بلغ حال الاستنفار السياسي والرئاسي أوجه خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة مع تسارع وتيرة المشاورات والاتصالات على أكثر من خط وفي أكثر من اتجاه على امتداد خارطة التقاطعات والتباينات الرئاسية. فعلى وقع بروز معطيات ومعلومات موثوقة تشي بأنّ الرئيس سعد الحريري يتجه إلى حسم موقفه الرئاسي خلال الساعات الـ48 المقبلة، أدارت الوفود السياسية محركاتها وتفاعلت المشاورات والرسائل المتبادلة أمس بين مختلف الأفرقاء واضعةً الاستحقاق الرئاسي على نار حامية وصلت إلى حد الغليان على محور عين التينة - الرابية تحت وطأة توعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري «العهد» العوني بـ«المواجهة» بعد تلويح مصادره صباحاً بحتمية عودة «الحرب الأهلية» من بوابة انتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، الأمر الذي استدعى رداً مباشراً من التكتل حمل تحذيراً عونياً من مغبة صب الزيت على نار «الفتنة» و«تهديد اللبنانيين بحرب أهلية» مع دعوة المعترضين إلى التزام حق المعارضة «من دون محاكمة نوايا وكيل التهم جزافاً».

وفي الأثناء، كان الرئيس الحريري يستكمل مشاوراته مع الوفود السياسية التي زارته في بيت الوسط حيث تباحث في آخر المستجدات مع كل من موفد بري الوزير علي حسن خليل، وموفد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الوزير وائل أبو فاعور، وموفدي رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الوزير روني عريجي والوزير السابق يوسف سعادة. في وقت كانت كتلة «المستقبل» قد شددت إثر اجتماعها أمس برئاسة الحريري وحضور الرئيس فؤاد السنيورة على كون «المهمة المركزية والأساسية للنواب والقوى السياسية الآن هي العمل لانتخاب رئيس للجمهورية وفقاً لأحكام الدستور (...) وكل تأخير في انتخاب الرئيس وكل عرقلة لعمل المؤسسات الدستورية وتحديداً لعمل مجلسي النواب والوزراء، يُعرّض البلاد إلى مفاقمة الأخطار الراهنة والمحتملة على كل المستويات الوطنية والسياسية والأمنية والمالية والاقتصادية».

أما في عين التينة، وبعد تغريدة رئاسية جديدة لفت فيها إلى أنّ «الفرج قريب»، أوفد جنبلاط نجله تيمور يرافقه الوزيران أبو فاعور وأكرم شهيب إلى جانب النائب غازي العريضي الذي أوضح بعد لقاء بري أنه «من الأفضل للجميع أن تكون تسوية (رئاسية) لأن البلد لم يعد يحتمل»، مكتفياً بالقول في ما خص موقف «اللقاء الديمقراطي» من ترشيح عون: «نحن نتفهم موقف الرئيس بري وهو يتفهم موقفنا، ونحن بانتظار ما يستجد من أمور ليكون لنا موقفنا (...) بما يحفظ كرامة مرشحنا النائب هنري حلو».

«تشريع الضرورة»

واليوم، ينعقد مجلس النواب في جلسة تشريعية صباحية ومسائية وفق جدول الأعمال الذي أقرته هيئة مكتب المجلس خلال اجتماعها أمس برئاسة بري بعد انتهاء جلسة انتخاب أعضاء الهيئة واللجان ورؤسائها ومقرريها. وبعد الاجتماع، أعلن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أنّ الجدول المُقر يتضمن 21 مشروعاً، مشيراً إلى إدراج اقتراحين يتعلقان بقانون الانتخابات النيابية في آخر الجدول ربطاً بالأصول التي تفرض ذلك لكونهما اقتراحين يحملان صفة «معجل مكرر».

وبينما أكد التكتل العوني عشية الجلسة المشاركة فيها تحت عنوان «تشريع الضرورة» برز في المقابل تحفظ قواتي على تأخير جدولة مشروع قانون الانتخاب وعلى الجدول برمته باعتباره «جدولاً فضفاضاً يتجاوز تشريع الضرورة» كما عبّر النائب أنطوان زهرا تاركاً الاحتمالات مفتوحة على إمكانية مقاطعة «القوات» جلسة اليوم من دون أن يكون حاسماً رداً على أسئلة الصحافيين في تأكيد المشاركة من عدمها في الجلسة بانتظار انتهاء الاتصالات والمشاورات بهذا الخصوص. ومساءً، كانت المستجدات الرئاسية والتشريعية موضع تباحث وتنسيق معمق على مدى أكثر من ساعتين في معراب بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وموفد الرابية النائب ابراهيم كنعان في حضور رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم الرياشي.