بنصف مشاركة ونصف مقاطعة عونية، التأم شمل النصاب الحكومي أمس لينعقد مجلس الوزراء في جلسة منتجة تخللتها تعيينات عسكرية وإدارية وقرارات معيشية وحياتية. وبمعزل عن «سحابة الصيف» التي عبرت بين وزيري عين التينة والرابية غازي زعيتر والياس بوصعب، وسارع رئيس المجلس تمام سلام إلى امتصاصها وإعادة ضبط إيقاع الجلسة، نجحت الأجواء السياسية التبريدية المخيّمة على البلد ربطاً بالمشاورات الرئاسية الجارية في تعبيد الطريق أمام إعادة الحكومة على قيد الحياة الانتاجية وتحريرها من قيود التعطيل السياسي المكبلة لتسيير شؤون الدولة والناس.

جلسة الأمس التي تقاطع عدد من الوزراء في وصفها بأنها «جلسة لمّ شمل»، حضرها وزراء «حزب الله» و«المردة» ووزير «التيار الوطني الحر» الياس بوصعب مع استمرار غياب رئيس التيار الوزير جبران باسيل باعتبار غيابه «له دلالة» كما قال بو صعب الذي أدرج مشاركته في خانة «اختبار النيات» تماشياً مع «الأجواء الإيجابية في البلد». وخلال الجلسة برز نقاش حاد بين الوزيرين زعيتر وبو صعب على خلفية مسألة التعاقدات في وزارة الأشغال وسرعان ما تعالت الأصوات واحتدمت النقاشات بين زعيتر وبعض الوزراء الأمر الذي أثار امتعاض سلام ودفعه إلى رفع الجلسة لفترة مستقطعة دامت 10 دقائق عادت بعدها الحكومة إلى الانعقاد واتخاذ القرارات حيال عدد من البنود المطروحة وأبرزها: تعيين اللواء حاتم ملاك رئيساً للأركان في الجيش، والدكتور فؤاد أيوب رئيساً للجامعة اللبنانية، والقاضي عبدالله أحمد مديراً عاماً لوزارة الشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى التمديد سنة إضافية للدكتور معين حمزة أميناً عاماً للمجلس الوطني للبحوث العلمية. وفي الشأن المعيشي، أقر مجلس الوزراء دعم مزارعي التفاح والقمح بالتعويض عن كل دونم مزروع قمحاً بمبلغ 120 ألف ليرة لهذا الموسم، وتعويض كل صندوق سعة 20 كيلوغراماً من انتاج هذا العام بمبلغ خمسة آلاف ليرة تُدفع مباشرة للمزارعين.

«المستقبل»

في الغضون، انعقدت كتلة «المستقبل» النيابية أمس في بيت الوسط برئاسة الرئيس سعد الحريري وحضور الرئيس فؤاد السنيورة، وبعدما توقفت عند أهمية المشاورات التي يجريها الحريري داخلياً وخارجياً «بما يؤمل منه أن يسهم وبشكل جدّي في تحريك الركود والجمود الذي أحاط بملف انتخابات رئاسة الجمهورية»، جددت الكتلة التذكير بأنّ استمرار الشغور مردّه إلى «الموقف التعطيلي الجائر لـ«حزب الله» وحلفائه الذي يفرضه على اللبنانيين بشكل لا يتطابق مع النص الدستوري والنظام الديموقراطي البرلماني«، مؤكدةً في المقابل على كون «العودة إلى احترام الدستور هو المدخل الأساس والوحيد لتفعيل عمل المؤسسات الدستورية عبر البدء بانتخاب رئيس الجمهورية من دون أي شروط أو قيود».

وإذ رحبت بالنداء الصادر عن مجلس المطارنة الموارنة أمس الأول «ولا سيما لجهة ضرورة الالتزام بالدستور وأحكامه وضرورة المسارعة إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون جامعاً للبنانيين وقادراً على إنجاز المصالحة الوطنية طبقاً لأحكام الدستور ووثيقة اتفاق الطائف»، حذرت الكتلة في المقابل من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلد نتيجة استمرار الفراغ الرئاسي والشلل المؤسساتي، مشددةً على ضرورة المسارعة إلى وضع حد لهذا التدهور، منطلقةً من واقع المؤشرات الاقتصادية والمالية والمعيشية لتشير إلى كون «الحاجة أصبحت ماسة جداً للقيام بالمعالجات الفورية والصحيحة لهذه المشكلات الخطيرة منعاً للمزيد من التفاقم والضرر الذي أصبح يطال جميع اللبنانيين». كما استهجنت الكتلة على المستوى القضائي «عودة بعض الأجهزة الأمنية إلى اعتماد «وثائق الاتصال» سيئة الذكر من دون سند قضائي وبشكل مخالف للقانون ولقرار مجلس الوزراء الذي أوقف مفعولها»، منبهةً إلى «نتائج استمرار اعتماد هذه الوثائق سياسياً وشعبياً»، مع مطالبتها الرئيس الجديد للمحكمة العسكرية «بالإسراع في محاكمة الموقوفين الذين مضت على توقيفهم من دون محاكمة أشهر طويلة مما يلحق الظلم بهم وبأهاليهم».

إيران تلتزم الصمت

تزامناً، برز أمس ما نقلته لـ«المستقبل» مصادر سياسية اطلعت على حصيلة المشاورات التي أجرتها منسقة الأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ في طهران، كاشفةً أنّ هذه الحصيلة في شقها المتصل بالملف الرئاسي أتت على صيغة «لا جواب» من القيادة الإيرانية. وأوضحت المصادر أنّ كاغ حاولت استيضاح المسؤولين الإيرانيين عن موقف طهران من الاستحقاق الرئاسي اللبناني لكنها لم تتلقّ أي جواب منهم حول الموضوع، ما دفع بعض الأوساط إلى التقدير والاستنتاج بأنّ «اللا جواب» الإيراني كان كافياً بحد ذاته للاستدلال منه على كون «استراتيجية الفراغ والتعطيل» التي تفرضها طهران على لبنان لا تزال سارية المفعول.