الحريري باعلان ترشيح العماد ميشال عون لم يشفوا غليلهم، وما عليهم الا المزيد من الانتظار و«حرق الاعصـاب».
موقف الرئيس نبيه بري الحاسم والواضح والصريح انه لن يمشي بالعماد  ميشال عون لرئاسة الجمهورية، حتى لو مشى الجميع، بات امراً واقعاً.  واشارت معلومات صحافية ان الرئيس الحريري طلب موعدا لزيارة عين التينة ولم يحدد الموعد. كما ان الوزير باسيل طلب موعدا ايضا وتم تجاهل الامر، وقد ابلغ الوزير علي حسن خليل موقف الرئيس بري الرافض لترشيح عون الى الرئيس الحريري في «بيت الوسط»، وقال له بوضوح: «مشينا معك في خيار النائب سليمان فرنجية وما زلنا، فلا يجوز ان تتراجع وتتبنى تأييد العماد عون»، فرد الحريري: «حزب الله عطل ترشيح النائب سليمان فرنجية، واريد ان اضع النقاط على الحروف من خلال ترشيحي للعماد عون وسنرى موقف حزب الله»، رد خليل «تحاول ان تضع التعطيل عند حزب الله، وهذا ليس صحيحاً وما تقوم به غلط وما بتظبط الامور هيك ولن نشارك بأي حكومة». وانتهى الاجتماع غير الودي بين الرجلين، وعاد الوزير خليل الى عين التينة ووضع الرئيس بري الذي كان يستقبل تيمور جنبلاط مع وزراء التقدمي بما جرى معه في بيت الوسط، واكد رئيس المجلس للوفد الاشتراكي الموقف ذاته من رفضه لترشيح العماد عون مهما كانت الظروف. فيما تريث وزراء «الاشتراكي» باعطاء رد نهائي مع التأكيد على التفاهم الشامل، وعلم  ان بعض نواب اللقاء الديموقراطي وتحديداً النائبين مروان حماده وفؤاد السعد ابلغا جنبلاط عدم السير بالعماد ميشال عون.
لكن مشكلة النائب وليد جنبلاط لها حسابات خاصة ومختلفة عن حسابات بري، فحسابات جنبلاط جبلية ودرزية، وهو لن يترك «حليف العمر» وسيبقى يراعيه، لكن رئيس التقدمي لا يستطيع ان يواجه حلف «الحريري - عون - جعجع» في الجبل، كون البلد على ابواب الانتخابات النيابية، واذا تحالف سنّة اقليم الخروب المؤيدون للحريري مع مسيحيي عون وجعجع في الجبل، فان الدروز يصبحون خارج المعادلة، وضرب جنبلاط في قلب بيته، كما ان هم زعيم المختارة الاساسي منصّب على تأمين زعامة تيمور والانتقال الهادئ  و«ضرب من يعصي الاوامر»َ، وهذا الانتقال ليس بالامر السهل في الظروف السياسية الحالية، ولا يمكن لجنبلاط في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ المختارة ان يواجه الثنائية السنية - المسيحية في الشوف.
وبالتالي فان الحسابات الجنبلاطية بالسير بالعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وسعد الحريري لرئاسة الحكومة ثابتة وتنطلق من هذا الاعتبار، وبالتالي فان جنبلاط بحاجة لضمانات اكثر من اي طرف سياسي، وهو يعرف ان اتفاق اي طرفين في الشوف والجبل يعني خروج الطرف الثالث من المعادلة، ولذلك فان جنبلاط سيصوت لعون وربما ترك الحرية لنوابه.
كما استقبل الرئيس بري مروان ابو فاضل موفداً من النائب ارسلان الذي يتفهم اعتراضات الرئيس بري.
بالمقابل فإن الحريري ابلغ الاشتراكي والمردة السير بالعماد عون فيما اشارت معلومات ان اللقاء مع النائب سامي الجميل لم يعقد.
والسؤال الاساسي يبقى من هي الجهة القادرة على تأمين الضمانات التي يطالب بها الرئيس نبيه بري؟ وفي المعلومات، ان بري ومعه اطراف سياسية يرفضون اتفاقات باسيل - نادر الحريري الرئاسية.
فالنائب سليمان فرنجيه وبعد كل اجتماع في باريس مع الحريري، كان على الفور يضع الرئيس بري بالاجواء والتفاصيل، فيما باسيل ونادر الحريري اتفقا وتحاورا ويريدان موافقة الجميع او البصم.
