باستطاعة الازمة ان تزحزح جبل صنين، الجنرال لا، الشيخ نعيم قاسم قال ميشال عون ثم ميشال عون، هل وصلت الرسالة؟
ماذا كان يقصد الرئيس نبيه بري حين قال انه لن يدعو ثانية الى الحوار الا اذا حدث تغيير في الشكل وفي المضمون (والافكار)؟ يحدث هذا بعد انتخاب عون رئىساً للجمهورية. الاستحقاق الرئاسي خارج جدول اعمال الحوار.
اما اذا كان البعض يراهن على رئىس يأتي من الخارج، ما عليه الا انتظار نتائج الحرب العالمية الثالثة، من يذهب الى الرابية ومن يذهب الى حارة حريك يعلم ان بين الانفراج السياسي الكبير والانفجار السياسي الكبير كلمة واحدة هي: الجنرال!!
الدولة الآن في أزمة. النظام في أزمة. الصورة كانت واضحة منذ البداية. الآن باتت اكثر وضوحاً. هل كانت استدارة الدكتور سمير جعجع فقط لكي يقطع الطريق على النائب سليمان فرنجية والوصول الى قصر بعبدا، ام كان هناك سبب آخر؟
السبب الآخر ان رئىس «القوات اللبنانية» الذي لا تفوته «لعبة الارض» أدرك، في لحظة ما، ان القصر الجمهوري سيبقى خالياً (ربما الى الأبد) اذا لم يشغله رئىس تكتل التغيير والاصلاح.
قطب في 8 آذار قال لـ«الديار» كيف يمكن ان تستقيم المعادلة، اي ان يكون الرئىس سعد الحريري في السرايا الحكومية ولا يكون العماد ميشال عون في القصر الجمهوري».
هنا تكشف «الديار» انه منذ نحو 4 اشهر طرح سفير دولة عربية كبرى على مسؤول لبناني كبير سؤالاً مؤداه «هل اذا أُتي بغير الحريري رئىساً للحكومة يمكن ان يقبل «حزب الله» برئيس للجمهورية غير عون؟» جواب المسؤول الكبير كان «لا اتصور، لا أتصور قطعاً».
هذا هو الواقع الآن، ولكن هل باستطاعة القوى السياسية في لبنان اختراق الواقع الاقليمي الذاهب بعيداً في التوتر ان لم يكن في الانفجار؟ بعد هجوم مرشد الجمهورية الايرانية آية الله علي خامنئي على السعودية، جاء الرد الحاد من المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي وصف قادة ايران بأنهم ليسوا مسلمين «فهم ابناء المجوس وعداؤهم مع المسلمين امر قديم، وتحديداً مع أهل السنّة والجماعة».
رهان بري كان منذ البداية انقشاع في العلاقات بين الرياض وطهران لا بد ان يترك انعكاساته على الساحة اللبنانية. الصورة مقلوبة تماماً الآن. الحرب الكلامية في ذروتها الآن، مع الحديث عن تقدم (زئبقي) في المحادثات الاميركية ـ الروسية حول سوريا.
البلبلة على أشدها في الساحة الداخلية. لا مجال الآن للحديث عن ارضية مشتركة، حتى ان قيادات مسيحية فاعلة تسأل «هل اكترث عون بـ«القوات اللبنانية» حين امتنعت عن المشاركة في الحكومة، وهل رف جفنه حين قرر حزب الكتائب سحب وزرائه ودق ناقوس الخطر خشية انهيار الميثاقية»؟
هذه القيادات تسأل ما اذا كان عون الذي اهتزت قاعدته الشعبية في العمق خلال الانتخابات البلدية يمثل وحده الميثاقية، لتشير الى أن جعجع لم يتطرق، ولو بكلمة واحدة، الى «الميثاقية» اثناء كلمته في «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية»، وهذا موقف بحد ذاته، ليتحدث ضمناً عن «الرجل القوي» وليس عن «الرجل الاقوى».
ثم ان جعجع طرح معادلة «الجنرال للقصر والشيخ للسرايا» من قبيل التسوية السياسية لانه يعلم ان هذا هو السبيل الوحيد للحل ما دام «حزب الله» قد قال كلمته الأخيرة في هذا المجال.
مصدر سياسي رفيع المستوى قال لـ«الديار» ان التسخين الامني لولادة رئيس للجمهورية بعملية قيصرية غير وارد بالمرة. والتهديد بالنزول الى الشارع و«بكثافة منقطعة النظير» في ذكرى 13 تشرين الاول، لن يغير في الامر شيئاً. ماذا عن التسخين السياسي؟
المصدر يقول ان هناك مراجع لبنانية ومتناقضة سياسياً تعتبر ان عون قد خطا  خطواته الاولى في الفراغ، وهو يهدد بخطوات لاحقة، وهذه المراجع تراهن على سقوط مدو للجنرال في لحظة ما. لكن ما يستشف من كلام الشيخ قاسم ان «حزب الله» لن يدع حليفه يقع.

