سجال «الكرامات» بين بكركي وعين التينة الأحد الماضي، حلّ مكانه سجال «كعك العباس والكعك والمعمول» وطغى على البلاد منخفض سياسي ودي على عكس الايام والاسابيع الماضية، اوحى بخرق جدي في مسألة رئاسة الجمهورية ووصول العماد ميشال عون الى بعبدا.
الموارنة الذين كادوا ينفجرون رداً على تقييد رئيس الجمهورية بسلة شروط تعجيزية، تنزع منه ما تبقى من صلاحيات اخذ معظمها الطائف بالاساس، كانوا يحضرون لتحركات احتجاجية تبدأ في الزحف نحو بكركي الاحد المقبل لاعلان الوقوف خلف ثوابت الراعي الرافضة للسلة، بالاضافة الى قرع اجراس الكنائس في القرى والقيام باعتصامات، رفضا للتعامل معهم كمواطنين درجة ثانية، حتى ان البطريرك الراعي الذي ظهر غاضباً جداً خلال الأيام الماضية اعلن بأنه لن يقبل بأي شرط مسبق على الرئيس، وهذا ما أدى الى وقوف كل القاعدة المارونية خلف الراعي من الشمال الى الجنوب والبقاع والجبل وبيروت، حتى ان الموارنة اعلنوا انهم لن يقبلوا بالدكتور سمير جعجع وسليمان فرنجية وغيرهما لرئاسة الجمهورية بل يريدون العماد ميشال عون رداً على ما يتعرض له من مواقف ومحاولة تطويقه بشروط تعجيزية.
الموارنة الذين كانوا على حافة الانتفاضة نجحوا في تصويب البوصلة، واستعادوا «نوعاً» من عافيتهم السياسية، الذين افتقدوها طوال السنوات الماضية، ستؤسس لمرحلة جديدة في البلاد بعيداً عن الشعور بالغبن والاجحاف.
فتيل التوتر ساهم في اطفائه وسحبه الرئيس نبيه بري، الذي اشاد بموقف بيان بكركي بكل مندرجاته، واعتبره «مكملا» لسلته عبر الحديث عن الرئاسة وقانون الانتخابات والمصالحات والدستور، وهذه القضايا يطرحها الرئيس بري ويتبناها، وهي بالاساس لا علاقة لها بصلاحيات رئيس الجمهورية المتمسك بها رئيس المجلس ودافع عنها على طاولة الحوار.
الاجواء الايجابية التي سادت البلاد بعد غزل بكركي - عين التينة، كيف يمكن ترجمتها؟ واين تصرف؟ وهذا ما يؤكد ان الكرة ما زالت في ملعب الرئيس سعد الحريري والاعلان بوضوح عن ترشيحه للعماد عون لرئاسة الجمهورية. وعندها يبدأ الحديث الجدي عن الرئاسة، وبالتالي هناك انتظار «ثقيل» لما سيصدر عن الرئيس سعد الحريري بعد اجتماع كتلته النيابية اليوم، وهل سيكون بيانها واضحاً او «مبهما» وزيادة الغموض غير البنّاء.
الاجواء بدت بعد «الغزل» بين عين التينة وبكركي ان السلة سقطت وانتهت، وهذا ما خلف «ابتهاجا» لدى الموارنة وحيوية غابت عنهم لسنوات، ووزعوا «ورقة» نعي السلة والشروط، لكن الرئيس بري لم يعلن سحب سلته والتراجع عنها بل هو متمسك فيها ويعتبرها ممراً الزامياً لانتخاب الرئيس، لكن «السلة» باقية والسجال حولها سيستمر وستبقى «خارطة طريق» للرئيس المقبل من قبل الرئيس بري.

ـ اللواء ابراهيم واتصالاته بين عين التينة والرابية ـ

في ظل هذه الاجواء، يتولى مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم تفكيك «شبكات الالغام» بين عين التينة والرابية بكل دقة ومهارة، وبجهد لرفع منسوب التواصل بين الرجلين عبر زيارة يقوم بها العماد ميشال عون الى عين التينة تنهي جفاء الماضي وتمهّد لافضل علاقة بين الرئاستين الاولى والثانية.
اجتماع اللواء ابراهيم مع الوزير جبران باسيل كان جيداً، ويعلم اللواء ابراهيم ان زيارة باسيل الى عين التينة ليست كافية والمطلوب لقاء بين بري وعون ويعمل اللواء ابراهيم على هذا الخيار، خصوصاً ان الرئيس بري يعتبر العماد عون منفتحاً وايجابياً، لكن المرشح لرئاسة الجمهورية لا يقوم بالاستفزاز، وجاءت مقابلة العماد عون الهادئة والديبلوماسية على O.T.V لتؤسس لنقاش جديد بين الرجلين لما حملت من رسائل عونية ودية تجاه الرئيس بري.
فالعماد ميشال عون لا يجوز ولا يمكن ان يخوض معركة رئاسة الجمهورية وهو على خلاف مع الرئيس بري واللقاء بات مطلوباً خلال الايام المقبلة، والذي قد يفتح نافذة قد تؤدي الى ترشيح بري للعماد عون، والا فان بري سيخوض معركة ضد عون وستكون قاسية لما للرئيس بري من مونة على قيادات في البلد، رغم ان رئيس المجلس يدرك انه اذا كان الجو الدولي والاقليمي واللبناني مؤىداً لوصول عون، وهذا هو الظاهر فلا يمكن عندها ابعاد عون، وبالتالي يسعى اللواء ابراهيم لعقد لقاء بين الرجلين يؤسس لعلاقة متينة تكون لصالح بري وعون.

