في الواقع، يعتبر الالتهاب أشبه بنار داخل الجسد لا يمكنك رؤيتها أو الشعور بها، وقد يظهر هذا الضرر في صورة التهاب مفاصل أو مرض بالقلب أو سكتة دماغية أو حتى مرض ألزهايمر. ومع ذلك، فإن الالتهاب ليس شًرا في حد ذاته، بل على العكس تماًما فإنه يضطلع بدور مهم في كيفية حفاظ جهاز المناعة على الجسم آمًنا وبحالة صحية جيدة.

وهناك نوعان من الالتهاب: الحاد والمزمن. والملاحظ أن غالبية الأشخاص على معرفة بالنمط الحاد، الذي تتمثل أعراضه في احمرار وسخونة وتورم حول الأنسجة والمفاصل حال تعرض إصبعك، مثلاً، لجرح، أو اصطدام الركبة بجسم صلب. وعندما يصدر الجسم إشارة تنبئ عن تعرضه لإصابة ما، يسارع جهاز المناعة لإرسال جحافل من خلايا الدم البيضاء للإحاطة بالمنطقة المصابة وحمايتها. وتجري هذه العملية على النحو ذاته، عندما يستجيب الجسم للإصابة بالإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي. فالالتهاب الحاد هو السبيل الذي يقاوم من خلاله جسدك، الأجسام الغازية التي قد تسبب العدوى، بجانب كونه جزًءا من عملية الشفاء. وبذلك يتضح أن الالتهاب أمر جيد لما يضطلع به من حماية للجسم.

في المقابل نجد أن الوضع مختلف مع الالتهاب المزمن. فرغم أن الجسم يظهر ردة الفعل ذاتها المرتبطة بالالتهاب الحاد، فإن الالتهاب في هذه الحالة يستمر، ذلك أنَّ خلايا الدم البيضاء تغمر المنطقة المصابة، لكن ينتهي الحال بها إلى مهاجمة الأنسجة والأعضاء القريبة السليمة.

وسائل الحماية

تشكل إدارة النظام الغذائي وأسلوب الحياة السبيلين الأمثلين للإبقاء على الالتهاب المزمن قيد السيطرة. فبحسب د. أندرو لستر، من مركز أمراض المناعة والإلتهابات، بجامعة مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هرافرد، فإنَّ الوزن الزائد يمثل سبباً متكرراً للالتهاب. وعليه، فإن فقدان بعضاً من وزن الجسم الزائد، خصوصاً حول البطن، يمكن أن يحد من مستويات الالتهاب. وفيما يلي عدد من الخطوات الوقائية الأخرى، تبًعا لنصائح لستر:

مكافحة أمراض اللثة:

لو كانت لثتك تنزف عندما تنظف أسنانك، فالإحتمال الأكبر أنك تعاني من التهاب. لذا، عليك أن تبادر إلى حجز موعد لدى طبيب الأسنان لإجراء فحص عام، والعمل على تعزيز العناية بالفم.

علاج الكولسترول المرتفع:

عليك إجراء تحليل للتعرف على مستوى الكولسترول، ثم تحدث إلى طبيبك بخصوص تناول عقاقير الستاتين للإبقاء على الدهون قيد السيطرة، إذا ما رأى الطبيب أنها شديدة الارتفاع.

الإقلاع عن التدخين:

هذا أمر جيد، ونصيحة طبية عامة. فيما يخص الالتهابات على وجه التحديد، فإن المواد السامة الناجمة عن التدخين تعتبر من المسببات المباشرة لها.

تغيير النظام الغذائي

فيما يتعلق بالنظام الغذائي، هناك عناصر ينبغي التخلي عنها وأخرى ينبغي إضافتها. من الضروري تقليص، أو التخلي نهائًيا، عن السكريات البسيطة (مثل المشروبات الغازية والحلوى)، والمشروبات التي تحوي عصير عالي الفركتوز (مثل مشروبات العصائر والمشروبات الرياضية) وكذلك الكربوهيدرات المنقحة (مثل الخبز الأبيض والمعكرونة). في المقابل، عليك أن تضيف لنظامك الغذائي الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة المعروفة باسم "مركبات البوليفينول" polyphenols. وأظهرت دراسات أن "هذه النوعية من مضادات الأكسدة تملك الكثير من الخصائص المضادة للالتهابات". وخلصت الدراسات إلى أنَّ "مركبات البوليفينول التي توجد في البصل والكركم والعنب الأحمر والشاي الأخضر، قلصت فرص ظهور الالتهابات بالجسم، وكذلك جميع أنواع التوت، والخضراوات المتميزة بأوراق خضراء داكنة، مثل السبانخ واللفت والكرنب". إلى جانب ذلك، يوفر زيت الزيتون والأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين والمكاريل جرعات صحية من الأحماض الدهنية.

أوميغا 3:

أشارات أبحاث جديدة إلى أن مركب "أوميغا 3 " يمكنه تجاوز الحاجز بين الدم والمخ والمعاونة في تقليص الالتهابات التي قد تسهم في الإصابة بالزهايمر. وخلصت دراسة أجريت على 40 شخصاً بالغاً حول مخاطر الإصابة بالزهايمر، إلى أن من يتناولون كميات أكبر من "أوميغا 3 "، قدموا أداء أفضل عن نظرائهم فيما يتعلق بالمرونة الذهنية، أيِّ القدرة على التنقل ما بين مهام مختلفة.

(الشرق الأوسط)