ـ الانتظار... انتحار ـ

غير ان عون الذي يرى، بالعين المجردة، ان غالبية القوى السياسية، بما فيها القوى المسيحية، تراهن على انتحاره (الاغتيال الذاتي)، ليس مستعداً للتراجع لأن الانتظار على الكرسي الكهربائي أشد وقعاً، وأشد ايلاماً، من الانتحار.
الكل قالوا كلمتهم باستثناء الحريري الذي ينتظر، في مكان ما، لحظة الفرج، اي ان يقال له ان صاحب السمو جاهز لاستقبالك. هو يعلم الا رئيس غير عون الا اذا تدخل القضاء، والقدر في لحظة ما، ومن أجل ذلك بدأ حواره معه قبل ان تأتي التعليمات بأن هذا الرجل يجب الا يشاهد ثانية في بيت الوسط.
النائب وليد جنبلاط قال «دعوه ينتحر وحيداً». عون يعلم ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي من القلائل الذين لا يخفون ما في صدورهم. هناك قادة سياسيون، مسيحيون بالدرجة الاولى، ويتمنون انتحار عون وحيداً.
في هذه الحال، هناك مصادر كنسية مارونية ولا تكن اي شيء من الود لرئيس تكتل التغيير والاصلاح تبدي تخوفها من ان يكون السيناريو «اياه» يتوخى اسقاط الزعماء الموارنة الواحد تلو الآخر عن المسرح. وحين يسقط عون، يغدو من السهل اسقاط جعجع، حتى وان ظن نفسه في حصن حصين، ليس وراء صخور معراب فقط، بل وراء صخور داخلية واقليمية ودولية.
يغدو أسهل بكثير اسقاط رئيس حزب الكتائب سامي الجميل. وتتردد معلومات ان هناك بين المطارنة الموارنة من ينظر من هذه الزاوية الى موضوع الجنرال الذي لولا «الأنا» التي تحجب كل مزاياه، والذي لو كان يمتلك البراعة التكتيكية (والاستراتيجية) لقرعت له اجراس الكنائس كما قرعت ذات يوم للرئيس كميل شمعون.
مصادر سياسية وتعتبر ان من يراهن على انتحار عون لا يقرأ الواقع جيداً، ايضاً كلام نائب الامين العام لـ«حزب الله»، وكيف قاله ومتى قاله.
في هذا السياق، ثمة جهات ديبلوماسية، بما فيها جهات عربية، ترى انه بالرغم من السجال العاصف بين الرياض وطهران حول ملف الحج، فان توصل واشنطن وموسكو الى اتفاق ما حول وقف النار في سوريا قد يخفف من خطوط النار بين السعودية وايران.

ـ العودة الى الدوامة ـ

بري قال «فليفتشوا عني بعد اليوم»، نقل عنه النواب اثر لقاءالاربعاء، ما يعنيه ان الكل الآن في مأزق، طار الحوار فتطاير المتحاورون. الواضح في تصريحات، ومواقف، الامس، انها العودة الى الدوامة، ولكن الى اين تفضي الدوامة؟
حتى هذه اللحظة، الاعتماد على «حزب الله» في تدوير الزوايا، اي في اقناع عون باعادة النظر في التصعيد، لكن 30 ايلول بات على الابواب، ووزير الدفاع سمير مقبل سيوقع، حتماً، قرار التمديد للعماد جان قهوجي، التصعيد سيبدأ قبل ذلك حتماً.
ولعل المثير هنا ما يقوله وزير من تيار المستقبل «ما على عون الا ان يظل حارساً للفراغ حتى 30 ايلول 2017. حينذاك يغادر قهوجي اليرزة الى منزله ويفقد حظه في رئاسة الجمهورية».
هل يستطيع الجنرال ان ينتظر؟ وما هي الضمانات بالا تحدث تطورات دراماتيكية لمصلحة قائد الجيش، حتى وان اعتبر بعض اركان التيار الوطني الحر ان المرحلة المقبلة هي مرحلة ديبلوماسية وليست مرحلة عسكرية.

