في بيروت تتواصل بركة أجواء التبريد السياسي بانعكاساتها الإنتاجية على عمل مجلس الوزراء للأسبوع الثاني على التوالي متيحةً المجال أمام تسيير عجلة الدولة وتيسير شؤون الناس وتلبية بعض من احتياجاتهم المتراكمة على مرّ شهور الشغور العجاف وتداعياته المكربجة لعمل المؤسسات. وإلى باريس نقل الرئيس سعد الحريري الهموم الوطنية مستعرضاً أمس مع وزير الخارجية الفرنسية مخاطر الشغور الرئاسي وأعباء النزوح السوري متلقياً في المقابل وعداً فرنسياً بالعمل على مساعدة لبنان على مواجهة هذه الأعباء. 

وإثر لقائه الوزير جان مارك آيرولت في مقر وزارة الخارجية الفرنسية ظهراً بحضور مستشار الرئيس الحريري للشؤون الأوروبية المحامي بازيل يارد ورئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية جيروم بونافون وعدد من الديبلوماسيين، أوضح المكتب الإعلامي للحريري أنه عرض خلال اللقاء «لمخاطر استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية اللبنانية والجهود التي يبذلها لوضع حد له، كما طلب تحركاً فرنسياً عاجلاً لدى الدول الصديقة للبنان لمساعدته على مواجهة أعباء النزوح السوري إليه، فوعد الوزير آيرولت ببذل كل الجهود الممكنة للاستجابة في هذا المجال».

«كرز عرسال» في كنف الدولة

بالعودة إلى مجلس الوزراء، فقد استكمل المجلس في جلسته الأسبوعية أمس دورة عمله المنتجة فأقرّ جملة بنود حياتية أبرزها تخصيص مبلغ 10 مليارات ليرة للهيئة العليا للإغاثة لدفع التعويضات عن موسم الكرز عن السنوات الثلاث المنصرمة للبساتين في عرسال وجرودها نظراً للخسائر التي تكبدها المزارعون العراسلة نتيجة تعذر بلوغ بساتينهم خلال تلك السنوات تحت وطأة المحاذير الأمنية المحيطة بالمنطقة، علماً أنّ الحكومة كلفت الجيش إجراء المسوحات اللازمة لهذا الموضوع. وعلى الفور تحوّلت الوقفة التذكيرية بالمطالب التي نفذها مزارعو عرسال في ساحة رياض الصلح بالتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء إلى وقفة تقدير وشكر للحكومة ولكل القوى السياسية التي دعمت إقرار التعويض عن خسائرهم. كما وافق المجلس أمس على تخصيص مبلغ قدره ملياران و600 مليون ليرة للهيئة العليا للإغاثة لدفع تعويضات لمربي الدواجن عن تلف طيور لهم بسبب مرض إنفلونزا الطيور.

وفي الشأن العسكري والأمني، أقرّ مجلس الوزراء الإفراج عن المخصصات العائدة للأموال السرية لكل من الجيش وقوى الأمن الداخلي، بينما أخذ رئيس المجلس تمام سلام على عاتقه تولي حلحلة إشكالية ملف مديرية أمن الدولة، مع الاتجاه نحو عقد اجتماعات خاصة بهذا الملف لإيجاد حل نهائي لهذه الإشكالية.

«المستقبل»

سياسياً، لفت تنديد كتلة «المستقبل» بالمواقف التعطيلية والتحريضية الأخيرة التي سجلها أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، معربةً خلال اجتماعها الدوري أمس في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة عن استنكارها «أشد الاستنكار« لكلام نصرالله في ما يتعلق «بهجومه الجائر والفاجر على المملكة العربية السعودية والمسؤولين فيها»، محذرةً في بيانها (ص 3) من أنّ «أمين عام «حزب الله« وبتعطيله المستمر لانتخابات رئاسة الجمهورية وكذلك بكلامه التهجمي والافترائي على السعودية إنما يعرّض مجدداً مصالح لبنان واللبنانيين لأخطار كبيرة غير مكترث أو عابئ بالنتائج التي يمكن أن تترتب على لبنان وعلى علاقاته العربية ولا على اللبنانيين وعلى مصالحهم وأعمالهم وسبل تحصيل أرزاقهم«. 

باسيل

ومساءً، برزت إطلالة لافتة للانتباه في مضامينها السياسية والرئاسية لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عبّر فيها خلال برنامج «كلام الناس» (ص 4) عن قناعة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بأنّ لبنان «لا يركب» من دون التفاهم مع «تيار المستقبل» من منطلق كونه «الممثل الأكبر والأقوى للطائفة السنية في البلد»، مشدداً في هذا السياق على أنّ «لبنان لا يعيش بلا الطائفة السنية» التي أكد أنها «وجه الاعتدال في كل العالم وأحلى صورة للإسلام في العالم»، وأردف قائلاً: «من هنا أهمية دور سعد الحريري و»تيار المستقبل» من أجل مواجهات الظواهر الإسلامية الأخرى». ورداً على استفسارات الزميل مارسيل غانم عن موقف «التيار الوطني» من «حزب الله» في حال شروعه بتعطيل عملية انتخاب عون رئيساً للجمهورية، أجاب باسيل: «عندها يكون الحزب قد خرج من التفاهم معنا.. وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان»، مشدداً على أنّ اتفاق «التيار الوطني» مع الحزب لم يقم على «إلغاء الناس».

وإذ نقل عن الوزير وائل أبو فاعور أنه أبلغه بأنّ رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط سيتبنى ترشيح عون في حال أقدم الحريري على دعم ترشيحه، جزم باسيل بأنّ «التفاهمات مع «تيار المستقبل» هي تفاهمات وطنية بدأت قبل ملف الرئاسة»، وأضاف: «(الرئيسان) بشارة الخوري ورياض الصلح أسسا الميثاق الوطني واليوم نحن نريد محاولة إعادة إحيائه»، مؤكداً أنّ «عنوان المرحلة المقبلة هو التأكيد على الانتخابات النيابية وقانون انتخابي جديد وحكومة اتحاد وطني تضم كل الفرقاء يرأسها سعد الحريري».

وعن مواقف «حزب الله» العدائية للمملكة العربية السعودية والمسيئة لعلاقات لبنان بالعرب، لفت باسيل إلى أنّ «المواقف الصادرة عن (أمين عام الحزب السيد حسن) نصرالله بشأن البحرين والموجّهة ضد السعودية لا تمثّل الخارجية اللبنانية أو الحكومة اللبنانية أو حتى التيار الوطني الحر»، مشدداً في هذا المجال على أنّ لبنان لا يمكنه الانفصال عن محيطه العربي «ونحن جزء من هذا الشرق وأبناء المنطقة ولا يمكننا الانفصال عن علاقاتنا العربية».