هل حقاً اقترب الشغور الرئاسي من خواتيمه؟ وهل قضي الأمر بعودة العماد ميشال عون الى قصر بعبدا بعد 26 سنة من مغادرته إياه تحت وابل من القذائف السورية؟ وهل يتخلّى "حزب الله" عن حليفه الرئيس نبيه بري الذي يستعد للتحوّل الى المعارضة؟ وهل يتجاوز الحزب "سلة" التفاهمات التي تحدد مسار رئيسي الجمهورية والحكومة وتأسرهما؟ تساؤلات كثيرة طفت على سطح الاستحقاق أمس وسط تسارع مفاجئ للتطورات والأحداث التي أفضت الى ان المسار الرئاسي سلك طريقه.
النائب غازي العريضي اختصر الوضع بعد خروجه ووفد الحزب التقدمي الاشتراكي من عين التينة بقوله: "لا شيء نهائياً بعد في الملف الرئاسي"، ربما في انتظار اعلان الرئيس سعد الحريري دعمه ترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية والمتوقع غداً استناداً إلى مصادر متابعة لدى الطرفين المعنيين واللذين رأى المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل أنهما يستعيدان "ميثاق 1943 والثنائية المارونية السنية، وهذا ما لن نرضى به" (وهو الكلام الذي نفى بعض تفاصيله لاحقاً). وقد أرجئ الاعلان الى غد لتزامن اليوم مع ذكرى اغتيال اللواء وسام الحسن.
والمشهد السياسي الذي بدا غير مسبوق في حيويته، استعاد أيضاً زمن الحرب، والانقسامات، والفحيح المذهبي الذي اعتبر ان ثمة محاولة لإقصاء المكوّن الشيعي عن تركيبة الحكم، والاتفاق على تقاسم المغانم من دونه. وتجلّى الارتباك في كل الساحات الأخرى، المسيحية التي تعتبر عدم وصول عون إقصاء لها والغاء لدورها الذي بدأ مع الوصاية السورية وهو يستمر في اشكال مختلفة، يقابله توجس الكتائب والاحرار والمستقلين من عون وابتعاد النائب سليمان فرنجية عن حلفائه، فيما تعاني الساحة السنية اضطراباً كبيراً في ظل عدم تقبل محازبي "تيار المستقبل" وأنصاره خيار رئيسهم الرئاسي، والتحدي الذي بات يمثله الخط الذي ينتهجه الوزير أشرف ريفي، والذي لاقاه أيضاً موقف رافض للرئيس نجيب ميقاتي.
واذا كان الرئيس الحريري سعى الى اقناع أعضاء كتلة "المستقبل" بخياره، فإنه جبه باعتراضات لم ترق الى حد التصدي له، منها موقف للرئيس فؤاد السنيورة رفض تلبية "تمني" عون أن يتم الاعلان عن دعمه في حضور أعضاء الكتلة. وقد تلقى الحريري موقفين متشددين، الاول من الرئيس بري نقله اليه الوزير خليل وفيه انه ماض في خيار دعم النائب فرنجية وان زيارة بروتوكولية من عون لن تنفع، مؤكداً ضرورة التزام "السلة"، والثاني من رئيس "تيار المردة" نقله اليه الوزير روني عريجي والوزير السابق يوسف سعاده وفيه أيضاً تأكيد ان فرنجية لن ينسحب من السباق الرئاسي. لكن الحريري رد عليهما بانه انتظر سنة لم يأت خلالها فرنجية بأي حراك، وخصوصاً في اتجاه حلفائه، وانه لا يمكنه الانتظار الى ما لا نهاية.
وشهدت أيضاً حركة اللقاءات زيارة للوزير جبران باسيل لـ"بيت الوسط"، وايفاد النائب وليد جنبلاط نجله تيمور والوزيرين وائل ابو فاعور واكرم شهيب والنائب العريضي الى عين التينة، وأوفد العماد عون النائب ابرهيم كنعان الى معراب.