 من هنا تشير المعلومات، ان المخرج الحالي هو اعلان سقوط ما اتفق عليه باسيل ونادر الحريري وهذا يستدعي مفاوضات جديدة ومن الصفر، لتأمين توافق وطني شامل يأتي بالعماد عون، ولذلك فان ما نقل عن الوزير حسين الحاج حسن بتأجيل جلسة انتخاب عون الى 17 تشرين الثاني قد يكون فرصة لبدء المفاوضات من جديد والوصول الى توافق بين بري وعون والحريري وباقي الاطراف ويأتي المخرج الرئاسي على اساسه لكن العماد عون رفض تأجيل الجلسة الى 17 تشرين الثاني.
الاتصالات بين حزب الله والرئيس بري لم تنقطع ومتواصلة، وهناك تفهم لاعتراضات  الرئيس بري ولا يمكن لحزب الله ان «يمشي» باي خيار رئاسي لا يوافق عليه الرئيس نبيه بري، وهذا الامر يفرض على العماد عون التحرك خصوصا ان البعض يؤكد ان «الجنرال» لم يدر معركته الرئاسية بشكل سليم وتحديداً مع الرئيس نبيه بري، واكتفى بما يقوم به وزير الخارجية وهذا امر صعب جداً مع بري وجنبلاط. فالرئيس بري الذي ادار البلد، بشكل متوازن خلال مرحلة الفراغ الرئاسي وحافظ على الجميع لا يمكن ان «يقبل» بان يتبلغ الاتفاق من معاوني عون والحريري لما لهذا الامر من تداعيات على الطائفة الشيعية. الحل يتطلب مفاوضات جديدة خارج اتصالات «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» لكن سفر الرئيس بري الى جنيف جعل الوقت داهماً ولذلك ما المانع من التأجيل لمدة اسبوعين او ثلاثة لكن الرابية «تخشى» من ان يودي طول الانتظار الى حرق الطبخة.
اليومان المقبلان حاسمان، وحتى اذا اعلن الحريري تأييده لعون فان اعتراض الرئيس نبيه بري قد يفجر الجلسة ويمنع حصولها لان الرئيس بري يعتبر اتفاق  باسيل والحريري انقلاباً على الطائف والمؤسسات وضرورة مواجهته، مع الايحاء بتحركات في الشارع قد تؤثر على الوضع الامني، وهذا ما ترفضه الدول الاوروبية وواشنطن وروسيا. فالوضع الامني هو الاساس، والموضوع الرئاسي تفاصيل وليس في اهتمامات احد باستثناء الدور الخجول لفرنسا، وحتى السعودية قالت للحريري بوضوح: «اختيار العماد عون على مسؤوليتك فاذا نجحت في هذا الخيارتكون قد نجحت وسنؤيدك، اما اذا فشلت فستتحمل نتيجة الفشل لوحدك، ولن نقدم لك المساعدة مطلقاً ولن نتدخل بالتفاصيل اللبنانية». فيما الموقفان الايراني والسوري واضحان «ما يقرره الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نوافق عليه والقرار الرئاسي وغير الرئاسي بيده شخصيا»، حتى ان مسؤولين لبنانيين فاتحوا مسؤولين سوريين وايرانيين بالامر فاحالوهم على السيد نصرالله.
اما الذين يتحدثون عن سيناريو عقد الجلسة في 31 تشرين الاول ونزول الكتل النيابية والفوز لمن ينال النسبة الاكبر من الاصوات فهؤلاء ايضاً لا يدركون ان لبنان لا يحكم بغالب ومغلوب او كسر عظم لان ذلك سيفجر البلد، فكيف اذا كان المعترض على العماد عون بمستوى وحجم الرئيس نبيه بري.
هذا الجو السلبي في عين التينة، والمتردد في المختارة والحاسم في بيت الوسط باتجاه العماد عون والمتفائل جداً في الرابية مع تأكيدات بالحسم سيتوضح قريباً، لكنه يتزامن مع عشرات التسريبات وكل على «المخدة» التي يرتاح عليها، ومن بين التسريبات بوادر تباينات بين امل وحزب الله ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسامات في بيت الوسط ورفض مطلق من السنيورة وفتفت واكثر من 12 نائباً من تيار المستقبل السير بخيار عون. موجة الاحتجاجات وصلت الى اللقاء الديموقراطي، مع تسريبة ان العماد عون انجز خطاب القسم  مع رفضه  الثنائية وتهديدات البعض بالعودة الى الحرب الاهلية.