في هجوم وصفته المعارضة بـ«الأعنف» عاشت أحياء مدينة حلب ليلة قاسية على وقع استهدافها بغارات كثيفة أدت إلى مقتل 45 شخصا، حسب ما أّكد مدير مستشفى القدس الدكتور حمزة الخطيب، تزامنا مع معارك عنيفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة جنوب غربي المدينة. أتى ذلك في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة نيتها استئناف محاولة إرسال قافلات المساعدات، وذلك بعد ثلاثة أيام على استهداف إحداها، وهو الأمر الذي طالبت منظمات طبية وإنسانية مجلس الأمن بإجراء تحقيق سريع بشأنه تحديد الجهة المتورطة في قصفها.وقال ينس لاركه، المتحدث باسم الأمم المتحدة لوكالة «رويترز»: «من المقرر أن تتجه اليوم (أمس الخميس) قافلة مساعدات تابعة للمنظمة الدولية إلى مناطق محاصرة قرب العاصمة السورية دمشق بعد توقف دام 48 ساعة لمراجعة الضمانات الأمنية في أعقاب هجوم داٍم استهدف شاحنات إغاثة قرب حلب». وأوضح أنها قافلة تتبع عدة مؤسسات وتحمل أنواعا مختلفة من المساعدات ستذهب إلى المناطق المحاصرة في ريف دمشق. مضيفا: «سنقدم النصح بشأن المواقع المحددة بمجرد أن تصل القافلة فعلا إلى هذه المواقع». وقال لاركه: «الوضع الأمني في سوريا ليس وضعا واحدا.إنه مستويات مختلفة من الأمان أو عدم الأمان. إنه مجموعة من اللاعبين المختلفين والجماعات المسلحة، ونحتاج لأن نضع هذا في حسباننا ونحن نقيم الوضع، كل حالة على حدة». وكانت الأمم المتحدة قد علقت المساعدات البرية بعد هجوم القافلة، الذي قال الهلال الأحمر السوري إنه أسفر عن مقتل أحد موظفيه ونحو 20 مدنيا. ومن المرّجح أن تصل المساعدات، التي أعلن عنها متحدث الأمم المتحدة، إلى معضمية الشام بريف دمشق، وهو ما أشار إليه الناشط في حلب عبد القادر علاف، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أّنه لا وجود لأي قافلات في حلب، إضافة إلى أنه لم تصل أي معلومات إلى الناشطين والمنظمات العاملة في المنطقة حول قرب إيصال المساعدات إلى حلب، آملا في الوقت عينه أن يكون قرار الأمم المتحدة شاملا كل المناطق المحاصرة، خصوصا حلب. ويعتقد مسؤولون أميركيون أن طائرات روسية مسؤولة عن قصف المساعدات، لكن موسكو نفت ضلوعها وقالت إن طائرة بلا طيار أميركية من طراز بريديتور كانت في المنطقة عندما تعرضت القافلة للهجوم.وفي هذا الإطار، أّكد مصدر عسكري معارض، لـ«الشرق الأوسط» أن «الطائرات التي تقصف حلب روسية وليست تابعة للنظام السوري الذي يشارك فقط في الطيران المروحي لهدفين أساسيين، الأول هو السيطرة على أجزاء أحياء حلب الشرقية وصولا إلى حي الشيخ سعيد، وبالتالي تحصين مناطق النظام شرق الراموسة، والهدف الثاني هو دفع المدنيين للنزوح من المدينة». واعتبرت منظمات إنسانية وجمعيات سورية، في بيان لها، أن الهجوم المتعمد على العاملين في المجال الإنساني وعلى المدنيين يعد جريمة حرب، مؤكدة أن كل من يقبل بعدم مساءلة مقترفي وميسري جرائم الحرب متواطئ في التدمير الجاري للقانون الدولي الإنساني، مطالبة الأمم المتحدة بإجراء تحقيق عاجل بالأمر.وأشارت إلى أن شهود عيان أجرت معهم منظمة العفو الدولية مقابلات، أكدوا أن طائرات من أنواع مختلفة، من بينها طائرات هليكوبتر ومقاتلات نفاثة روسية الصنع، شاركت في القصف. وأمس، قال المرصد إن «طائرات حربية نفذت بعد منتصف ليل الأربعاء ­ الخميس 14 غارة على الأقل على مناطق في حيي بستان القصر والكلاسة في مدينة حلب»، مشيرا إلى «قصف جوي استهدف أيضا أحياء العامرية وحلب القديمة». وميدانيا، قال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الغارات الكثيفة على الأحياء الشرقية تسببت باندلاع حرائق كبرى، خصوصا في حي بستان القصر في شرق المدينة، وقد عمل عناصر الدفاع المدني طويلا على إطفائها. واتهم ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي طائرات النظام السوري وروسيا بإلقاء قنابل حارقة على الأحياء الشرقية. من جهتها، قالت «شبكة شام» المعارضة، إن مدينة حلب وأغلب أحيائها المحررة والمحاصرة وكذلك مدن وبلدات الريف الحلبي، تعرضت لغارات جوية مكثفة وعنيفة وغير مسبوقة، مشيرة إلى أن الطائرات الروسية استخدمت القنابل الفسفورية والنابالم الحارق وكذلك العنقودية والفراغية.وكانت الطائرات الروسية حلقت على شكل أسراب بعد منتصف الليل بشكل مكثف لتبدأ بعدها شنها الغارات الجوية على أغلب الأحياء المحررة.قال ناشطون إنها بلغت أكثر من 50 غارة جوية أدت لاشتعال الحرائق في المنازل السكنية، وأحدثت دمارا كبيرا، بحسب «شبكة شام». ولم يغب الطيران أيضا عن الريف الحلبي حيث شن غارته بشكل عنيف جدا ومكثف، استهدفت مدن وبلدات الريف الغربي والشمالي والجنوبي بجميع أشكال القنابل والصواريخ، ولوحظ عشوائية الغارات التي تهدف على ما يبدو لإحداث أكبر قدر من الدمار والحرائق.ووفق «شبكة شام» سقط جراء الغارات عشرات الجرحى في صفوف المدنيين في أغلب المناطق المستهدفة بينهم حالات خطيرة، قامت فرق الإنقاذ في الدفاع المدني بالعمل على الفور لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض ونقلهم إلى المستشفيات الميدانية، كما سقط 4» شهداء» وهم (سيدتان وطفل ورضيع) في حي بستان القصر.

 
 
الشرق الأوسط