 

"حزب الله" والمشاورات الجدية
في هذه الأجواء، بات حليف العماد عون "حزب الله" في موقع لا يحسد عليه بعد الموقف الحاسم لحليفه الاستراتيجي الرئيس بري. وأكدت أوساط "حزب الله" لـ"النهار" ان "الموقف بعد اعلان الحريري ليس كما قبله وان مروحة مشاورات واسعة ستنطلق بعد التحول السياسي اللافت وان الاتصالات ستشمل أطرافاً عدة".
وعن الطريقة الفضلى للوقوف على خاطر بري قالت إن "للرئيس بري رأيه في الاستحقاق الرئاسي وهذا رأي نحترمه ولكن الامور في لبنان لم تصل يوماً الى حد كسر فريق لآخر أياً كانت الدوافع، والامر لا يسري حتى على الخصوم السياسيين فكيف يمكن الحزب ان يقبله على حليف استراتيجي. وسبق للسيد حسن نصر الله في بنت جبيل في 13 آب الماضي ان كرر ان مرشحنا كان وسيظل الرئيس بري لرئاسة مجلس النواب وان لا مجال للعب على هذا الوتر من قبل أي كان".
وفي اتصال لـ"النهار" بالرئيس بري قال: "كل الكلام والاخبار الذي تردد عن ان حركة أمل وكتلة التحرير والتنمية تحدثتا عن ثنائية مسيحية سنية او صيغة 1943 لا أساس له من الصحة. هذا الكلام من باب الدس وانفيه نفيا قاطعاً". وأضاف: "لن نقاطع جلسات الانتخاب على رغم معارضتنا العماد ميشال عون، ومن ينجح نهنئه".
وفي قراءة لاوساط "مستقبلية" عبر "النهار"، إن الرئيس الحريري بدعمه عون "يكون قد ادى واجبه الوطني للتخلص من الشغور في الموقع الاول في الجمهورية وكذلك في الموقع المسيحي الاول. واذا فشل المسعى لأي سبب كان فهو لا يتحمل المسؤولية التي تقع على الثنائي الشيعي الذي يجب ان يذلل العثرات، وايضا على محور الرابية - حارة حريك، اذ ان الاخير مسؤول عن ضمان مضي فريق 8 آذار بهذا الخيار".

 

الجلسة التشريعية
على صعيد آخر، دعا رئيس مجلس النواب الى جلسة تشريعية تعقد اليوم قبل الظهر وبعده لدرس واقرار جدول الاعمال الذي أعلن بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس انه سيشمل قانون الانتخاب. وفي حين أفادت المعلومات ان معظم الكتل النيابية ستشارك في الجلسة، ومنها "التغيير والاصلاح" محاولاً ترطيب الاجواء مع رئيس المجلس عشية جلسة 31 تشرين الأول الانتخابية، أشار عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب انطوان زهرا الى ان "قانون الانتخاب أدرج بنداً أخيراً في جدول الاعمال وأنا تحفظت لاننا قد لا نصل اليه". وأضاف: "نترك لكل فريق أن يعلن عن موقفه ونحن سنطالب كل المعنيين بالوفاء بالتزاماتهم لناحية أولوية قانون الانتخاب".
الا ان نائب رئيس المجلس فريد مكاري أوضح في هذا السياق أن هناك أصولاً لوضع المشاريع على جدول الاعمال، فالمشاريع التي لها صفة معجل مكرر (كمشروعي قانوني الانتخاب اللذين سيبحث فيهما) توضع في نهاية الجلسة".

الحوار الثنائي
ويذكر ان جلسة جديدة من الحوار الثنائي بين "المستقبل" و"حزب الله" تعقد مساء غد الخميس في رعاية الرئيس بري في عين التينة وتلي اعلان الحريري دعم ترشيح عون.