ـ تورية لتعطيل الحكومة ـ

للمرة الاولى يكون بري قلقاً الى هذا المستوى، هذا ما نقله النواب الذين نقلوا ايضــاً انه جرّب كل شيء، و«لم تعد لديه اي مبادرة يقدمها»، معتبراً «ان تعطيل الحوار هو تورية لتعطيل الحكومة». 
حذر من مسار تعطيل المؤسسات وشل لبنان، لافتاً الى ان الحوار «شكل شبكة امان واطمئنان بصورة عامة»، مضيفاً «بأن دعوته الى استئناف الحوار مرتبطة بالجوهر وليس بالشكل، وانا مستعد للدعوة مجدداً اذا ما لمست جدية او امكانية لتحقيق نتائج ملموسة، ومن دون ذلك لا ضرورة».
كلام رئيس المجلس النيابي يعني ان لبنان بات خارج شبكة الامان. هذا يثير الكثير من الاسئلة حول المآلات التي يمكن ان يأخذها الوضع. لا رئىس جمهورية، ولا حكومة، ولا مجلساً نيابياً. ولا مجال امام اللبنانيين سوى ان ينتظروا في الملاجىء، كما انتظروا طويلاً في السابق، الى أن يبعث اليهم الخارج برئيس للجمهورية على طبق من القش...

ـ الخميس الكبير ـ

في الرابية، وحيث قرار التصعيد باتجاه «الخميس الكبير» في 13 تشرين الاول، ذكرى الخروج القسري من قصر بعبدا، فهل تكون العودة المظفرة الى القصر؟
الوزير السابق نقولا صحناوي شدد على التحرك الشعبي الواسع في ذلك اليوم، على ان تسبقه خطوات تصعيدية.
قرار الرابية ان الاخرين هم من يجب ان يتغيروا، وان الميثاقية هي الجوهر الذي تحدث عنه بري. بالتالي كل القوى يفترض ان تعيد النظر في مواقفها.
امس كانت الجلسة رقم 44 في مسلسل انتخابات رئاسة الجمهورية. لا نصاب كما جرت العادة، والجلسة المقبلة في 28 ايلول. وكما جرت العادة ايضا. عقد لقاء تنسيقي بين الرئيس فؤاد السنيورة والنائب جورج عدوان.
وكانعكاس لردة الفعل داخل تيار المستقبل على المواقف الاخيرة للتيار الوطني الحر، لا سيما لجهة رفع شعارات طائفية. وصف السنيورة كلام باسيل الاخير بـ«الخطير جداَ» معتبراً ان التطرف لا يعيش الا بوجود تطرف اخر.

ـ المريخ والقصر الجمهوري ـ

اوساط المستقبل استعملت تعابير عاصفة في وصف تلك المواقف والى حد القول ان وصول عون الى المريخ اسهل من الوصول الى قصر بعبدا، لتشير الى ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح وضع لبنان في مهب... الحرائق.
اما عدوان فحذر من ان يسقط الهيكل فوق رؤوس الجميع، داعياً الى ان نجلس معا قبل خراب البصرة.
جلسة مجلس الوزراء اليوم ستتحول الى جلسة تشاورية، ووزير السياحة ميشال فرعون سينسحب اذا ما تطرق المجلس الى مراسيم وقرارات ذات صلة بصلاحيات رئيس الجمهورية.
سلام لا يحتاج في هذه المرحلة، الى من ينصحه بـ«طول البال» دعا امس الى «مواجهة الازمة السياسية المستفحلة والتي طالت، دون ان تنبىء بفرج قريب».
وطالب الجميع، وفي المقدمة القوى السياسية الى تعزيز ودعم العمل المؤسسي والابتعاد عن التعطيل، مضيفا بـ«انني اسعى جهدي لاحافظ على دوري كحارس لهذا الكيان».