مع بداية الاسبوع الاممي في نيويورك الذي استبقت فيه قضايا اللاجئين افتتاح الدورة العادية للجمعية العمومية للامم المتحدة، اتسمت المشاركة اللبنانية الرسمية في اليوم الأول من هذا الأسبوع الدولي بأهمية بارزة سواء لجهة اعلاء صوت لبنان في شأن أزمة اللاجئين السوريين الذي يعتبر من أكبر البلدان تأثراً بتداعياتها وضخامتها، أم لجهة الصورة الرسمية والحكومية التي تشكل اختباراً دقيقاً للبنان في كواليس المنظمة الدولية وسط احتدام ازمته الداخلية.
والواقع أن طرح مسألة اللاجئين السوريين في لبنان من الباب العريض رسم ملامح تأثيراتها العميقة على الواقع الحكومي والسياسي بدليل تزامن القاء كلمة رئيس الوزراء تمام سلام في الامم المتحدة عن هذه القضية مع مبادرة وزير العمل سجعان قزي الى طرح مشروع خطة تفصيلية لمعالجة الامر الذي رسم معالم رأى فيها البعض انعكاسا لتباينات داخل الحكومة فيما أدرجها البعض الآخر في تكامل الطرحين.
ومع ذلك تجاوزالحضور الرسمي اللبناني في نيويورك في الشكل على الأقل الأزمة الحكومية من خلال مشاركة "منسجمة" في الحدود الدنيا لوزير الخارجية جبران باسيل في الوفد الرسمي الى جانب الرئيس سلام ومندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام والفريق الاستشاري المرافق لرئيس الوزراء. أما مضمون الموقف اللبناني فأعلنه الرئيس سلام أمام مؤتمر الأمم المتحدة للاجئين والنازحين حيث فصل وقائع الاعباء التي يعانيها لبنان جراء أزمة اللاجئين، محذراً من أنه "ما لم تبذل الاسرة الدولية جهوداً كبيرة في هذا المجال فإن لبنان معرض لخطر الانهيار". وطرح على الامم المتحدة تصوراً تفصيلياً لحل هذه الأزمة من أبرز خطواته "وضع خريطة طريق مفصّلة لعودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين الموجودين في لبنان الى بلدهم في غضون ثلاثة أشهر، وتحديد حصص دول المنطقة وغيرها لكي تشارك لبنان في الأعباء على أن تبدأ مفاوضات تفعيل جهود إعادة توزيع النازحين خارج لبنان قبل نهاية السنة الحالية". وأعلن سلام أن "ما فعله اللبنانيون باستضافة مليون ونصف مليون نازح سوري هو عمل غير مسبوق وما فعله اللبنانيون بانفاق 15 مليار دولار لا يملكونها في غضون ثلاث سنوات هو أيضاً عمل غير مسبوق "ليخلص الى التساؤل: "متى سيفعل العالم شيئاً من أجل لبنان؟".
وأفاد مندوب "النهار" الى نيويورك مع الوفد اللبناني أن اطلالة الرئيس سلام في اليوم الأول من أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة كانت بحسب أوساط ديبلوماسية عالية النبرة في مقاربة لبنان لملف اللاجئين السوريين وذلك للمرة الأولى في مخاطبة المجتمع الدولي. وقد جاءت دعوة سلام الى تكثيف المساعدات الدولية وإعلان خطة لاعادة اللاجئين السوريين الى ديارهم او توزيعهم بمثابة تطبيق لخطة "إعلاء الصوت" من الآن فصاعداً، لكن هذا التوجه اللبناني ينتظر تفاعل قضيته في المؤتمر الثاني للاجئين الذي دعا اليه الرئيس الأميركي باراك اوباما وعدد من الدول اليوم في نيويورك، علماً أن سلام بدا حذراً في إبداء التفاؤل بما يمكن أن يحصل عليه لبنان من دعم.

 

قزي
في غضون ذلك، لم تغب معالم التباينات الداخلية حول هذا الملف في ظل المأزق الحكومي الأخير من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في بيروت وزير العمل سجعان قزي مبادراً الى طرح مشروع تنفيذي لعودة اللاجئين السوريين الى بلادهم، خصوصاً أن قزي انتقد بحدة ذهاب الوفد اللبناني الى نيويورك من دون موقف موحّد. وقد أطلق مشروعه على أساس "انتهاء زمن التكيّف مع مطالب المجتمع الدولي ومشاريعه وبداية زمن تكيّف المجتمع الدولي مع مطالب لبنان ومشاريعه". واذ كشف أنه سيطرح مشروعه على اللجنة الوزارية المعنية بملف اللاجئين السوريين، اعتبر أن مشروعه "هو أول محاولة جدية لعرض خطة تنفيذية مع روزنامة لعودة النازحين السوريين الى سوريا". وقال: "كل ما يتقرر في نيويورك خارج اطار مشروع اعادة النازحين الى سوريا لسنا معنيين به وأنا كوزير عمل غير معني به ولن يدخل عتبة هذه الوزارة". ولفت الى أن الوفد اللبناني ذهب الى نيويورك "من دون أن تتم دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد ولو في جلسة تشاورية" ومع ذلك أكد أنه يؤيّد موقف الرئيس سلام هناك "لأنه تكملة للكلام الذي قاله في القمة العربية الاخيرة في موريتانيا".