صدّقت "أو تي في" أنّها عثرت على فكرة تنتشلها من سبات يضربها في الأعماق، فهرعت تقدّم "ملك وملكة جمال الأطفال"، نسخة مُصطنعة، غير مسؤولة، عن مسابقات الجمال، ضحاياها أولاد قد تترك فيهم الأضواء ندبة. الأهل في غيبوبة والمحطة ترفع شعار المرحلة: "اللهم نفسي".

بدلع، تتمايل صغيرة لم تتجاوز السنوات الخمس على المسرح، مُقلِّدة اللزاجة التلفزيونية. ويمرّ بعدها صبي يكاد يتمنّى لو يُنفَخ عضله ليشعر بقوّة الملك. تجد المحطة أنّ القاضي (الأهل) راضٍ، فتذهب بالحماقة إلى أقصاها، مُقدّمة الصغيرات على هيئة كارثية: وجوه طافحة بالمكياج، شعر مصفّف يسلب البراءة، مشية تؤسس لرخاوة مستقبلية، وتدريب على الجواب المنافق. حال الصغار أسوأ: رغبة في الإحساس بأنّ أبدانهم منفوخة تجسّدها كيفية السير على المسرح، نظرات من خلف النظّارات تحاكي الآخر بكونه أدنى قيمة، فصاحب القَدّ الميّاس أصبح مشهوراً و"جميلاً"، و"هدّي إن كان فيك تهدّي". تُستغلّ الطفولة على شاشات لا تقبل لأبنائها ما تقبله لأبناء الناس، ويتحوّل كلّ شيء، حتى البسمة إلى زيف. لا يهم طالما أنّ عضو اللجنة باتريسيا فغالي، أي "مِس أورانج"، تحمي ابنتها من الخسارة لأنّها لا تتحمّل رؤيتها منكسرة، وطالما أنّ العضو التحكيمي وسام صبّاغ طمأن الجميع إلى أنّ أولويته مدرسة ابنه وإن شاركه دوراً في فيلم أو مسلسل. باقي الأطفال أرقام، همروجة، تداول باسم "أو تي في" عبر "تويتر"، أدوات سهرة، وأكذوبة علم لبنان والجيش المُدرّسة للأولاد كالببغاوات.
لم يعد مهماً انتقاد سذاجة طرح السؤال على طفل ثم تكراره على آخر يُصغي إلى الجواب، فيصاب بالتلعثم والضياع. المنتَج برمّته منخورٌ بسوس غذّته المحطة لأغراض تجارية. الطفل براءة العينين والملامح واللسان والأفكار، وكم بدت المسابقة مضحكة وهي تقدّمهم فاقدي العفوية والإطلالة. لا بأس طالما أنّ ابنة المدام فغالي بأمان، بأن تُسمّع الصغيرات الأجوبة عن الأسئلة بهذا الشكل الروبوتي. براڤو، إنجاز يليق بالشاشة العونية.

النهار