ـ بكركي: سلة بري سقطت! ـ

وقال المسؤول الاعلامي للبطريركية المارونية وليد غياض لـ«الديار»: «نداؤنا موجه ضد كل شخص وطرف يحاول عرقلة وصول رئيس للجمهورية او يوصل رئيس الى سدة الحكم يكون مجرداً من اي نفوذ». ولفت الى ان نداء المطارنة اعطى مواصفات رئيس الجمهورية المقبل وحسم الخيار بالمجيء برئيس قوي يتمتع بقاعدة شعبية في بيئته اولا.
وتابع فياض بأن بكركي عندما تطالب برئيس حيادي تعني بذلك رئيساً لا يؤدي حساباً لاي احد وعندما تدعو بكركي الى انتخاب رئيس حكم تعني بذلك رئيساً يحمي الدستور ويكون قادرا على لعب دوره بشكل كامل دون تعدي اي طرف على موقع رئيس الجمهورية.
وعن الرئيس القوي، اكد المسؤول الاعلامي للبطريركية المارونية ان هذه الميزة ما عادت محصورة بالمرشحين الاربعة وهم العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية والرئيس السابق امين الجميل والدكتور سمير جعجع بل بات تعريف الرئيس القوي لبكركي بالرئيس الذي يحظى باجماع بين اللبنانين الممثلين بنوابهم في البرلمان اللبناني. وهنا رأى فياض ان ترحيب الرئيس نبيه بري بنداء مجلس المطارنة هو خير دليل الى ان «سلة الشروط» سقطت وان بري سلم انه ممنوع وضع شروط على رئيس الجمهورية مسبقا قبل انتخابه.
وشدد غياض لـ«الديار» على ان بكركي لم ولن تتراجع عن مبادئها قيد انملة كما ان بكركي لا تتكلم بلغة طائفية بل بلغة وطنية وهي تسعى دوما الى التوافق الوطني اما اذا ارادت ترتيب البيت المسيحي فذلك لا يعد توجها طائفيا بل مسعى اخلاقي.

ـ لافروف - الحريري ـ

الاجواء الدولية والاقليمية والمحلية تؤكد وصول العماد ميشال عون الى بعبدا، وهذه الاشارات التقطها الحريري خلال اجتماعه بوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الذي اشاد بالعماد عون ودوره ومواقفه السياسية وقدرته على لعب دور ايجابي في الحرب السورية المقبلة، قد تساهم في انهائها، لما تربطه من علاقة متينة مع النظام السوري وحزب الله من جهة، ولديه ايضا علاقة متينة مع الدولة التركية من جهة اخرى.
كما اشاد لافروف بالعماد عون القائد العسكري الميداني الذي قاد جيشاً كاملاً، وقد شجع لافروف الحريري على الاستمرار بجهوده التي بدأها بدعم العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

ـ الاجواء الهادئة وكلمة السر ـ

الاجواء الهادئة والايجابية سادت الوسط السياسي، لكن ذلك لا يعني ان الامور حسمت بالكامل، واجواء الهدوء عممها سفراء الدول الكبرى في لبنان عبر جولات على المقرات والقيادات السياسية في البلاد بضرورة الهدوء والحفاظ على الاستقرار وسحب التشنجات من الشارع، والتحذير من اللجوء اليه لممارسة الضغوط السياسية، وكان سفراء واشنطن وباريس ولندن الذين اجتمعوا في السفارة الأميركية في عوكر واستتبع الاجتماع بلقاء بين السفيرين الفرنسي والروسي، اتفقوا على ضرورة حض القيادات على الهدوء والحفاظ على الاستقرار والتعامل مع المرحلة بحكمة وجال السفراء على «الزعامات السياسية» وطلبوا الهدوء، علما ان السفراء يتابعون حركة الحريري وليسوا بعيدين عنها، وهم في اجوائها وأكبر دليل على ذلك، ان العماد عون أوحى بأن السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل هو من شجع على هذه المبادرات وتوجت باللقاءات الاخيرة لسفراء الدول الكبرى في لبنان.

ـ جلسة مجلس الوزراء ـ

اليوم ستعقد جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي وفي حضور وزيري حزب الله والطاشناق والمردة، ولم يعد عقدها او عدمه محور كباش سياسي في ظل ما يشهده الملف الرئاسي، حتى ان وزيري عون وقعا مرسوم تعيين رئيس الاركان اللواء حاتم ملاّك ومن الممكن ان تشهد الجلسة تعيين مدير عام لوزارة الشؤون الاجتماعية ورئيس مركز الابحاث العلمية وهذا ما يطالب به الرئيس بري ولن يعترض عليه وزيرا عون.