لفتت مصادر سياسية بارزة الى ان تَزامُن وجود الرئيس سعد الحريري في الرياض مع انعقادِ قمةٍ سعودية – تركية أمس ربّما يحمل دلالاتٍ لجهة استبعادِ ان يكون الأمر مصادفة، وخصوصاً ان علاقة وثيقة للغاية تربط الحريري بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان بما لا يُستبعد معه ان يكون للملف اللبناني عبر تَحرُّك زعيم “المستقبل” حيّزاً غير معلن من هذا التزامن.

ولكن المصادر لزمت، عبر “الراي الكويتية”، حذراً شديداً في هذا السياق، وفضّلت انتظار ما يمكن ان تحمله عودة الحريري الى بيروت بعدما تردّد انه سيقوم بزيارة أخرى لباريس قبل الرجوع الى لبنان. وفي انتظار هذه العودة، بلغت رهانات “التيار الوطني الحر” على ان يُقدِم الحريري على تبنّي ترشيح العماد ميشال عون ذروتها من خلال قراءةٍ خاصةٍ لهذا التيار لمواقف الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله أضفتْ عليها طابع الترحيب ظاهرياً، إلا أنها بدت ضمناً حذِرة للغاية في انتظار خطوة الحريري التالية كمفتاحٍ أساسي لبتّ مصير هذا التحرك قبل نهاية الشهر الحالي التي تَتزامن مع الجلسة رقم 46 لانتخاب رئيسٍ.

وتقول المصادر السياسية البارزة نفسها إن عون، الذي اكتفى أمس، في ذكرى إسقاط حكومته وإخراجه من القصر الجمهوري بعملية عسكرية سوريّة في 13 تشرين الأول 1990، بتغريدة مقتضبة قال فيها “13 تشرين الأول خسارة بلا ندم وذلّ الرابحين”، لا يزال يترك للحريري المجال الكافي لبتّ خياراته استناداً الى تطميناتٍ يتلقاها من جانب مستشارين لزعيم “المستقبل” بأنه ماضٍ في التفاهم الذي تَوصّل اليه الفريقان وان الحريري يعمل على تأمين الغطاء الداخلي والخارجي لهذا المسعى.

واذ لفت في الساعات الأخيرة ان بعض المحيطين بالرابية تحدّثوا عن مهلةٍ زمنيةٍ أقصاها يوم غد السبت لبتّ الحريري موضوع إعلان تبنيه ترشيح عون، ربطت المصادر السياسية ذلك بموعد الاعتصام الحاشد الذي سينفّذه أنصاره على طريق القصر الجمهوري في بعبدا لاحياء ذكرى عملية 13 تشرين الأول 1990 والذي أرجئ من البارحة الى عطلة يوم الاحد المقبل لمصادفة الذكرى في منتصف الاسبوع.

ولكن المصادر شكّكت عبر “الراي” في صحّة التقديرات العونية او سواها حيال خطوة الحريري التالية، وقالت إن مجمل هذه المعطيات لا تزال غير مستندة على معطيات ثابتة وخصوصاً ان الاتصالات مع أعضاء “كتلة المستقبل” النيابية لا توحي بأنّ أيّ خطوة وشيكة يجري التحضير لها في الساعات المقبلة. ولذا سيبقى الانتظار القلِق سيّد الموقف حتى الأحد حيث يُتوقع ان تكون للعماد عون كلمة في مناسبة هذا الاعتصام لأنصاره، ولكن من دون القدرة حالياً على تَوقُّع الخطوط الأساسية لمواقفه ما دام رهانه يبقى مفتوحاً على الحريري حتى موعد الجلسة الانتخابية لمجلس النواب في 31 الحالي.

أما في ما يتّصل بتموْضعات الأفرقاء الآخرين، فلاحظتْ المصادر عيْنها ان خطّ الرابية – عين التينة يبدو كأنه بات اختصاراً لمعظم العناصر التي ترهن مصير خيار عون سلباً او ايجاباً. وترصد القوى السياسية ما يمكن ان يطرأ على هذا المحور بعدما أعلن نصرالله بوضوح تأييده لتوسيع التفاهمات بحيث تمرّ ببري والمرشح الذي يدعمه سليمان فرنجية والآخرين. ولكن دون بلْورة هذا الاتجاه أيامٌ معدودة، لان بري سيغادر في 20 الحالي الى جنيف في زيارة تستمر حتى 30 منه وذلك للمشاركة في أعمال مؤتمر البرلمانات الدولية. فهل ستكون الأيام الطالعة كافية لبلورة تَطوُّرٍ إيجابي بين بري وعون؟ الشكوك كبيرة جداً ما لم تحصل مفاجآت ليست في الحسبان.